Atwasat

انتخابات ديسمبر: التحشيد السلبي وصفة الحرب القادمة

طارق القزيري الخميس 11 نوفمبر 2021, 10:37 صباحا
طارق القزيري

أجواء الانتخابات مشحونة بالطبيعة، حتى وإن اختلفت نوعية الخطاب وحدته، لكنه موصوم بالتوتر والاتهامية الدائمة.

ومن الطبيعي أن يحمل كل مرشح جملة أولويات يدافع عنها ويبشر بها، وجملة مخاطر محتملة للتحذير منها، خاصة إذا استطاع ربط المخاطر بمنافسيه.

وهنا يتحول هو الى حامي "المجموع" مما يدبر له، أو سيحدث إن فاز الآخرون. خطاب تخويفي من مخاطر الآخر واخطائه مالم نقل شره المستطير.

يصنع السياسي الخوف بطريقته وفقا لشعاراته، ومن ثم تأتي الخطوة التالية وهي إدارة الجموع بعد توحيد مشاعر الخوف لديهم، وتوجيههم وفقا لذلك، المطلوب وهو اختياري/ استبعاد الآخرين.

إدارة الخوف هي الاستراتيجية المقابلة للتخويف "الخطر"، قد يكون الإرهاب الفقر الإفلاس الفساد، الأمن القومي. وتسعى لإبطال أثره، أو تحجيم تأثيراته، او مسح آثاره،

إدارة الخوف هي رد فعل ربما يستخدم نفس أدوات التخويف، لكنه يستهدف مسابقة ومنافسة (المخيفين) على تحصيل النتيجة وحرمانهم منها.

التخويف هو تقريب لوضعنا مع "الآخرين" بأنه الجحيم وإدارة الخوف تستعمل توابع كل ذلك، لتحقيق نتائج تستفيد من الأجواء والمناخات التي يسببها التخويف.

الخوف الذي يجعل الجموع أكثر استعدادا للتحشيد، وأكثر إنسانية من جهة بتعاطفها، وأكثر توحشا بكراهيتها ورعبها.

إدارة الخوف تستخدم التخويف بتطويل زمانه في الوعي، حتى عندما يزول السبب واقعيا، تبقيه إدارة الخوف، لأن غيابه بالذات سيكون سببا في حرمانها من كثير من المزايا ومساحات الحركة.

إدارة الخوف تمنح "التخويف" صورة ربما أكثر بكثير من حقيقته، فمبررات عنف المواجهة ضرورية لكبح خطورة العدو الذي نواجهه. إدارة الخوف ستعتمد إلغاء الخيارات الأخرى غير المطلوبة، ولكنها لا تستعمل الخيال بل الواقع.

هكذا وعلى سبيل التمثيل العابر، لم تكن مخاوف الأمريكان من صدام تتجاوز قدرته على استعمال الجمرة الخبيثة والنووي، وكان هذا كافيا لشيطنة من نخاف منه، ولنبرر ضربه، وحتى وحشيتنا في سحقه، وخسائرنا أيضا، كما رأت إدارة بوش يومها.

إدارة الخوف لا تبحث فقط عن مكاسب، بل أيضا لمدارة الخسائر، العدو القبيح الشرير، سيكبدنا خسائر، هذا متوقع، لكننا سننتصر لأننا أخيار، وخسائرنا هي خسائر الخير ضد الشر، مهما عظمت أو كانت غير منطقية!!.

وفي الانتخابات يتم ذلك من المترشحين وحملاتهم، لينتقل لأنصارهم وجمهورهم وتصبح الآلية تفاعلية، وعامة، وتحديدا مع وسائل التواصل الاجتماعي، حيث لا مجال للمنطق والطرح الرشيد، بل الغلبة للأكثر عدوانية وصخبا وإثارة.

ما يمكن فعله فقط في هذه الحالة تمني بعض العقلانية بين السياسيين لإبقاء مساحة تمكنهم من العودة للتعامل لاحقًا مع "شياطين الانتخابات" حتى إن خسروا.

وللأسف إدارة الخوف ليست في الحروب بالأساس، بل ربما في السلم أكثر وطأة، شيطنة الآخر لا تحتاج عنفا، لتترسخ، هي فقط تحتاج شكاوى وتململا، من حقوق ومطالبات، ثم اتهامات متكررة، وخسائر وجرائم تنسب "للشيطان الجديد" وتبقى بشرى الخلاص منه، حافزا لمكافحته واستمرار كراهيته وتعميقها، حتى النصر.