Atwasat

«مطعم الحب».. مبادرة لتوفير الطعام لمشردي تونس في ظل الأزمة الاقتصادية

القاهرة - بوابة الوسط السبت 10 فبراير 2024, 04:54 مساء
WTV_Frequency

تواجه تونس أزمة اقتصادية حادة انعكست تداعياتها على الحياة المعيشية للتونسيين، وفاقمت بدورها من مشكلة البحث عن مسكن التى يعاني منها آلاف المواطنين، ووسط هذه المعاناة أطلقت جمعيات من المجتمع المدني مبادرة لتوفير الطعام للمشردين لتسد رمق الأفواه الباحثة عن طعام في ظل هذه الظروف العصيبة.

وتنزح أعداد كبيرة من التونسيين من المناطق الداخلية الفقيرة إلى العاصمة والمحافظات الساحلية في البلاد بحثا عن عمل، وغالبا ما تصطدم بضعف الفرص، فتجد نفسها في الشارع، ويجد بعض ممّن فقدوا أعمالهم بسبب الأزمة الاقتصادية والمالية، وكذلك بسبب التفكك الأسري، أنفسهم يبحثون عن ركن دافئ داخل محطات المترو والحافلات وغيرها من الأماكن، ملجأ لهم. 

 نسبة الفقر  خلال 2021 بلغت 16.6%
تشير آخر الإحصاءات الرسمية إلى أن نسبة الفقر في البلاد خلال العام 2021 بلغت 16.6%، وترتفع في المناطق غير الحضرية إلى 24.8%، في بلد يقطنه نحو 12 مليون نسمة.

واقتصاد تونس مثقل بالديون ومتباطئ، إذ بلغت نسبة النمو 1,2% خلال العام 2023، وفق إحصاءات البنك الدولي، والبطالة 16%، مع ارتفاع التضخم إلى 8%.

وسلط تقرير لـ«فرانس برس» الضوء على الباحثين عن مأوى وخبز، فعند مدخل حديقة الحيوانات في تونس العاصمة، تنتظر ليلى في مأواها المصنوع من الورق المقوى والأغطية البالية فريق جمعية خيرية للحصول على بعض المأكل والمبلس. 

تبحث المرأة البالغة 50 عاما منذ ما يقرب من ثلاثة عقود عن مسكن في تونس التي تحاول حكومتها إيجاد حلّ للمئات من أمثالها الذين يعانون من تداعيات الأزمة الاقتصادية.

 «أعيش في الشارع شتاءً وصيفاً منذ أكثر من 27 عاماً»
وتوضح ليلى، وفق «فرانس برس»، خلال تثبيتها غطاء بلاستيكياً يقيها وكلابها صقيع ليالي الشتاء الباردة، قرب علم تونس المتدلي بجانب الفراش «أعيش في الشارع شتاءً وصيفاً منذ أكثر من 27 عاماً...أريد مسكنا ولو غرفة». وتؤكد أنها لم تستحمّ منذ حلول فصل الشتاء. 

وتقول مع وصول طاقمي منظمة «الإسعاف الاجتماعي» و«متحدون من أجل الإنسانية» وقد جلبوا لها كعادتهم كل يوم جمعة بعضا من الأكل والملبس «لا أريد الذهاب للمراكز الاجتماعية، يكفي أن أولاد الحلال يحنون عليّ، وبعض المنظمات يجلبون لي مساعدة».

وحُضّر هذا الطعام الذي تتناوله في مطابخ «مطعم الحب» الذي أطلقته قبل ثلاث سنوات جمعية «متحدون من أجل الإنسانية» لتوفير المأكل للمشردين. وفي باقي أيام الأسبوع، تكتفي ليلى بوجبة واحدة يومياً تقتصر في أكثر الأحيان على علبة سردين.

التقت ليلى مرات عدة بمسؤولين في الدولة بحثا عن مأوى لها، لكن «مازلت أنتظر»، وتقف منتعلة زوجي نعال متآكلة قائلة «وضعي الصحي لا يتحمل العمل والاجهاد... تعبت بتقدم العمر». فكّر صبري الثلاثيني الذي يبيع المناديل الورقية في شارع «الحريّة» في العاصمة، مرارا في الانتحار «مللت عشرين عاما في الشارع وليس هناك حل بعد». 

«مطعم الحب» للفقراء 
لا تتوفر احصاءات دقيقة عن عدد المشردين في تونس التي انطلقت حكومتها في العمل على ملف المشردين في الشوارع منذ العام 2017، وتتقاسم مع منظمات المجتمع المدني عملية إحصائهم وتقديم المساعدات الأولية، ونقل من يقبل منهم إلى مركز إيواء مخصص لهذه الفئة.

-  تونس.. تعيين ثلاثة وزراء جدد بينهم وزيرة للاقتصاد وسط تعثر المفاوضات مع صندوق النقد
-  البنك الدولي يتوقع تراجع الاقتصاد التونسي 3.4% بحلول 2030
-  تونس تطرح سندات محلية لجمع 700 مليون دينار

«متحدون من أجل الإنسانية» واحدة من الجمعيات التي أرست مبادرة فريدة من نوعها في تونس قبل ثلاث سنوات، تتمثل في إنشاء مطعم يقصده زبائن يدفعون بشكل طوعي مبلغا إضافيا مقابل وجبة تقدم للمحتاجين الذين يتوافدون على المطعم.

في حي لافيات في قلب العاصمة تونس، تجتمع في «مطعم الحب» فئات المجتمع المختلفة، من الموظفين والفقراء وغيرهم. ويوزع العاملون في المنظمة بالتعاون مع السلطات الأكل الذي يتم إعداده في المطعم على المشردين في شوارع العاصمة.

يقول رئيس المنظمة نزار خذاري (39 عاما) إن المطعم «اجتماعي إنساني، وهو الأول من نوعه في تونس. كل ما نجمعه من أرباح تذهب لفاقدي المأوى، وكذلك نوظّف البعض منهم معنا». ويضيف «نحاول أن نكون دافعاً لهم للعودة والاندماج في المجتمع». يُباع كل يوم ما بين 400 و450 طبقاً، 30% منها تقدم للفقراء والمشردين الذين «تزداد أعدادهم».

«إمكانات محدودة»
يؤكد خذاري أن «الوضع الاقتصادي لديه تأثير قوي على هذه الفئة الهشة»، متوقعاً ازدياد أعداد المشردين «بسبب ارتفاع الأسعار وندرة العمل». ولفتت المبادرة انتباه تونسيين كثر، بينهم الموظفة أسماء التي ترتاد المطعم يومياً لأنها «لاحظت كمّ التفاعل في مواقع التواصل الاجتماعي»، معتبرة أن المبادرة «تعزز التضامن بين أفراد المجتمع».

وقدّمت وزارة الشؤون الاجتماعية خلال العام 2023 مساعدات لنحو 223 شخصا من فاقدي المأوى في إقليم تونس الكبرى الذي يضم أربع محافظات كبرى، بينما تغيب هذه الخدمات في أغلب محافظات البلاد، خاصة تلك التي ترتفع فيها نسب الفقر.

ويقرّ مدير مركز الإحاطة والتوجيه الاجتماعي التابع لوزارة الشؤون الاجتماعية في تونس رفيق بوكتيف بأن العوامل الاقتصادية تساهم بدرجة كبيرة في تنامي أعداد المشردين في البلاد، «رغم وجود الكثير من البرامج للإحاطة بهم».

يعمل المركز الذي يؤوي نحو 50 شخصا من المشردين، بميزانية تقدر بـ400 ألف دينار (128 ألف دولار) من أجل تقديم خدمات الإحاطة إلى أقصى عدد ممكن من الأشخاص، بالتعاون مع «الإسعاف الاجتماعي» و«متحدون من أجل الإنسانية».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
أسعار النفط تستقر قرب أعلى مستوياتها في شهرين
أسعار النفط تستقر قرب أعلى مستوياتها في شهرين
6.6 مليار دولار إيرادات السياحة المصرية بالنصف الأول
6.6 مليار دولار إيرادات السياحة المصرية بالنصف الأول
الأمين العام لـ«أوبك»: العالم لا يستطيع الاعتماد على الطاقة المتجددة فقط
الأمين العام لـ«أوبك»: العالم لا يستطيع الاعتماد على الطاقة ...
الضرائب تُشعل تظاهرات جديدة في كينيا
الضرائب تُشعل تظاهرات جديدة في كينيا
تراجع طفيف للتضخم في منطقة اليورو خلال يونيو
تراجع طفيف للتضخم في منطقة اليورو خلال يونيو
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم