Atwasat

حكومة معيتيق أقصر عمرًا من دجاجة بيضاء

عمر الكدي الإثنين 09 يونيو 2014, 04:37 مساء
عمر الكدي

أخيرًا فصلت الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا في الطعن المرفوع ضد انتخاب أحمد معيتيق رئيسًا للوزراء، وتوقع المراقبون صدور هذا الحكم بعدم دستورية انتخاب معيتيق، لأن معظم المحاكم الدستورية تتبنى وجهة نظر هيئة النقض التي تتبعها، أو تحكم بعدم الاختصاص وتحيل القضية للقضاء الإداري.

وحتى الآن امتثل الجميع لقرار المحكمة، سواء المؤتمر الوطني أو معيتيق نفسه، الذي لا يبدو أنه سيترك العمل السياسي بعد بيانه اليوم، الاثنين، ويرجح أن يتبنى الأفكار التي كان يشيعها سيف القذافي، من خلال وعوده للشباب.

قرار المحكمة العليا يذكرنا بالقرار الذي اتخذته المحكمة نفسها العام 1954، للنظر في دستورية المرسوم الملكي الذي أمر بحل المجلس التشريعي لولاية طرابلس، وكانت علاقة المجلس التنفيذي بالمجلس التشريعي الذي يترأسه المحامي علي الديب، أشبه بعلاقة المؤتمر الوطني العام بالحكومة الموقتة، لذلك طلب المجلس التنفيذي من الملك إدريس حل المجلس التشريعي، إلا أن الديب رفع طعنًا أمام المحكمة العليا بعدم دستورية الإجراء، وحكمت المحكمة العليا التي كان يترأسها قاضٍ مصري لصالحه، وامتثل الملك لحكم المحكمة، إلا أنه طلب من رئيس الحكومة الاتحادية مصطفى بن حليم تلييب القضاء الليبي.

في العام 1954 كان مر على استقلال البلاد ثلاث سنوات، وفي العام 2014 مر على ثورة فبراير ثلاث سنوات أيضًا، إلا أن الظروف العام 1954 كانت أفضل كثيرًا مما هي عليه اليوم، في وجود جيش وقوات أمن، ومحاكم وغياب السلاح، وعلى الرغم من الظروف الاقتصادية السيئة حيث كانت ليبيا قبل ظهور النفط تصنف ضمن أفقر الدول في العالم، إلا أن الليبيين كانوا يتطلعون إلى الأمام، ولم يظهر الفساد بعد مثلما هو عليه اليوم.

كان على معيتيق أن ينتظر حكم القضاء وعدم التسرع بالاستيلاء على مقر الحكومة الموقتة

كان على معيتيق أن ينتظر حكم القضاء وعدم التسرع بالاستيلاء على مقر الحكومة الموقتة، ولكن الذين فرضوه بالقوة والإغراءات أوهموه بأن الاستيلاء على مقر الحكومة هو فرض الأمر الواقع على الجميع، مثلما كان يفعل الانكشاريون في السرايا الحمراء، ومن البداية كانت الرياح عاتية ضده، فقد استقال عدد من وزرائه، ورفض مصرف ليبيا المركزي تسليمه الموازنة العامة، ولم يدرك أن حكومة الثني تملك هامشًا واسعًا، خاصة عندما اتجهت إلى المنطقة الشرقية مع كتلة الأربعة والتسعين، مهددة بتقسيم البلاد بين حكومتين ومؤتمرين.

كان يمكن لمعيتيق أن يبيع القطاع العام للإسلاميين، لولا تدخل المحكمة العليا، التي نجحت وسط تأييد الغالبية في القضاء على انقلاب معيتيق

خلال أقل من شهر من انتخابه المثير للجدل، أدلى معيتيق بعدة تصريحات كرر فيها نفسه أكثر مما يجب، وحاول فيها التنصل من علاقته بالإخوان المسلمين، وأكثر فيها من الوعود للشباب وكأنه سيف آخر بصلعته اللامعة يحاول الصعود إلى القمة على أكتافهم، ومن أهم إنجازاته افتتاح مصنع للشيكولاته يملكه أحد زملائه من رجال الأعمال، وبالطبع كانت مفارقة عجيبة أن يتم اختيار رجل أعمال لقيادة البلاد في هذه الظروف الاستثنائية، فالبلاد تحتاج إلى سياسيين محنكين وليس لرجال أعمال قد يفضلون مصالحهم على مصالح البلاد، وحتى في الدول المستقرة والمتقدمة تسبب رجال الأعمال أمثال برلسكوني في انتشار الفساد اللااقتصادي والأخلاقي، وكان يمكن لمعيتيق أن يبيع القطاع العام للإسلاميين، لولا تدخل المحكمة العليا، التي نجحت وسط تأييد الغالبية في القضاء على انقلاب معيتيق، الذي لم تعمر حكومته أكثر من عمر دجاجة بيضاء.