Atwasat

ثقافة وهم الواقع (1-5)

محمد عقيلة العمامي الإثنين 29 أبريل 2024, 01:12 مساء
محمد عقيلة العمامي

«الحُب» كلمة تحمل عالما من السحر والانبهار والأسرار، وَلَهٌ واشتياق، أفراح، وأتراح. ولكنه لا يخلو من حزن، ولوعة فراق. بالحب تتغير حالة الإنسان، تتبدل شؤونه؛ يتأنق لمن يحب أولا، ومن بعدهم للناس. فالحب يفعل بأسراره المعجزات. الإمام «أبومحمد بن حزم» في كتابه «طوق الحمامة» يغوص في هذا السر الذي خُلِق مع الإنسان، يحدثنا عن أصوله، ويُعرفنا على نواحيه، وصفاته المحمودة وعيوبه المذمومة، وكذلك آفاته، موضحا بقصص عايشها بنفسه عن الحب وحكاياته الشائقة، ثم يختم رسالته البديعة بتعريف الحب بأربع كلمات! أنه «قبح المعصية، وفضل التعفف».

نحن، إذن، نتحدث عن حب الجنسين لبعضهما بعضا؛ يستهل الأستاذ عبد الله محمد الغذامي، في الجزء الثاني: (ثقافة الوهم) من كتابيه المرأة واللغة، الفصل 1- الميثاق الجسدي بقوله: «في الوقت الذي تسعى فيه المرأة إلى تأسيس (ميثاق أنثوي) يحمي وجودها المؤنث من تسلط الثقافة الذكورية، فإن ميثاقا جسديا (آخر) يعيد رفع رأسه ليضع الجسد الأنثوي بين قوسين، أو بين إيقاعين، كأن نقول: (الروض العاطر في نزهة الخاطر). وهذا عنوان لكتاب، مثلما أنه ميثاق وتوصيف لجغرافية الجسد الأنثوي: الروض العاطر. هذا الجسد / الروض يفوح بعطره من أجل النزهة، نزهة الخاطر المذكر».

والحقيقة أن هذا التوصيف التفسيري حقيقة، غير أنه ينسحب أيضا على ميثاق مماثل، أخذ يأخذ مكانته إلى جنب الميثاق الأنثوي، فصناعة الأناقة الذكورية، أصبحت تنافس، إن لم تفق، صناعة الأناقة الأنثوية، حتى إن واجهات عرض العطور الذكورية قد تتساوى مع تلك الأنثوية، والسبب، في تقديري، وباختصار شديد، أصبحت الثقافة والتعليم متساوية للطرفين، وبقدر ما يبدع الذكور تبدع الإناث، بمعنى كل يسعى بالسبل كافة للوصول إلى مبتغاه، لا العلم يقف أمام هذا الانتشار، ولا التسلط من الجنسين، ولا مغبة منه طالما يخدم الطرفين.

في طوق حمامة ابن حزم، يتناول، مثلما ورد بكتاب الأستاذ الغذامي الذي أشرت إليه بعاليه، في فصل 22- الأنوثة المحرفة، مؤسسا آراءه على خبرته - خبرة ابن حزم- إذ كانت طفولته معهن، بأنه نوع بشرى محصور القيمة، في الوصال ودواعيه، ويَرَاهن (متفرغات البال من كل شيء إلاّ من الجماع ودواعيه...) وهذا في تقديري ليس أمرا قابلا للتعميم! لأنني أعرف صديقا زوجته تحاضر في نظريات الذرة! وتنتقي له، بامتياز، هنداما ذكوريا أنيقا للغاية، وفيما تنتقي لنفسها هنداما أنثويا يليق بها. ومع ذلك ثمة قول لا أذكر من قائله خلاصته: «أن المرأة تحتفظ بركن خاص في ذاكرتها، للآثام التي لم يرتكبها قط!» ولكن من الذكور من لا يمتلك أركانا متنوعة للآثام التي ارتكبوها، وأيضا تلك التي لم (يرتكبوها) قط!؟