أثار خبر منع عرض مسلسل "أهل إسكندرية" في شهر رمضان المقبل استياء الكثير من الفنانين ومسؤولي الفن.

فبالرغم من أن المسلسل من إنتاج جهة حكومية وهي "مدينة الإنتاج الإعلامي" وعلى الرغم من الانتهاء من تصوير أكثر من نصف مشاهده وقيام قناتي "المحور" و"الحياة" بعرض الإعلانات الترويجية الخاصة به، إلا أن فريق عمل المسلسل فوجئ بتوقف القنوات عن عرضه.

وجاءت التعليقات على هذا الخبر وعلى البيان الذي نشره مؤلف العمل الكاتب بلال فضل متباينة، وكانت هناك أسباب عديدة وراء هذا المنع إلا أنه حتى الآن لم يتم الإفصاح عن السبب الحقيقي بكل دقة، ولكنه من المرجح وفقًا للفنانين وجبهة الإبداع أن يكون بسبب المواقف السياسية لأبطاله.

بيان رسمي
أكد مؤلف العمل في بيان رسمي أنه تم إبلاغ مسؤولي مدينة الإنتاج الإعلامي أمس رسميًا من قبل قناتي الحياة والمحور بأن القناتين تراجعتا عن عرض مسلسل "أهل إسكندرية" الذي قام بتأليفه، والذي أخرجه المخرج الكبير خيري بشارة، ويلعب بطولته النجوم هشام سليم وبسمة وعمرو واكد وعدد كبير من الممثلين المتميزين.

وأضاف في البيان أن القناتين قامتا ببث إعلانات ترويجية للمسلسل، وأعلنتا أنه سيعرض على شاشاتهما في رمضان، وقاما بعمل إعلانات في الشوارع لا زالت موجودة حتى الآن، وكان سيتم تسليم ثماني حلقات اليوم للقناتين، ولكن الآن وبعد أن تم إبلاغ هذا الاعتذار المفاجئ سيؤدى ذلك عمليًا لعدم عرض المسلسل في أي قناة تلفزيونية كنوع من المنع المقنع الذي لم يحدث حتى فى أيام حسني مبارك، والمؤسف أنه حتى لم يتم السماح بعرض المسلسل على قناة نايل دراما ولا على أي قنوات تلفزيونية حكومية.

وأكد أنه يرجح أن المنع تم بسبب أن المسلسل يقدم انتقادات لضابط شرطة رغم أن أحداثه تدور في الفترة التي تسبق ثورة 25 يناير، وبالتالي لا مجال لاتهامه أصلاً بأنه تخطى محظورات رقابية، أو أنه يحرض على جهاز الشرطة كما تطوع البعض بإعلان ذلك.

واختتم البيان: "أما إذا كان المنع تم كما جاء في بعض وسائل الاتصال الاجتماعي لأن أحد أبطاله ومؤلفه ممن يمتلكون مواقف سياسية مختلفة ومعارضة، وهو ما أدى إلى حملة مقاطعة دعا إليها بعض الإعلاميين المعادين لثورة يناير، فإن ما أفهمه أن المقاطعة شيء مختلف عن المنع، فالمقاطعة قرار من حق من أراد أن يتخذه، لكن أن يتم تحويلها إلى قرارات تؤدي لعدم عرض المسلسل حتى على القنوات التلفزيونية التابعة لتلفزيون الدولة، فنحن نتحدث عن منع وتعسف لم يجرؤ عليه حتى حسني مبارك في عز جبروته، وإذا كانت الأجهزة التي اتخذت هذا القرار بالمنع لديها موقف من ثورة يناير ومن مؤيديها فلماذا لا تعلنه بشكل صريح، لكي تكون الأمور على بينة؟ بدلاً من أسلوب التعليمات السرية والضغط تحت الحزام على جهات العرض".

أبطال العمل
وكان لأبطال العمل رد فعل أيضًا؛ إذ أكد الفنان هشام سليم أنه حتى الآن لا يعلم صحة الخبر، إلا أنه من خلال صفحته الشخصية على موقع "تويتر" علق على الخبر قائلاً: "أنا قاعد في بيتنا مستني يقبضوا عليا علشان مثلت مسلسل فيه عمرو واكد وبسمة وأنا ومدينة الإنتاج جواسيس، مصر القديمة مازالت قائمة".

ومن جانبه عبر عمرو واكد عن موقفه من هذا القرار من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، وكتب: "المسلسل تدور أحداثه في 2010 والضابط الفاسد تعاقبه الداخلية، فما هي بشاعة القصة أو مضمون العمل ليتم وقفه؟".
وأضاف: "هل يجوز سحب عرض مسلسل في رمضان قبل أسبوع فقط من العرض؟ طب المدينة كده تبيعه لمين دلوقتي لو ده حقيقي؟ بعد عروض البرومو كمان؟".

من خارج العمل
وتضامن مع أبطال العمل أيضًا عدد من الفنانين والمخرجين ومنهم الفنان خالد النبوي والذي كتب من خلال موقعه على تويتر: "مش معقول بعد ثوره تمتد من يناير إلى يونيه ولسه بنراقب ونمنع أعمال فنيه..عن مسلسل أهل إسكندرية أتحدث..".

ومثله رفض المخرج عمرو سلامة هذا القرار؛ إذ أكد من خلال صفحته الشخصية على الفيسبوك رفضه لما يحدث وكتب قائلاً: "بعد حملة منظمة نصفها معلن ونصفها في الغرف المغلقة.. تراجعت كل القنوات الخاصة عن شراء مسلسل (أهل إسكندرية) بسبب (تعليمات) سببها مواقف فنانيه السياسية ومحتواه الذي لا يلائم (التوجه العام)".

وأضاف: "المسلسل من إنتاج الدولة ويواجه صعوبة في عرضه على قنوات الدولة نفسها، سابقة لأول مرة تحدث في تاريخ الإعلام والفن، لا جدوى من الحديث عن الدروس المستفادة من هذه القصة، فكلنا نعرفها، وكثير منا لا يرفضها، بل ويرحب بها".

وأكمل حديثه: "أشك أن نرى اهتمامًا إعلاميًا يخص هذه الواقعة، ولكن إن كان هناك من سيهتم فهو يعرف طريق فريق عمل المسلسل، ويستطيع أن يتواصل معهم، إذ أنني لا علاقة بي بالعمل كما أشيع، فمخرجه المخرج القدير خيري بشارة، وملحوظة أخيرة هامة، هذه المعلومات أخذتها من الفنانين القائمين على العمل، وليست استنتاجًا أو تحليلاً، ومن لديه معلومات أخرى فيرجع بها أيضًا لهؤلاء الفنانين".

كما أكد الكاتب والسيناريست مدحت العدل في مداخلة هاتفية مع برنامج "يحدث في مصر" على قناة "إم بي سي مصر" أن الحديث عن منع مسلسل "أهل إسكندرية" الذي يناقش قضية فساد ضابط أمن دولة من العرض غير مؤكد حتى الآن.

وأوضح العدل أنه إذا كان السبب وراء منع المسلسل هو مشاركة فنانين تابعين لثورة يناير فهذا شرف لنا، مشيرًا إلى أن وزارة الداخلية لا علاقة لها بوقف عرض المسلسل من عدمه، مؤكدًا أنه لو القرار حقيقي بمنع عرض المسلسل لمجرد أنه سلط الضوء على فساد ضابط، فلا بد من توجيه التحية لمبارك الذي عرض في عهده فيلم "زوجة رجل مهم".

مقاطعة
كما شن المخرج أمير رمسيس حملة يطالب فيها بمقاطعة قناتي "الحياة" و"المحور"، وكتب قائلاً: "طيب بما أن الموضوع ليس في منع جهاز حكومي لمسلسل وإنما قناة ترضخ لضغوط أو تسترضي هذا النظام، وبالتالي لا تحرك قانوني ضد هذا التصرف .. مفيش حل في دماغي غير الدعوة لحملة مقاطعة لقناتي الحياة والمحور والدعوة لها في مختلف قطاعات الشعب وتوصيل تلك الحملة للمعلنين لضرب الإعلان على تلك القنوات.. المسلسل في الآخر إنتاج المدينة يعني فلوس الدولة يعني فلوسنا وأقل واجب إننا نضرب القنوات دي في مكاسبها .. مقاطعة".

مسؤولو قناة الحياة
وعلى الجانب الآخر لم تلتزم القنوات الصمت بل خرج معتز صلاح الدين المتحدث الإعلامي باسم مجموعة قنوات "الحياة" ليؤكد أن مسلسل "أهل إسكندرية" ما زال على خريطة العرض الرمضاني في القناة ولم تطلب أي جهة سيادية من إدارة القناة برفعه من الخريطة، كما لم تبلغنا إدارة القناة بأي تغيير في الخريطة، مشيرًا إلى أن القناة سوف تعقد مؤتمرًا صحفيًا غدًا للتأكيد على هذا".

كما أكد المستشار القانوني لقنوات الحياة من خلال حسابه على موقع "تويتر" أن إدارة القنوات قررت عرض مسلسل "أهل إسكندرية" رمضان المقبل، والحديث عن ضغوط أمنية عهد مضى ولن يعود في مصر.

وما بين بيان مؤلف العمل بلال فضل وحملات مقاطعة الفنانين واستنكار أبطال العمل لهذا القرار، وبين عدم وجود خبر حقيقي حول صحة الخبر من عدمه ووسط تأكيدات قناة "الحياة" بعرض العمل في شهر رمضان المقبل، فيظل الجدل مستمرًا والبحث عن الأسباب الحقيقية وراء المنع مستمر.