تحتضن برشلونة معرضاً مزدوجاً يشكّل حواراً بين الفنانَين ميرو وبيكاسو الّلذين كانت تربطهما صداقة دامت خمسين عاماً، وحب مشترك للمدينة الكتالونية، إذ وُلِد أحدهما فيها، بينما كانت منطلقا لبروز الآخر وشهرته.

ويضمّ هذا المعرض، الذي افتتح في نهاية الأسبوع الماضي وسيستمر إلى 25 فبراير بتنظيم من متحف بيكاسو ومؤسسة جوان ميرو في برشلونة، أكثر من 300 عمل ووثيقة للرسامين الإسبانيين، موزعة على المؤسستين، حسب وكالة «فرانس برس».

وتوفّر هذه الأعمال المأخوذة من مجموعات عامة وخاصة من مختلف أنحاء العالم رحلة تتوزع محطاتها بحسب الموضوع عبر اللحظات المشتركة بين الفنانين، بحسب المنظّمين.

ويندرج هذا المعرض المزدوج في إطار الاحتفالات التي تقام لمناسبة الذكرى الخمسين لوفاة بابلو بيكاسو (1881-1973). ويتحدر بيكاسو من ملقة في جنوب إسبانيا، ولكنه انتقل إلى برشلونة في سن الرابعة عشرة.

الارتباط ببرشلونة نقطة انطلاق المعرض
كذلك يتزامن أيضاً مع الذكرى الأربعين لوفاة جوان ميرو (1893-1983) الذي كان يصغره باثني عشر عاماً، وهو أحد رموز الحركة السريالية، والعاصمة الكتالونية التي شهدت ولادته.

وتمثّل العلاقة بين الفنانين وصداقتهما وارتباطهما بمدينة برشلونة نقطة انطلاق المعرض، على ما أوضح مدير مؤسسة «جوان ميرو»، ماركو دانييل.

ويعود أول لقاء بينهما إلى العام 1917 عندما اكتشف ميرو تصاميم سينوغرافية لبيكاسو الذي بدأ العمل في باريس، لتقديم باليه أقيم معرضها التمهيدى في مسرح «غران تياتريه دل ليسيو» في برشلونة، وأبهرت هذه التصاميم الفنان الكتالوني الشاب الذي توصل إلى زيارة بيكاسو بمشغل في باريس العام 1920، وأحضر له طرداً أرسلته له والدته من برشلونة.

ويعد هذا اللقاء بداية علاقة طويلة ترويها اليوم لوحات ومنحوتات ورسوم وكتابات درجَ متحف بيكاسو ومؤسسة ميرو على تبادلها أحياناً.

أوجه الاختلاف والفوارق بين الفنانين
يتركز المعرض حول سبعة محاور زمنية وموضوعية، ويسلط الضوء على النقاط المشتركة بين الفنانين مثل ارتباطهما بالسريالية، واهتمامهما بالسيراميك، والتزامهما السياسي ضد فرانكو. لكنه يتناول أيضاً أوجه الاختلاف والفوارق بينهما.

ولاحظت تيريزا مونتانييه، إحدى القيّمين على المعرض، أن ميرو لم يقلّد بيكاسو إطلاقاً، مع أن الأخير كان بمثابة مرجع للفنان الكتالوني الشاب.

أما مدير متحف بيكاسو في برشلونة، إيمانويل غيغون، فأوضح: «هذا المعرض يروي قصصاً عدة، وهو رواية متعددة، مع أن هذه القصص متمازجة».

-معرض في باريس عن اللقاء الفني بين رسوم بيكاسو وكتابات جيرترود شتاين
وفاة الفنانة التشكيلية و«ملهمة بيكاسو» فرانسواز جيلو عن عمر 101 عام

ومن بين المؤسسات الدولية التي أعارت هذه المعرض أعمالاً: «تيت غاليري» في لندن (الراقصات الثلاث لبيكاسو)، والمتحف الوطني للفنون في واشنطن (المزرعة لميرو).

ويقام في فرنسا وإسبانيا نحو خمسين معرضاً في إطار الاحتفالات التي انطلقت في سبتمبر 2022 لمناسبة مرور خمسين عاماً على وفاة بيكاسو في أبريل 1973.

وبعيداً من أبعادها الفنية والتاريخية، تشكل هذه المعارض الاستعادية فرصة، بحسب المنظمين، لإلقاء نظره على تجاوزات بيكاسو وتناقضاته، بعدما شوهت صورته في السنوات الأخيرة بسبب اتهامات بكراهية النساء، والعنف تجاه شريكات حياته.