Atwasat

كي لا يكون لقاء تونس علينا

أمين مازن الأحد 28 أبريل 2024, 01:52 مساء
أمين مازن

سواءٌ كان لقاء سعيِّد وتبّون والمنفي «مع حفظ الأسماء والصفات» قد تم لترتيب المواقف بين هؤلاء الثلاثة، بما في ذلك تأكيدهم أنه ليس ضد أي طرف، وبالذات شركاء المغرب الكبير، ذلك التجمع الذي طالما اتخذ من الخطوات التأسيسية ما هيأ للكثيرين أنه قد أصبح قاب قوسين أو أدنى من الكيان القادر على التأثير والتأثر أضعافاً مضاعفة من الحال الذي هو عليه، فإذا به يشهد من التناحر الذي لا يسعى المخلصون، وبالأحرى يتمنون فقط السلامة من ذلك المصير المخيف، والمهم أننا من موقع المراقبة المسؤولة، وقد ندّعي المُنصفة، نرى قيس سعيِّد بما تحقق له كرئيس لبلده من بعث عديد الخطوات إزاء ما كان مثار توتر عديد الأطراف كتأخر مقاضاة من اشتُبه فيهم «ولو لوقوع الفعل في عهدهم» باغتيال أبرز مناضلي جيلهم بلعيد والبراهمي، إذ تأكدت الجدية في تطبيق العدالة بشأنهم، ومثل ذلك ربطه بين رفض شروط صندوق النقد الدولي لمنح تونس ما تحتاجه من منطلق الإذلال، ووضع حدٍّ لكل محاولي التهرب من الأداء العام، واستغلال حرية الاقتصاد في تجويع العامة، وقبل ذلك صون نفسه ومن حوله من أي رائحة كريهة.

ولا يقل تبّون هو الآخر عن سعيِّد من حيث ما حققه لما تحتاج الجزائر من تحييد الطرف الليبي إزاء ما تخوضه من أي صراع، وعلى أكثر من صعيد ومكان، فإن المنفي «ودون أي تجنٍّ عليه» آخر من يمكننا معشر الليبيين انتظار أي مردود يذكر من مشاركته هذه، فهو على الصعيد الاعتباري واحد من ثلاثة يتكون منهم المجلس الرئاسي، ولا مفر من إجماعهم على أي قرار يتعلق بالصوت الليبي، إلى جانب رئيس الحكومة، وربما أحد رئيسي مجلس النواب وتوأمه الدولة بصفته الاستشارية.

وإذا كان الحض على الانتخابات ووحدة البلد من الثوابت التي لا يخلو منها أي بيان مشترك، فإن النص في بيان المجتمعين على وجوب مراعاة دول الجوار في إعادة بناء ليبيا يمثل حجة على من يحضر باسم ليبيا لا له، خاصة ونحن نرى حساسية الشقيقين الجارين تصل إلى عدم الاشتراك في النشاط الرياضي كما حدث بشأن المباراة التي ألغيت بين المغرب والجزائر.

وبعكس ما رأينا الرياضة عند المتحاربَين الأمريكيين والصين تمثل بداية التقارب، فإن الحضور الليبي إذا، اعتبرنا المنفي ممثلاً لرئاسة الدولة، لا يتجاوز مصلحته الخاصة المعنوية بالذات، وتعشمنا فيه إمكانية تقديم عمل يبقى له في التاريخ السياسي الليبي، ويحفظ له ما تركه أشرف مجاهدي ليبيا، الشهيد عمر المختار، الذي أضاف لمن حُسِبَ عليهم أضعاف ما قد يكون أْخِذَ منهم، ليس أكثر من تعديل رواتب مسؤولي ليبيا بما يساوي نظراءهم بالعالم عامة، والعرب خاصة، ابتداء من الرئاسة التي هو على رأسها، فالحكومة، وحتى الحكومتين والمجلسين والنواب والمحكمة العليا والإفتاء والدعوة الإسلامية وقيادة الجيش، وسقف السيارات والمهام، وإسناد مهمة إعادة هيكلة الوزارات والهيئات والبلديات، وأخيرا أمراء الحرب، لعل في ذلك ما يحفظ عموم أبناء الشعب وموظفيه العامين من رسوم بنك ليبيا، لزيادة سعر الدولار.

وقرارات السيد عقيلة صالح الذي يعزل محافظ بنك، ويختار بديلا له، ثم يعود ويقبل دعوته إلى رفع سعر الدولار خوفا من الإفلاس! ناسياً أن ما يجري هو الإفلاس بعينه، وليعلم أننا معشر الليبيين قد تصالحنا وتناسينا كل الحقوق، نعم المصالحة التي اعتُبِرت أول مهامه، فبدأها باختيار المفوضية والمستشارين، وقل ما شئت من الصفات وأوجه الصرف، ولا سيما النثريات، فاللقاء الثلاثي والحالة هذه علينا، وليس لنا ما لم يتدارك المنفي الموقف.