Atwasat

لماذا لا يزالون يكرهوننا

فريد زكريا الإثنين 08 سبتمبر 2014, 09:17 صباحا
فريد زكريا

عندما شاهدت لقطات الإعدام البشعة، انتابتني بعض المشاعر التي عايشتها بعد أحداث 9/11. إن الهدف من الأفعال الهمجية هو إثارة الغضب، وقد نجحت في ذلك. ولكن في سبتمبر 2001، جعلتني أطرح سؤالًا: «لماذا يكرهوننا؟» وقد حاولت الإجابة عن هذا السؤال في مقال من حوالي 7000 كلمة لمجلة «نيوزويك» حيث وجد صدىً واسعًا بين القراء. أعيد قراءة المقال (http://ow.ly/B6g2V)، لمعرفة ما أصبت وما أخطأت، وما تعلمته في السنوات الـ 13 الماضية.

الأمر لا يتعلق بتنظيم القاعدة وحده. بدأت بملاحظة أن الإرهاب الإسلامي ليس سلوكًا منعزلًا لحفنة من العَدَميين. فهناك ثقافة أوسع متواطئة، أو على الأقل غير راغبة في مكافحته. لقد تغيرت الأمور على مستوى تلك الثقافة، لكن ليس بما يكفي تقريبًا.

إنها ليست مشكلة الإسلام، وإنما مشكلة العرب. في أوائل العقد الأول من الألفية الثانية كان لدينا قلق عظيم بشأن إندونيسيا بسبب سلسلة من الهجمات الإرهابية هناك بعد 9/11. ولكن على مدى العقد الماضي لم يتطور الجهاد والأصولية الإسلامية جيدًا في إندونيسيا التي تُعد أكبر دولة مسلمة في العالم، فهي أكبر من العراق وسورية ومصر وليبيا ودول الخليج مجتمعةً. أو لننظر إلى الهند، والتي يلتصق بابها بمقر أيمن الظواهري، فسنجد أن تنظيم القاعدة لا يضم سوى عدد قليل جدًّا من مسلميها البالغ عددهم 165 مليونًا. وبذل الظواهري جهدًا واضحًا لتجنيد المسلمين الهنود، ولكن أظن أنه سيفشل في تحقيق هدفه.

الاضمحلال السياسي العربي؛ كانت النقطة المركزية للمقال هي أن الركود السياسي هو السبب في التعصب والجهاد اللذين ينتجهما العالم العربي. بحلول العام 2001، شهد كل جزء من العالم تقريبًا تقدمًا سياسيًّا كبيرًا، بما في ذلك إجراء العديد من الانتخابات الحرة والنزيهة في أوروبا الشرقية وآسيا وأميركا اللاتينية وحتى أفريقيا. ولكن العالم العربي لم يشهد أي تغيير. في العام 2001، حصل معظم العرب على حريات أقل مما حصلوا عليه في العام 1951.

كان الجانب الوحيد من جوانب الحياة التي لم يتمكن طغاة العرب من حظرها هو الدين، لذلك صار الإسلام هو لغة المعارضة السياسية. ومع فشل الديكتاتوريات العلمانية الغربية في العالم العربي، سياسيًا واقتصاديًا واجتماعيًا، قال الأصوليون للشعوب العربية: «الإسلام هو الحل».

تُرك العالم العربي لديكتاتورياته من جهة ولجماعات المعارضة غير الليبرالية من ناحية أخرى؛ بمعنى حسني مبارك أو تنظيم القاعدة. وكلما زاد تطرف النظام، زادت المعارضة عنفًا. كان هذا السرطان أعمق وأكثر تدميرًا مما كنت أعتقد. وعلى الرغم من إزالة صدام حسين في العراق، وعلى الرغم من الربيع العربي، لم يتم كسر هذه الدينامية بين الطغاة والجهاديين.

إنها ليست مشكلة الإسلام، وإنما مشكلة العرب

لننظر إلى سورية، حيث كان بشار الأسد يساعد جماعة «الدولة الإسلامية» (داعش) حتى وقت قريب، عن طريق شراء النفط والغاز منها وبقصف معارضيها من أعضاء جماعة «الجيش السوري الحر»، عندما كان الاثنان يتقاتلان ضد بعضهما البعض. كان الأسد يلعب لعبة الديكتاتور القديم، حيث يضع شعبه أمام الخيار القاسي: أنا أو «داعش». ولذا اختاره العديد من السوريين (على سبيل المثال الأقلية المسيحية).

مُنِيت مصر بأكبر نكسة، حيث تولّت حركة إسلامية غير عنيفة السلطة وأهدرت الفرصة من يدها بسبب هيمنتها. لم يقنع الجيش بهزيمة الإخوان المسلمين في الانتخابات، ولذا أزاحها بالقوة وعاد إلى السلطة. مصر الآن دولة بوليسية وحشية أكثر مما كانت عليه أيام مبارك. تم حظر جماعة الإخوان المسلمين، وتعرض أعضاؤها للقتل والسجن، وأُرسل البقية وراء الشمس. دعونا نأمل أنه في غضون عشر سنوات من الآن لا نجد أنفسنا مضطرين لمناقشة أسباب صعود «داعش» في مصر.

ما الذي لم أكتبه في ذلك المقال قبل 13 عامًا؟ إنها هشاشة هذه البلدان. لم أدرك أنه إذا تعثرت هذه الدكتاتوريات، فستنهار الدولة، فلم تقم هذه الدول على مجتمع مدني، وفي واقع الأمر، على أمة حقيقية. وبمجرد أن سادت الفوضى في منطقة الشرق الأوسط، لم يتجه الناس نحو هوياتهم الوطنية، العراقية والسورية، وإنما لهويات أكثر قدمًا بكثير، مثل الشيعية والسنية والكردية والعربية.

كان ينبغي أن أعطي مزيدًا من الاهتمام لمعلمي في كلية الدراسات العليا، الأستاذ صامويل هنتنغتون، الذي أوضح ذات مرة أن الأميركيّين لم يدركوا أبدًا أن المفتاح في العالم النامي لا يكمن في نوع الحكومة، شيوعية أو رأسمالية أو ديمقراطية أو ديكتاتورية، وإنما درجة الحكومة. فغياب الحكومة هذا هو ما نراه هذه الأيام بدءًا من ليبيا إلى العراق وسورية.

(خدمة واشنطن بوست)