سلط تقرير نشرته وكالة «فرانس برس»، اليوم السبت، الضوء على ما وصفته بتصعيد ثلاثة من أصل ستة من أبناء قائد قوات «القيادة العامة» المشير خليفة حفتر، وما صاحب ذلك من تساؤلات حول تطلع لحكم الأسرة في ليبيا.

وجاء في التقرير أن صدام النجل الأصغر للمشير حفتر جرى تعيينه رئيسا للقوات البرية المسيطرة على ثلثي مساحة ليبيا تقريبا، بينما يتولى خالد القيادي العسكري منصب رئاسة الوحدات الأمنية في جيش والده بصلاحيات كبيرة، ولا يمكن إغفال بلقاسم حفتر الذي عينه مجلس النواب في فبراير 2024 مديرا لصندوق إعادة إعمار ليبيا بصلاحيات غير محدودة.

ونقلت الوكالة الفرنسية في تقريرها عن الباحث في المعهد الألماني للأبحاث ولفرام لاخر قوله، إن «صعود أبناء المشير حفتر هو جزء من استمرارية ما كان يعد منذ البداية جيشًا خاصًا».

ويضيف أن «الدائرة الداخلية التي تسيطر على الوحدات والموارد الرئيسية لهذه الامبراطورية الخاصة تضم أبناءه، بجانب أبناء عمومته وأبناء إخوته وأصهاره»، متابعا: «شهدنا ارتقاء أبنائه السريع في الرتب العسكرية، متجاوزين في وقت قصير ما استغرق من الضباط الآخرين عقودًا من الزمن».

هل ينقل حفتر صلاحيات الجيش لصدام؟
ويشير الباحث إلى أن قرار منح المشير خليفة حفتر ابنه الأصغر صدام منصب قيادة القوات البرية في جيشه، أثار تساؤلات حول استعداد الأب لنقل صلاحيات الجيش إلى نجله الذي جرت ترقيته بشكل سريع جدا إلى رتبة لواء وعمره لا يتجاوز 33 عاما.

أما بلقاسم النجل الثاني، فقد عينه رئيس مجلس النواب عقيلة صالح دون عقد جلسة رسمية للنواب قبل أربعة أشهر بقرار استثنائي مديرا لصندوق إعادة إعمار ليبيا، ونجله حفتر الثالث خالد رُقي أيضا إلى مرتبة لواء على رأس الوحدات الأمنية للجيش في يوليو 2023.

وتنقل الوكالة عن أستاذ العلاقات الدولية في «جامعة طرابلس» خالد المنتصر أن «تجهيز وترقية أبناء حفتر ليس صدفة، هذا مشروع استراتيجي سياسي متكامل برعاية بعض الأطراف الدولية».

«عمليات قمع لمعارضي سطوة عائلة المشير»
وحسب التقرير الفرنسي، فقد ترافق عمليات تعزيز النفوذ عمليات قمع لرافضين أو معارضين لتعاظم سطوة عائلة المشير، حيث شهدت بنغازي وسبها في الأشهر الماضية اعتقال شخصيات سياسية وقبلية بارزة إلى جانب مقتل ناشطين في ظروف غامضة.

ويرى الباحث الليبي في الشؤون السياسية عماد جلول أن منظومة الأب الأمنية والعسكرية تفرض قيودا وتعترض أي أصوات ناقدة من خلال «التصفية والقمع» مشيرًا إلى «قتل سراج دغمان الحقوقي في بنغازي، واعتقال علي أبوسبيحة أحد مشائخ الجنوب النافذين المقرب من سيف الإسلام القذافي، وسبق ذلك العام الماضي اعتقال السياسي البارز فتحي البعجة ورفقائه، لمجرد أنهم عارضو سلطة الأمر الواقع أو أظهروا انتماء سياسيًا مناهضًا لحفتر».

- ستيفاني وليامز: أبناء حفتر يتنافسون على خلافته في الجيش.. وصدام الأكثر نفوذاً
- «تقرير الخبراء»: عائلة حفتر دشنت خطة للسيطرة على الجيش ومناحي الحياة في الشرق
- يستثنيه من الرقابة وديوان المحاسبة.. «النواب» يكلف نجل حفتر مديرًا لصندوق الإنماء

كما أشارت الوكالة الفرنسية إلى واقعة مقتل وزير الدفاع بحكومة الوفاق الوطني سابقا، المهدي البرغثي، وعدد من مرافقيه نهاية العام الماضي، بعدما قبض عليهم بدعوى «إثارة العنف ومحاولة القيام بهجمات مسلحة»، وكذلك خُطف النائب إبراهيم الدرسي الشهر الماضي، فيما تعد الواقعة الأشهر هي اختطاف النائبة سهام سرقيوه التي ما زال مصيرها مجهولاً منذ العام 2019 عقب ساعات من مشاركتها في مداخلة تلفزيونية انتقدت فيها هجوم قوات «القيادة العامة» على طرابلس آنذاك.

هل ينسحب حفتر من الحياة العامة؟
ورأت المبعوثة السابقة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة ستيفاني وليامز، في مقالة نشرها موقع «بروكينغز» للأبحاث والرأي ومقره واشنطن مطلع فبراير الماضي، أن أبناء حفتر يتنافسون «على المناصب» لخلافته، في الوقت الذي يستعد فيه «للانسحاب» من الحياة العامة.

وحول مصير الجيش، توقعت ستيفاني أن يتولى نجله صدام قيادته خلفًا لوالده، خاصة بعد ترقيته أخيرا، ويرى الباحث ولفرام لاخر إن «الدبلوماسيون الغربيون والأمم المتحدة بدأو في إضفاء الشرعية على تركيبة السلطة العائلية هذه التي تعتبر ثلثي البلاد وثرواتها الباطنية حكرًا عليها، من خلال الاجتماع علنًا مع أبناء حفتر».