Atwasat

جبران خليل جبران حاضر بقريته «بشرى» في مئوية كتابه «النبي»

القاهرة - بوابة الوسط الإثنين 06 نوفمبر 2023, 01:28 مساء
WTV_Frequency

من تمثال للمفكر والرسام جبران خليل جبران عند مدخل بشري بشمال لبنان، يدرك الزائر أنه وصل إلى مسقط صاحب كتاب «النبي» الشهير الذي يُحتفل هذه السنة بمئوية صدوره، وفي المتحف الذي يحتضن رفات المؤلف منذ وفاته العام 1931، يمكن الاطلاع على نسخ بأكثر من لغة من الكتاب. والكتاب الذي حظي بشهرة بعد نشره في سبتمبر 1923 وترجم إلى 115 لغة بات المفضل لملايين القراء في مختلف أنحاء العالم.

وفي تقرير لوكالة «فرانس برس» لمناسبة المئوية، يقول جوزف جعجع مدير متحف جبران خليل جبران  إن الكتاب « قريب من روحية كل فرد، عبر معالجة فضايا الموت والحياة والصداقة والحب والأولاد وسواها. فيشعر كل قارئ أينما وجد أن الكتاب يعنيه ويمسه في الصميم»، سواء كان «مسيحيا أو مسلما أو يهوديا أو غير مؤمن»،

«ويل لأمة تكثر فيها المذاهب والطوائف وتخلو من الدين»
وجبران الذي كتب في «النبي» عبارة «ويل لأمة تكثر فيها المذاهب والطوائف وتخلو من الدين»، مجموعة كبيرة من الأقوال يتصدر بعضها السور الخارجي للمتحف. وتعلق بالكتاب زعماء عالميون ومشاهير، كإمبراطورة اليابان ميتشيكو ورئيسة الوزراء الهندية الراحلة إنديرا غاندي وعضو فرقة «بيتلز» جون لينون والمغني جوني كاش وكثر سواهم، وكان نجم الروك الأميركي إلفيس بريسلي «يدون عليه ملاحظاته ويهديه إلى أصدقائه ويعتبر أنه قلب حياته»، بحسب نجار.

-سلمي حايك تفتتح «النبي» في لوس أنجليس
-«النبي» في مهرجان «تورنتو»

ويرى نجار أن أسلوب الكتاب «يذكر بالإنجيل على غرار عبارة (الحق أقول لكم)» التي كان يخاطب بها المسيح تلاميذه. ويقترب كذلك من كتاب «هكذا تكلم زرادشت» للفيلسوف الألماني فريدريتش نيتشه. لكن جبران بدا في كتابه «أكثر شاعرية وأقل فلسفة»، ملاحظا أن في كتابه «النبي» صور «مستقاة من عالم التصوف».

أما الكاتبة والرسامة اللبنانية الفرنكوفونية زينة أبي راشد التي أصدرت أخيرا كتابا بالفرنسية حولت فيه «النبي» إلى قصة مصورة من 400 صفحة، فترى أن «نص جبران ليس كسائر النصوص. كان تحديا جميلا». وتشدد على أهمية «إعادة نشره بطريقة مختلفة لكي يكتشفه الجيل الجديد من لبنانيين وغير لبنانيين»، حسب تقرير «فرانس برس»

الدير متحفا
على طاولة في إحدى غرف المتحف في بشري حيث ولد جبران العام 1883، تُعرض الترجمات الأولى لكتاب «النبي»، وبلغ عددها 11 ترجمة خلال المرحلة الممتدة من 1923 إلى 1931، أبرزها الألمانية والهولندية. ويضم المتحف 53 ترجمة، من بينها أيضا السويدية والصينية والنرويجية. وأقيم المتحف الذي يطل على جبل المكمل من الجهة اليسرى ووادي قاديشا من الجهة اليمنى وتحيط به غابة تطغى عليها أشجار السنديان.

ويروي جان بيار رحمة الذي يعمل في المتحف أن جبران الفتى كان يتردد دائما على الدير ويرسم رئيسه بالفحم جالسا على المصطبة أمام مدخله الرئيسي. ويوضح جوزف جعجع أن «رغبة شديدة بالعودة إلى بشري كانت موجودة لدى جبران، بعدما هجرها وهو في الثانية عشرة مع والدته وشقيقه وشقيقتيه. (...) لكنه توفي» قبل تحقيق هذه الرغبة.

وبعد وفاته، وافق الرهبان على أن يبيعوا الدير والأرض المحيطة به الى شقيقته مريانا، وتحول مدفنا له في أغسطس العام 1931، ثم متحفا لأعماله التشكيلية ومخطوطاته ومقتنياته العام 1975.

لوحاته نصوص
ويعرض المتحف 150 لوحة لجبران من أصل 440 لوحة موجودة لديه، إضافة إلى ألف كتاب موزعة على الغرف في طبقاته الثلاث. وكانت بداية جبران بالرسم بقلم الرصاص والفحم. وفي سنة وفاته عاد إلى الأبيض والأسود، ولكن أيا كانت التقنية المتبعة فيها، تحمل لوحاته بأحجامها المتفاوتة «نظرته الروحانية العميقة إلى الوجود، إلى الموت والحياة في آن واحد»، وتطغى الأجساد العارية على عدد منها. فالطبيعة هي الأساس في نتاج ريشته، و«هي الأم الحاضنة لكل الكائنات، هي الأرض، وهي المرأة التي وقفت إلى جانبه»، على حد وصف مدير المتحف يوسف جعجع.

ويحتضن المتحف بورتريهات لأصدقاء وشخصيات عرفها جبران من بينها مي زيادة التي ربطته علاقة حب أفلاطونية معها، والمحلل النفسي السويسري كارل يونغ، والشاعر وكاتب مسرحية سيرانو دو برجوراك الفرنسي إدمون روستان، والأديب الفيلسوف الهندي طاغور، والكاتبة الأميركية تشارلوت تيلر وسواهم.

ونقلت وكالة «فرانس برس» عن المدير العام لمتحف إتيان دينيه الوطني في الجزائر رابح ظريف قوله «كأن جبران عندما كان يعجز عن التعبير كتابة، كان يلجأ إلى الرسم وبالعكس. لوحاته نصوص مفتوحة». ويرى ظريف أن لوحات جبران التي يتوزع عدد منها على متاحف عالمية، «تحمل أفكارا رؤيوية تجاوز فيها عصره»، مستنتجا أن رسم المرأة العارية كان أشبه «برد فعل من جبران على قمعها في المجتمعات العربية، وكأنه يدعو إلى تحررها».

50 ألف زائر سنويا لمتحف جبران
وتأثرت حركة زوار المتحف منذ أسابيع بالتوتر القائم في لبنان على خلفية الحرب بين حركة حماس وإسرائيل. لكن عندما يكون الوضع مستقرا، يصل عدد الزوار إلى 50 ألفا سنويا، وفق جعجع الذي يشرح أن «المتحف يستقبل في الربيع زوارا أوروبيين، وفي الصيف يأتي اللبنانيون المغتربون فيصل الإقبال إلى ذروته، وما بين هذين الفصلين يقصد المتحف سياح من دول عربية». كما يقصده زوار من الولايات المتحدة وكندا ومن أميركا اللاتينية وأستراليا. و«تتراجع الحركة في الشتاء»، وفق «فرانس برس».

ويزور هؤلاء مدفن جبران داخل مغارة محفورة في الصخر حيث وضع بورتريه له بريشة الرسام اللبناني يوسف الحويك. وفي إحدى القاعات، أثاث وأغراض من منزل جبران في نيويورك: إبريق شاي على طاولة منخفضة، وكرسي خشبية ومرآة إطارها برونزي. وكان جبران يجمع صلبانا وأقنعة. أما مكتبته، فتتوزع محتوياتها على أربع غرف، وتضم مجموعة «البؤساء» لفيكتور أوغو وقصص شيرلوك هولمز وكتبا تاريخية ولاهوتية وفلسفية.

الاستعداد للاحتفال بمئوية «النبي» بمقر الأمم المتحدة
وجُهز المتحف بآلات تعدل الحرارة والرطوبة للحفاظ على اللوحات والمحتويات. وتعتمد إدارته منذ عشرة أعوام «مكننة العمليات وتحديثها من خلال جهاز دليل الصوت ولافتات الشرح التوضيحي المعلقة على الحائط». وللمتحف منشورات عدة ويتعاون مع متاحف في الخارج لتنفيذ معارض للوحات جبران ومقتنياته ومخطوطاته. وأعدت إدارة متحف جبران العدة للمشاركة على مدى عام ونصف العام في معرض في مقر الأمم المتحدة في نيويورك لمناسبة مئوية «النبي».

ويوضح جعجع أن المتحف «اختار 23 لوحة نسبة إلى 2023 (...)، من بينها ما يمثل الأشخاص الذي كان لهم دور أساسي في كتاب «النبي» على غرار والدة جبران الداعمة الأساسية له». وشارك المتحف بالعشرات من لوحات جبران في معرض أقيم في نيويورك، ضم نحو 110 لوحات لجبران موجودة في المتاحف الأميركية.

«أرزة من أرزات لبنان»
ويكشف مدير المتحف أن البرازيل أصدرت طابعا بريديا في مناسبة المئوية. وتنتهي أنشطة المئوية بمشاركة في معرض الشارقة الدولي للكتاب الذي افتُتِح أخيرا، وفي مؤتمر عن جبران بجامعة صوفيا في بلغاريا في ديسمبر. وتشكل هذه المكانة العالمية لجبران خليل جبران، مصدر فخر في بشري وكل لبنان.

وقرب المنزل الصغير الذي عاش فيه طفلا في ساحة بشري، والذي يتوسط حديقته المهملة اليوم تمثال نصفي له أقيم على قاعدة رخامية، تقيم المسؤولة عن المنزل نايلة كيروز التي تحرص على أن تطل من شرفتها القريبة منه لتتفقده، حتى لو كانت في إجازة. وتقول دامعة «ماذا يعني لي جبران؟ الكثير. أنا أعتبره أرزة من أرزات لبنان».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
خبراء يزعمون اكتشاف سر «لعنة» توت عنخ آمون
خبراء يزعمون اكتشاف سر «لعنة» توت عنخ آمون
ساعة جيب لأغنى ركاب «تيتانيك» تُباع بمزاد
ساعة جيب لأغنى ركاب «تيتانيك» تُباع بمزاد
طنجة المغربية تجذب كبار موسيقيي الجاز
طنجة المغربية تجذب كبار موسيقيي الجاز
الفنان مهدي كريرة يُدخل البهجة على أطفال غزة ويصنع الدمى من بقايا المساعدات (فيديو)
الفنان مهدي كريرة يُدخل البهجة على أطفال غزة ويصنع الدمى من بقايا...
المنتج هارفي واينستين في المستشفى
المنتج هارفي واينستين في المستشفى
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم