فازت الكاتبة والروائية ليدي سالفير بجائزة «غونكور» هذا العام بروايتها «لا للبكاء»، والتي رشحت ضمن القائمة الصغرى؛ حيث كان من المنتظر أن ينحصر التنافس النهائي بين الفرنسي ديفيد فونكينوس عن رواية «شارلوت» والجزائري كمال داود عن رواية جادة عنوانها «مورسو - تحقيق مضاد».

وقد توجت سالفير بخمسة أصوات من لجنة التحكيم مقابل أربعة لداود لتصنف المرأة الحادية عشرة التي تتوج بكبرى الجوائز الفرنسية.

«لا للبكاء» رواية تسردها الكاتبة نفسها، كسيرة ذاتية تستخدم اسمها الحقيقي وهو ليدي أرخونا، كما وضعت الكاتبة والدتها مونسيرا مونكلوس أرخونا بطلة الرواية، أو مونتسي، كما صار أقرباؤها ينادونها.

يصف متن الرواية ما ترويه الأم لابنتها عن صائفة الجمر التي ما عادت تذكر سواها، وهما جالستان حول قدح من شراب الينسون وما تستدعيه البنت من مواقف جريئة للكاتب الفرنسي جورج برنانوس (1888- 1948) الذي دان مجازر قوات الجنرال فرانكو وتواطؤ رجال الدين في كتاب ناري عنوانه «المقابر الكبرى على ضوء القمر»، على الرغم من كونه كاثوليكيًا محافظًا ويمينيًا متطرفًا ومناصرًا للنظام الملكي.

ولكن الجرائم التي كان شاهدًا عليها أثناء إقامته بمايوركا هزت كيانه ودفعته إلى فضح ما يجري في إسبانيا والتنديد بحلفائه القدامى، وتفسر الكاتبة وقفته الشجاعة تلك بأنه «كان أقرب إلى روح الأرستقراطية العاملة منه إلى بورجوازية الريع والمال، وإيمانه الأخوي على غرار إيمان بازوليني، سرعان ما جعله يقف إلى جانب الفقراء المستضعفين والضحايا الأبرياء، تماشيًا مع تعاليم الإنجيل، أما القساوسة الإسبان فلم يستحوا من وقوفهم في صف الأثرياء، ضد فقراء السوء كما كانوا ينعتونهم».

«لا للبكاء» ليست رواية عن الحرب الإسبانية فقط بل هي أيضًا دعوة إلى الحذر من العودة إلى جحيم الماضي، تقول ليدي سالفير: «إذا كانت حكاية أمي عن تلك التجربة المتمردة التائقة إلى الحرية تملأ قلبي بنوع من المسرة شبيه بفرح طفولي، فإن حكاية الفظائع التي يرويها برنانوس وهو يواجه ليل البشر المظلم، وحقدهم وهياجهم ووحشيتهم تثير في نفسي خوفًا من رؤية بعض الأوغاد يستعيدون اليوم تلك الأفكار العفنة التي أعرف من زمن أنها نائمة».