Atwasat

العاصفة أم الإعصار: مُساءلة الطبيعة للفساد

عبد الكافي المغربي الأحد 17 سبتمبر 2023, 09:47 مساء
عبد الكافي المغربي

لا يحجم الكاتب، في عداد المفكرين كان أو من جملة أهل الأدب، عن تسجيل استجابة لتقلبات الطبيعة بقدر ما تمس هذه الثورات حياة المجتمع. كلا، ولا ينصرف الأديب عن نقل هواجسه في عزلته الطبيعية إلى الورق. الطبيعة لا تحضر إلا كوحدة متصلة بمصير الإنسانية، من رومنطيقية رجعية إلى داروينية باردة، وإذا كانت الرومانسية تبحث عن الرمز في سكون الطبيعة والجلال الفني، فالأحرى بنا نحن من نتبنى رؤىً أكثر انفتاحًا أن نتناول ما يعرف بغضب الطبيعة في ليبيا، مستنقذين من الركام رمزية لا تشير من وراء إلى مخاطر تغير المناخ، وإنما مباشرة إلى مفاسد حكومة الشر التي تدير ليبيا منذ عقود.

وفيما كنت مُثقلًا بشُغلٍ، منكبًا على الأدب والفكر أتناول من الاثنين ما يُغْني، أخذت أرقب نتائج محرك جوجل للطقس في مدن الشرق الليبي. لم تسجل سرعة الريح الأدنى لحدوث زوبعة، وهي بطبيعتها أقل حدة من أشد الأعاصير تواضعًا، (وأدنى سرعة للزوبعة 90 كم في الساعة). لكن المدن فاضت بالمياه والسدود تداعت، وأخذ القوم يتحدثون عن الإعصار الذي ابتدعه المناخ المتوسطي المتناقض إذًا مع نفسه، تناقض آمالنا وما نبذل من سعي للفوز بها.

وإذاً، أن تُلحِق عاصفة متوسطة تضرب القارة الأوروبية كل عام في شتائها الطويل هذا الضرر الجم ببلادنا يُنذر بأكبر الخطر، ويشهد ببشاعة الظاهرة التي وصفها جيمس هنري برستد في كتابه «فجر الضمير» بالفساد الشرقي.

ولا شك، فيما نحن مغرقون بجهل أشد طغيانًا من أجمل البحار ومن مياه كل السيول، لا شك أن معقبات الحوادث الطبيعية العادية التي سجلتها الأيام الماضية ستنعكس على حياة المشردين، فإذا ما ضَرَبْنا صفحًا عن تقادم البنى التحتية وجحود الدولة بحقوق مواطنيها، فهل نأمل أن تستعيد حكومات الطوائف زمام المبادرة، واقتداء بحكومة الملك الراشد إدريس السنوسي في معالجتها لكارثة المرج يعاد بناء درنة وترميم البيضاء على أحدث معايير عصرية؟