Atwasat

خالد الميلودي من السطو إلى السطور.. شاعر وُلِد وراء القضبان

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 08 ديسمبر 2023, 05:12 مساء
WTV_Frequency

اكتشف خالد الميلودي الجزائري الأصل خلال الأعوام التسع والعشرين التي أمضاها وراء قضبان السجون الفرنسية لتورطه في السرقة، أن الشِعر يمكن أن يكون خشبة الخلاص له، وهو يحرص اليوم باستمرار على أن يُطلع السجناء الآخرين على تجربته.

ويروي الميلودي المولود في الجزائر خلال حربها لـ«وكالة فرانس برس» خلال هذه الزيارة أن كل الظروف الإشكالية اجتمعت منذ البداية في حياته لتقوده إلى ما وصل إليه، من انتقاله إلى فرنسا في سن الخامسة، مروراً بـ«عنف الأب» وإيداعه «لدى عائلة مضيفة» وتوجهه إلى «الملاكمة» وهو بعد مراهق.

ويضيف «عندما كنت صغيراً، كنت غاضباً ومستاءً، وكانت لدي غريزة بقاء قوية». وأدى هذا المزيج إلى ما يصفه بـ«أول خروج عن الطريق»، إذ حُكم عليه عندما كان في التاسعة عشرة بالحبس لمدة عام بعد شجار.

وفي سجن فلوري ميروجي، تصادَقَ مع اللصوص الأكبر منه سناً الذين تبنّوه. ويقول «في ظل النقص العاطفيّ لديّ، كنت أبحث عن عائلة، واعتقدتُ أنني وجدت واحدة».

درَجَ الميلودي على التردد إلى السجن المخصص للحبس الاحتياطي في كوربا، بالقرب من ليون، مع أنه لم يمكث يوماً وراء قضبان زنزاناته. ورغم استعادته حريته منذ عام 2021، لا يزال هذا الرجل البالغ 63 عاما يتصرّف كالسجين.

سهل التأثير على المستمعين
في غرفة مزيّنة بصور الكتّاب، يجلس نحو عشرة سجناء على شكل حلقة، وينصتون إلى ما يقوله الميلودي بصمت مطبق. ويعلّق أحدهم واصفاً الرجل بأنه «واثق بنفسه»، إذ يدرك أن «مسيرته المضطربة» توفّر له «صدقية» تسهّل له التأثير في المستمعين إليه.

عند إطلاقه، التقى رفاق السجن السابقين في إحدى الحانات، فبدأت «مرحلة ثانية من حياته، حافلة بأعمال السطو، وبذهاب وإياب مستمرين إلى السجن ومنه»، وبقيت الحال على هذا المنوال سنوات عدة، وُلد خلالها أبناؤه الستة.

وفي عام 2007، دانه القضاء بمهاجمة مركبة لنقل البضائع في باريس وبعملية سطو تخللها إطلاق نار على عناصر شرطة في روان. وحُكِم عليه بالسجن 30 عاماً، أي أنه كان ليمضي بقية حياته وراء القضبان إذ كان في السابعة والأربعين.

صنّف في السجن ضمن الخطرين
وصُنّف الميلودي من السجناء الذين ينبغي إخضاعهم لرقابة مشددة، وأودِع أقساما من السجن مخصصة لهذه الفئة، وراودته فكرة الانتحار، لكنّ الغلبة في نهاية المطاف كانت للرغبة في الحياة، واتجه إلى الكتابة التي لم يسبق له أن مارسها.

ويروي «أنا الذي لم أكن راجعتُ ضميري يوماً، بعد أن بكيتُ كثيراً، بدأتُ بكتابة قصائد عن سيرتي الذاتية».

وفي أبيات قصائده الموزونة والمقفاة، أجرى خالد تشريحاً لما عاناه في بيته من «وحشية» والده، كذلك أجرى بالشعر نقداً ذاتياً لما اتخذه من «خيارات سيئة» ولما عاناه في السجن، وشيئاً فشيئاً، شعر بأنه يتعافى. 

الشاعر الليبي هود الأماني ضيف ملتقى الجزائر للإبداع الأدبي والفني
«سيرة شاعر الوطن» في ندوة بمعرض بنغازي الدولي للكتاب
ماكرون يدافع عن شاعر «مثير للجدل»

ويشدد على أنه لا يعتبر نفسه «ضحية»، بل «شخصاً حصلت له معجزة». ويضيف «لهذا السبب أستطيع العودة إلى السجن: لقد تحررتُ من غضبي».

وبعد إطلاقه في يناير 2021، انتقل إلى باريس. وعمل لمدة عامين كسائق توصيل، وروى حياته في كتاب بعنوان «ألوان الظل» صدر عام 2022.

من سجين إلى شاعر مسرحي
وهو اليوم يتلو قصائده على خشبة المسرح مع عزف مُرافِق على البيانو، ويأمل في أن ينشر قريباً ديواناً شعرياً بعنوان «الكلمات تحت الجلد». والأهم أنه يدير ورش عمل للسجناء والشباب الذين يواجهون صعوبات أو تلاميذ مدارس ثانوية لمساعدتهم في «العثور على خلاصهم».

وتقول سجينة تبلغ 38 عاماً جاءت للاستماع إليه في كوربا «الكتابة هي ما ساعده، أما أنا، فالقراءة هي التي تساعدني على تجاوز أوقات الحبس». وهي وجدت في الكتب «طوق نجاة» ومع أنها لم تكن توليها أهمية سابقاً، ما عادت تبارح مكتبة السجن.

 ويتوجه سجين آخر إلى خالد الميلودي بالقول «أكنّ لك احتراماً كبيراً، إنها خطوة كبيرة بالنسبة لسجين سابق أن يعود إلى السجن». ويستنتج أن السجين السابق «سامح نفسه ويريد الآن إعطاء المفاتيح للآخرين».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
الأصفر يروي «سيرة الدوبلير» في آخر إصداراته الروائية
الأصفر يروي «سيرة الدوبلير» في آخر إصداراته الروائية
هنا ليبيا: مؤتمر التحركات البشرية وظاهرة الهجرات في ليبيا عبر العصور التاريخية
هنا ليبيا: مؤتمر التحركات البشرية وظاهرة الهجرات في ليبيا عبر ...
الفنان التشكيلي الروسي ألكسندر شيلوف
الفنان التشكيلي الروسي ألكسندر شيلوف
موسيقيتان تسعيان لتأليف موسيقى تنافس هيمنة الرجال
موسيقيتان تسعيان لتأليف موسيقى تنافس هيمنة الرجال
وفاة الشاعر السعودي بدر بن عبدالمحسن عن 75 عاماً
وفاة الشاعر السعودي بدر بن عبدالمحسن عن 75 عاماً
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم