Atwasat

روح رياضية

صالح الحاراتي الأربعاء 25 يوليو 2018, 12:42 مساء
صالح الحاراتي

أسدل الستار على كاس العالم وانتهت جولة من التنافس الشريف والروح الرياضية والمتعة الكروية، أيام حافلة بالبهجة خاصة لو رأينا للمشهد بعيدا عن رؤية ذلك الحدث بعين المنافع والجانب التجاري والاقتصادي، باعتبار ذلك الحدث الرياضي العالمي محفلا مهما لتعاقدات الأندية مع النجوم الصاعدة أوالمعروفة، وباعتبار أنه حدث تستفيد منه الدولة المضيفة وكذلك الدول المشاركة.

نعم ذلك جانب من حقيقة كاس العالم وهو الجانب الذى يثير انتباه من له مصلحة فى ذلك البازار.

يبدو لي الحكم وكأنه قاضي المحكمة ومعه مساعدوه ثم قضاة النقض متمثلا في الحكم الرابع والخامس

ولكن هناك مسألة مهمة وتعتبر من أهداف الاتحاد الدولي للكرة وهى الارتقاء بالخلق الرياضي، وإعطاء المزيد من الأهمية للعب النظيف والروح الرياضية، وتحقيق أكبر قدر من العدالة فى التحكيم، وتلك جوانب لا ينتبه إليها الناس رغم أهميتها. حيث يبدو لي الحكم وكأنه قاضي المحكمة ومعه مساعدوه ثم قضاة النقض متمثلا في الحكم الرابع والخامس الذى يحاذي خط المرمى ليحدد تجاوز الكرة لخط المرمى او تجاوز خط الملعب عند الضربات الركنية.. وأخيرا وللمزيد من إحقاق العدالة تم إقرار تقنية ال (VAR) من خلال مراجعة الفيديو حتى لا يظلم أحد عند احتساب التسلل أو ضربات الجزاء؛ وهذه التقنية تشابه دور قاضي المحكمة العليا أى المرجعية النهائية لإحقاق العدالة فى حدها الأقصى.

تقنية الـ VAR، أو تقنية حكم الفيديو المساعد، هي اختصار لـ" The video assistant "

"referee
وتعد تلك التقنية من أحدث التقنيات المستخدمة في ملاعب كرة القدم لمساعدة الحكام، والتي قرر الاتحاد الدولي لكرة القدم ” فيفا ” اعتمادها بشكل دائم في مباريات كرة القدم، بهدف القضاء على الجدال وانتقادات قرارات التحكيم ، لغاية سامية هى تحقيق أقصى قدر من العدالة.

الأمر الذي أضيف مؤخرا أيضا هو الاعتداد وأولوية الاعتبار للعب النظيف، حيث تم تأهل فريق عن آخر للترقي إلى جولة المنافسة التالية ليس بسبب النقاط أو عدد الأهداف ولكن بالنظر إلى عدد الإنذارات واللعب النظيف وهذا يحدث لأول مرة.

الروح الرياضية قيمة أخلاقية تؤكد على الالتزام بضبط النفس ومعاملة الخصوم بإنصاف وتلقي المعاملة ذاتها

ثم نأتى لعنوان المقال.. حيث العبارة التى تتردد على أسماعنا كلما شاهدنا مباراة خاصة فى كرة القدم، عبارة (الروح الرياضية) التي يرددها المعلقون والتي تقال عندما يقوم أحد اللاعبين بمساعدة لاعب من الفريق الخصم على النهوض بعد سقوطه أو الاعتذار له عن خطأ غير متعمد، أو التوقف وإخراج الكرة خارج الملعب لعلاج لاعب مصاب وما إلى ذلك.. باختصار هي الاستمتاع بممارسة أي رياضة مع وضع الأخلاقيات والاحترام وإحساس الزمالة مع المنافسين في الاعتبار.

الروح الرياضية قيمة أخلاقية تؤكد على الالتزام بضبط النفس ومعاملة الخصوم بإنصاف وتلقي المعاملة ذاتها والحفاظ على احترام القضاء (أي الحكم)؛ وعلى المتنافسين ألا يتفاعلوا مع الخسارة او النصر بطريقة صبيانية أو غير لائقة.

لدينا وفى كل مجالات الحياة ستجد أن روح المنافسة مرهونة دائما بالتعصب للرأي ولطرف عن آخر ولا وجود للآخر المتنافس والأمر يتفاقم ولا نتعلم من تجاربنا.. فى السياسة نجد التعصب ونبذ الآخر ولا وجود لتنافس شريف.. تستخدم كل الحيل والخداع من أجل الفو.

الجوهر الذي يجب العمل على تواجده باستمرار هو التنافس الشريف بلا ضغائن

ويستخدم الكذب والمال الفاسد وبروباجندا الإعلام فى التحريض وبث خطاب الكراهية ولا وجود لما يسمى بـ "الروح الرياضية" بالرغم من أن الحقيقة -وكما في الرياضة- لا يوجد فائز باستمرار فكذلك فى السياسة هي آراء واجتهادات قد تصيب وقد يشوبها الخطأ.

الخلاصة أن الجوهر الذي يجب العمل على تواجده باستمرار هو التنافس الشريف بلا ضغائن.. وهذا ما نفتقده في كافة مجالات حياتنا وليس في الرياضة فقط.. ونحن فى حاجة ماسة له ومطلوب في عالم السياسة الذي نعانى فيه من ويلات الخصومة وفجورها.. ذلك جزء مما يجب أن نستخلصه ونستفيد منه من كاس العالم.