Atwasat

بعد «طوفان الأقصى»: حياة جديدة

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 21 يناير 2024, 05:36 مساء
عمر أبو القاسم الككلي

لم تهز عذابات شعب وصموده وجدان العالم أجمع مثلما هزته عذابات الشعب الفلسطيني في غزة وهزه صموده. ولم تبهر بسالة مقاومة العالم مثلما أبهرته بسالة المقاومة الفلسطينية وأفعالها الإعجازية. ولم تسارع الحكومات الغربية الاستعمارية في تاريخها وتهب للقضاء على هذه المقاومة مثلما هبت، هبة دولة واحدة، كما فعلت مع المقاومة الفلسطينية بعد اندلاع عملية «طوفان الأقصى» في محاولة لإنقاذ الكيان الصهيوني العدواني الذي هددت هذه المقاومة، وما زالت تهدد، بزواله.
«طوفان الأقصى» يؤشر إلى أن وضعاً جديداً (حياة جديدة) ينفتح عليها العالم مستقبلاً تعيد ترتيب علاقات القوة في السياسة الدولية.

للمرة الأولى في تاريخه يشعر هذا الكيان، شعوراً حقيقياً حاداً، بأن استدامة وجوده في خطر فعلي ملموس.
فلم يسبق أن شعر هذا الكيان، والقوى الاستعمارية الداعمة له، بمثل هذا الخطر الماثل في حروبه السابقة مع الجيوش العربية.
المتابعون منا لما تجترحه المقاومة الفلسطينية في غزة، وأيضاً في الضفة، اكتسبوا ثقافة عسكرية لم يكن لهم بها علم. فأنا صرت أعرف ماذا يعني الالتحام المباشر والقتال من المسافة صفر. وصرت أعرف أنه عند العزم على تنفيذ عملية ما تكون هناك ثلاث مجموعات: المجموعة المكلفة بالمهمة مباشرة، ومجموعة مساندة لها، ومجموعة إعاقة في حال حاولت قوة من جيش العدوان الصهيوني إنجاد المجموعة المستهدفة، وأن مجموعة الإعاقة هذه لا تتدخل في أعمال المجموعتين الصديقتين. هذا طبعاً صرت أعرفه من خلال المحللين العسكريين العرب.

وهذا يدل على استخدام العقل من قبل قادة المقاومة بحسابات دقيقة. يقول المحلل العسكري التونسي العميد توفيق ديدي، في هذا السياق، أن العرب في «طوفان الأقصى» للمرة الأولى يستخدمون العقل، ولذا فإن هذا يؤذن بتفكيك الكيان الصهيوني الذي يكابد الآن هزيمة عاتية وأزمات في صميم بنيته.

على مستوى التحليل العسكري العلمي الرصين هناك، إلى جانب العميد توفيق ديدي، الأردني اللواء فايز الدويري الذي أثار حفيظة الدوائر السياسية والعسكرية والإعلامية في الكيان الصهيوني العدواني، ولقد كانت صرخة المقاوم الفلسطيني الذي صاح وهو يطلق قذيفة على دبابة لجيش العدوان الصهيوني «حلل يا دويري» رداً على تهجمات الإعلام الصهيوني ضد الدويري. وهناك المحلل العسكري اللبناني العميد إلياس حنا الذي يدلي بتحليلات عسكرية دقيقة جداً ومسؤولة.
هناك، بالطبع، محللون عسكريون آخرون لا يقلون أهمية عمن ذكرناهم. لكننا اكتفينا بالأبرز منهم.