Atwasat

«حارس مفاتيح» متاحف الفاتيكان يشرّع الأبواب فجراً قبل تدفّق الزوار

القاهرة - بوابة الوسط السبت 17 فبراير 2024, 06:55 مساء
WTV_Frequency

يفتح جانّي ليلاً الباب الرئيسي لمجمّع متاحف الفاتيكان حاملاً بيده مجموعة مفاتيح ضخمة، ثم يكمل جولته ليفتح أبواب صالات العرض التي تُعد من الأكثر استقطاباً للزوار في العالم.

ويقول الرجل الخمسيني الذي يحفظ أقفاله عن ظهر قلب إن «ثمة 2797 مفتاحاً بالضبط، لكل منها نسخة واحدة إلى خمس، وبالتالي يبلغ المجموع أكثر من عشرة آلاف مفتاح».، وفقا لوكالة «فرانس برس».

من درج برامانتي الضخم إلى معرض الخرائط الجغرافية، يتنقل جانّي كريا فجراً، ببدلته وربطة عنقه، بين المنحوتات الرخامية والآثار الرومانية ولوحات عصر النهضة، لكي يعدّ العدّة لنهار حافل. 

فبعد ساعات قليلة من إنجازه هذه المهمة، تضجّ القاعات الـ1400 التي تضمها المتاحف بجلبة آلاف السياح المتدفقين إليها، ولكن في ساعات الفجر هذه، وحده رنين سلسلة مفاتيحه المعدنية يخترق صمت المكان الغارق في الظلام.

متاحف الفاتيكان تعيد فتح أبوابها الإثنين
إيطالي يحتج من فوق كاتدرائية القديس بطرس في الفاتيكان
الفاتيكان يفتح تحقيقا في الاختفاء الغامض لفتاة قبل عقود

ويلاحظ جانّي خلال زيارة حصرية لفريقها إلى متاحف الفاتيكان أن «كل زاوية» في المكان «هي قطعة من التاريخ»، مشيراً بضوء مصباحه اليدوي إلى أعمال لرافاييل ودافنشي وكارافاجيو وسواهم.

وسعياً إلى إتمام المهمة صباحاً ومساء على كامل مسافة مسار الزيارات البالغ سبعة كيلومتراتً، يشرف جانّي على فريق يضم عشرة من «حاملي المفاتيح» (بالإيطالية clavigeri). 
ويوضح أن «مجمع المتاحف  مقسّم إلى أربع مناطق. وكل حامل مفاتيح يفتح ما بين 60 و75 باباً أي ما مجموعه أكثر من 270 باباً يومياً». 

ثمة دائماً أمور نتعلمها
ولم تقلل السنوات الخمس والعشرون التي أمضاها جانّي في هذه الوظيفة من حجم اندهاشه، ويقول الرجل الشغوف بالتاريخ الذي حصل على هذا العمل «مصادفة»: «ثمة دائماً أمور نتعلمها».

تبرز بعض المفاتيح المميزة من بين الكومة المعلّقة بحلقة فولاذية كبيرة. فأقدمها يعود إلى عام 1771 ويبلغ طوله نحو 15 سنتيمترا، ويفتح متحف بيو كليمنتينو.

ويُلاحظ أن بين المفاتيح ما يحمل علامات صفراء، وهي تلك المُستخدَمَة لإغلاق الأبواب المؤدية إلى القاعات التي يعقد فيها الكرادلة اجتماعات مغلقة لانتخاب البابا خلال المجمع السري.

لكنّ المفتاح الوحيد غير المرقّم هو الأهمّ، إذ هو ذلك الذي يتيح دخول كنيسة سيستينا الشهيرة المزينة بلوحات ميكيلانجلو الجدارية.

ويقضي بروتوكول صارم بأن يوضع هذا المفتاح كل مساء في مظروف مختوم ويُحفظ في خزنة محمية داخل قبو، مما يوفّر له «حداً أقصى من الحماية»، بحسب جانّي الذي كان يتحدث تحت صورة رسمية للبابا فرنسيس.

في السنوات الأخيرة، أصبحت جولة جانّي الصباحية أقل عزلة، إذ تتيح تذكرة خاصة VIP لمجموعات صغيرة تضمّ على الأكثر 20 زائراً، التعرّف إلى كواليس المتاحف الفاتيكانية، غير المعروفة لعامة الناس، وهي مبادرة من مديرها السابق.

ويعلّق جانّي الذي استقبل حتى عدداً من المشاهير كالممثلين الأميركيين سيلفستر ستالون وكريستيان بايل «توقعت إلاّ يأتي أحد أبداً في الخامسة صباحاً»، لكنها كانت خطوة ذكية. وهذا النوع من الزيارات بات اليوم يحتل المرتبة الثانية من حيث الإقبال على موقع شهير لحجوزات السفر.

وتبدأ الزيارة في مصعد خشبي واسع مصقول وتنتهي بإطلالة بانورامية فريدة على المدينة الخالدة والنباتات الوارفة لحدائق الفاتيكان، وقبة كاتدرائية القديس بطرس. 

لكن أبرز محطات الزيارة هي كنيسة سيستينا، تحفة الفن والهندسة المعمارية التي أصبحت مقصداً للزوار ومحبي السينما.

وما يميّز هذه الزيارة أنها لا تأتي على عجل وسط ضغط زحمة طوابير السياح، ولا في ظل مناشدات للتقدم من دون التوقف للتصوير، بل في ظل صمت المكان وعظمته. 

ويتيح هذا «الامتياز الاستثنائي» لكل زائر أن يشعر بأن المكان كله له وحده، ويُمَكِنّه من «إمعان النظر في الأعمال بهدوء تام»، على ما يشرح جانّي.

ومع تطوّر المتاحف، تطوّرت مهمة هذا الكاثوليكي الذي حصل على الوظيفة عام 1998 بدعم من كاهن في الرعية التي ينتمي إليها، وما كان منه إلا أن نقل شغفه إلى آخرين.

ويروي أن فريق «حامي المفاتيح» لم يكن يضم سوى ثلاثة عندما بدأ عمله.

ويقول «شيئاً فشيئاً، بدأت بتعلّم لغات مختلفة، كالإنكليزية والإسبانية والفرنسية، وبدراسة تاريخ الفن لتعميق معرفتي. إنها جذورنا، وأنا سعيد جداً بها».

وسبق للرجل الذي عاصر عهود ثلاثة باباوات هم يوحنا بولس الثاني وبنديكتوس السادس عشر وفرنسيس، أن التقى البابا الأرجنتيني الحالي، ولكن لم تُتح له بعد الفرصة لمرافقته في زيارة خاصة. ويقول مازحاً: «البيت بيته، لذا يمكنه المجيء متى أراد».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
طنجة المغربية تجذب كبار موسيقيي الجاز
طنجة المغربية تجذب كبار موسيقيي الجاز
الفنان مهدي كريرة يُدخل البهجة على أطفال غزة ويصنع الدمى من بقايا المساعدات (فيديو)
الفنان مهدي كريرة يُدخل البهجة على أطفال غزة ويصنع الدمى من بقايا...
المنتج هارفي واينستين في المستشفى
المنتج هارفي واينستين في المستشفى
«غسوف.. غدامس القديمة» يشارك في مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي الدولي
«غسوف.. غدامس القديمة» يشارك في مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي ...
مأساة غزة تهيمن على «عنابة للفيلم المتوسطي» (فيديو)
مأساة غزة تهيمن على «عنابة للفيلم المتوسطي» (فيديو)
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم