Atwasat

هكسلي يُثني على رواية جورج أورويل

القاهرة - بوابة الوسط الإثنين 17 نوفمبر 2014, 09:02 مساء
WTV_Frequency

كان كل منهما قد أصدر كتابًا حول رؤيته للمستقبل ونجح كلاهما على طريقته في كسب آراء النقاد، فأرسل الكاتب ألدوس هكسلي رسالة للكاتب جورج أورويل يُثني فيها على روايته 1984 لتكشف مدى اختلاف أفكار الاثنين حول الكيفية التي سيتغيّر بها العالم.

رسالة هكسلي المبعوثة عام 1949 قبل شهور قليلة من صدور "1984" يركِّز فيها على الاختلافات بين رؤية أورويل ورؤيته التي عبّر عنها في رائعته «عالم جديد شجاع» أو "Brave New World"، وكانت العلاقة بين الاثنين قد بدأت سنة 1917، حينما كان هكسلي معلمًا لأورويل يدرِّس له اللغة الفرنسية في إيتُن.

صدرت رواية هكسلي قبل سبعة عشر عامًا من رواية أورويل، لكن رواية أورويل قدَّمت صورة كابوسية وأعلنت ميلاد عبارات مثل «الأخ الأكبر» و«جريمة التفكير» و«التفكير المزدوج»، والعديد من الشعارات التي باتت شائعة الاستخدام في وصف تزايد سيطرة الدولة، في حين كان تناول هكسلي مختلفًا، فالسيطرة على الشعوب عنده تتم من خلال سبل أخرى تمامًا.

ننشر هنا نص الرسالة نقلاً عن صحيفة 24

***
رايتوود كاليفورنيا
21 أكتوبر 1949
عزيزي مستر أورويل

كان عطفًا بالغًا منك أن تطلب من ناشرك إرسال نسخة إليَّ من كتابك الذي وصلني وأنا في غمار عمل كان يستوجب مني الكثير من القراءة والاستئناس بالمراجع، ولما كان كلل البصر يلزمني بترشيد قراءاتي، فقد وجب عليّ الانتظار طويلاً قبل الشروع في 1984.

ولما كنت أوافق النقاد في كل ما كتبوه، فلست بحاجة إلى أنْ أقول لك، مرة أخرى، كم هو جيد ومهم هذا الكتاب. فهل لي بدلاً من ذلك أن أتكلم عما يتعامل معه الكتاب، أعني الثورة النهائية؟

إنْ أولى لمحات الثورة المطلقة، أعني الثورة الكامنة في ما وراء السياسات والاقتصاديات، الرامية إلى التخريب الكامل لسيكولوجيا الفرد وفسيولوجيته، هي التي نجدها عند ماركيز دي ساد الذي كان يعد نفسه الامتداد والاستكمال لروبسبيير وبابويف.

وفلسفة القلة الحاكمة في 1984 هي السادية وقد بلغت منتهاها المنطقي بتجاوزها الجنس وإنكارها إياه.

ومسألة استمرار سياسة الحذاء على الوجوه إلى الأبد تبدو موضع شك. واعتقادي الخاص هو أنه سوف يصعب على القلة الحاكمة أنْ تجد من سبل الحكم ما هو أقل مشقة وإجهادًا لإشباع شبقها إلى السلطة، وستكون هذه السبل شبيهة بما أصفه في "عالم جديد شجاع".

لقد تيسِّر لي في الفترة الأخيرة أن أنظر في المغناطيسية الحيوانية والتنويم المغناطيسي وهالني رفض العالم على مدار المئة والخمسين عامًا الماضية أن ينظر بعين الاعتبار لاكتشافات مِسمير وبريد وإسديل وبقيتهم. فبسبب هيمنة المادية من ناحية، وبسبب الرغبة في نيل الاحترام من ناحية أخرى، لم يجد فلاسفة القرن التاسع عشر وعلماؤه في أنفسهم الرغبة إلى البحث في الغريب من حقائق سيكولوجيا الرجال العمليين من أمثال الساسة والجنود ورجال الشرطة، لتطبيقها في مجال الحكم.

وبفضل جهل آبائنا الطوعي هذا، تأخّرت الثورة المُطلقة لخمسة أجيال أو ستة. ومن حوادث الحظ السعيد أيضًا فشل فرويد في التنويم المغناطيسي وما أعقب ذلك من تهوينه من شأن التنويم المغناطيسي. فلقد أدّى ذلك إلى تأخير تطبيق التنويم المغناطيسي في علم النفس لأربعين عامًا على الأقل.

ولكن التحليل النفسي اليوم يتحد مع التنويم المغناطيسي، وبات التنويم المغناطيسي يسيرًا للغاية من خلال استخدام المخدرات التي تغري بالاستجابة للتنويم المغناطيسي وتجعل حتى أكثر الحالات عنادًا تلين أمامه. وأعتقد أن حكام العالم سوف يكتشفون على مدار الجيل التالي أن السيطرة بالتنويم المغناطيسي على الأطفال أكفأ وأنجع، وأنها وسيلة للحكم تفضل الهراوات والسجون، وأن شهوة السلطة أكمل إشباعًا بتحويل الناس إلى حب الاستعباد ودفعهم دفعًا إلى الطاعة.

بعبارة أخرى، أعتقد أن كابوس 1984 سوف ينتهي إلى التكيف مع كابوس عالم أشبه بالذي أصفه في "عالم جديد شجاع". وسوف يحدث التغيّر نتيجة الإحساس بالحاجة إلى مزيد من الفعالية.

في الوقت نفسه، وبطبيعة الحال، قد يكون ثمة الكثير من الحروب البيولوجية والذرية واسعة النطاق، وفي هذه الحالة تكون لدينا كوابيس من أنواع أخرى لم يتخيّلها أحد.

أشكرك مرة أخرى على الكتاب.
المخلص لك
ألدوس هكسلي.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
طنجة المغربية تجذب كبار موسيقيي الجاز
طنجة المغربية تجذب كبار موسيقيي الجاز
الفنان مهدي كريرة يُدخل البهجة على أطفال غزة ويصنع الدمى من بقايا المساعدات (فيديو)
الفنان مهدي كريرة يُدخل البهجة على أطفال غزة ويصنع الدمى من بقايا...
المنتج هارفي واينستين في المستشفى
المنتج هارفي واينستين في المستشفى
«غسوف.. غدامس القديمة» يشارك في مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي الدولي
«غسوف.. غدامس القديمة» يشارك في مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي ...
مأساة غزة تهيمن على «عنابة للفيلم المتوسطي» (فيديو)
مأساة غزة تهيمن على «عنابة للفيلم المتوسطي» (فيديو)
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم