Atwasat

النيجر تحاول جاهدة الحفاظ على موسيقاها التقليدية

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 07 يناير 2024, 10:17 صباحا
WTV_Frequency

من داخل كوخ غارق في الظلام، يتردد صدى سلسلة من ضربات موسيقى منخفضة وعالية يتخللها نداء بلغة الهوسا: موسيقي نيجري يرسل برقية تقليدية تُقرع على طبلة. 

«هل ترى؟ لقد سمع اسمه!»، يقول أومارو أدامو، الملقب «ميدوما»، وهو أحد أشهر الموسيقيين التقليديين في النيجر والأستاذ الكبير للدوما، وهي آلة إيقاع نموذجية لتراث الهوسا، يعدل ترددها من خلال تحريك قدمه الحافية على غشاء من جلد الماعز. 

قلة من الناس تفهم الآن هذه اللغة المشفرة، والشباب النيجري الذي يعشق موسيقى الراب والموسيقى الإلكترونية، غفل عن اكتساب هذه الخبرة.

خلال إحدى التظاهرات، يضع أدامو رداء المسرح باللون الأزرق السماوي ويصبح «ميدوما» مرة أخرى. تلمع عيناه عندما يبدأ بنقر إيقاعاته المفضلة: «حظا سعيدا! عمل جيد! عاش! الله أكبر!».

هو سفير موسيقى النيجر على مسارح العالم، بات أدامو الآن الوصي عليها في مركز التدريب والترويج الموسيقي (CFPM)، وهي مؤسسة حكومية تأسست عام 1989 في نيامي. 

عدد قليل جدا من الأشخاص الفضوليين يأتون لزيارة «متحفها»، وهو صندوق دائري في زاوية (CFPM) حيث توجد مجموعة من الآلات الإيقاعية والوترية والنفخية التي جرى إنقاذها من حريق المتحف الوطني عام 2011. 

يقول أدامو آسفا «آلاتنا الموسيقية التقليدية مهددة بالزوال، وشباب اليوم جميعهم يريدون العزف على الآلات الحديثة، مثل الغيتار والطبول».

واذا كانت نخبة الموسيقى النيجرية التقليدية لا تزال موجودة يوميا بين مباني (CFPM)، فإن أساتذة الدوما، كالانغو وغورومي ومولو أصبحوا نادرين. آلاتهم وإيقاعاتهم ومعانيهم القديمة مهددة بالزوال معهم.

 شباب غير صبور
من جهته، يقول يعقوب موموني الملقب بـ«دينكي دينكي»، مغني الفولاني الشهير وعازف الناي، «كم عدد الفنانين الذين يتدربون هنا؟ لقد انتهى الأمر، لقد رحلوا جميعا».

يؤدي نقص التمويل إلى إحباط كل مشاريع الحفاظ على الآثار في بلد يعتبر بين أفقر البلدان في العالم، وحيث يشكل الأشخاص الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة 70% من السكان.

كما أن التوترات الدبلوماسية بين السلطات العسكرية الحاكمة وشركاء غربيين منذ انقلاب 26 يوليو، لا تبشّر عالم الثقافة بالخير بعدما استفاد لفترة طويلة من تمويل أجنبي.

لكن المشكلة أعمق والتشخيص الذي أجراه عمداء الموسيقى بالإجماع هو أن الشباب «غير صبورين» ويفضلون التأليف على الكمبيوتر بدلا من الخوض في مسار تعلّم طويل وذي عائد مالي منخفض.

يقول موموني الذي أصبح ابنه تلميذه الوحيد حاليا، إن النظرة في النيجر إلى «المؤدين ليست كما هي عليها في مالي أو السنغال. في النيجر، عندما تكون مؤديا، (ينظر إليك) على أنك مبتذل بعض الشيء في المجتمع».

مخرجة غانيّة ترغب في إخراج السينما الأفريقية من سباتها
صغار طموحون يرقصون الباليه في شوارع لاغوس لكن بلا موسيقى
من متسول في الشارع إلى نجم غناء في نيجيريا

على عكس البلدين الجارين مالي ونيجيريا، لم تتمكن الموسيقى التقليدية في النيجر من «الانفتاح على أنماط الموسيقى العالمية الأخرى» والتطور كما يرى الفنان والأستاذ ماهاماني ساني، وبناء على هذه الملاحظة، ينظم منذ العام 2018 ورش عمل لشباب متحدر من أوساط فقيرة حيث يتعلمون العزف وصنع الآلات التقليدية.

يؤكد هذا المتخصص في الموسيقى الوطنية ان هذين النشاطين لا يمكن فصلهما لأنه بحسب التقاليد «من يعزف على الآلات يجب أن يكون قادرا على صنعها بنفسه».

على بعد خطوات قليلة من متحف الآلات، في أحد الفصول الدراسية لـ (CFPM)، يتعلم حوالى عشرة طلاب تحت إشرافه، كيفية استخدام غورومي، وهي آلة وترية من أصل الهوسا.

 لدينا آلاتنا الموسيقية الخاصة
تضع عايشاتا ادامو التي تغطي راسها بحجاب أبيض، الأوتار الأولى بحذر. تقول «إذا تمكنت من بيع آلة غورومي واحدة فقط، فسيكون هذا المشغل مفيدا لنا».

بدأ بعض الطلاب من صفوف سابقة مسيرة موسيقية. ووجد آخرون عملا في شركة تصنيع الآلات الموسيقية والفنون المسرحية التي أسسها ماهاماني ساني.

إلى جانب العثور على عمل لهؤلاء الشباب، فإن الأمر يتعلق بـ«فتح أعينهم، وجعلهم يفهمون ما يمكنهم كسبه، وما هي الفائدة التي ينطوي عليها كونهم حاملين لقيم الأجداد هذه»، كما يؤكد هذا الأخير.

خطاب يتردد صداه لدى الشباب الذين يؤكدون هويتهم. ويتساءل عمرو أبورحمان، مغني الراب الشاب الذي يشارك في ورشة العمل «نحن نقلّد الأشخاص الموجودين في الخارج، لكن لدينا آلاتنا الموسيقية الخاصة، فلماذا لا نعمل عليها؟». 

هذا يكفي لتعزيز تفاؤل أومارو أدامو الذي يهدف إلى تدريب «متطوعين شباب من جميع مناطق النيجر» في عام 2024 إذا سمحت المصادر المالية بذلك.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
سعيد حامد يوثق حرب طرابلس وواشنطن.. وتاريخ الصحافة الليبية
سعيد حامد يوثق حرب طرابلس وواشنطن.. وتاريخ الصحافة الليبية
متحف رينا صوفيا يغير اسم أنشطة انتقدتها السفارة الإسرائيلية
متحف رينا صوفيا يغير اسم أنشطة انتقدتها السفارة الإسرائيلية
مسابقة للواقع الافتراضي بمهرجان «كان»
مسابقة للواقع الافتراضي بمهرجان «كان»
عرض مسرحية «عم تبحث» في الخمس
عرض مسرحية «عم تبحث» في الخمس
«كوبولا» يتلقى آراء متباينة حول أحدث أفلامه في «كان» (فيديو)
«كوبولا» يتلقى آراء متباينة حول أحدث أفلامه في «كان» (فيديو)
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم