Atwasat

قرار رفع المحروقات المتأرجح يثير أزمة تسعى حكومته إلى احتوائها... ثلاثة تحديات تواجه الدبيبة بشأن ملف الدعم؟

القاهرة - بوابة الوسط الأربعاء 17 يناير 2024, 10:51 مساء
WTV_Frequency

أطلق رئيس حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» عبدالحميد الدبيبة، اليوم الأربعاء، عدة رسائل بشأن ملف دعم المحروقات، تتلخص في العودة إلى اسطلاع رأي شعبي حول قضية رفع الدعم، الذي ينوي استبداله بآخر نقدي، بذريعة مواجهة مشكلة تهريب الوقود المتراكمة، وذلك في وقت يطرق مقترحه جدلاً واسعًا على الصعيد الشعبي.

جاء حديث الدبيبة خلال كلمته أمام ملتقى مخاتير المحلات في ليبيا، اليوم الأربعاء، أظهر خلالها محاولة لـ«تصحيح مسار» الدعم، بينما تلوح في الأوفق ثلاثة تحديات تحتاج إلى حلول.

التحدي الأول يكمن في شعور المواطنين بأن الأيام المقبلة تحمل إليهم إرهاصات جديدة نحو غول الغلاء في الأسعار، وبالتالي فاحتياجاتهم المعيشية على المحك، في وقت يرون فيه أن دخولهم محدودة. والتحدي الثاني في محاولة الحكومة معالجة تلك القضية الشائكة الحساسة، التي تعانيها أية دولة تتجه نحو رفع الأسعار أو رفع الدعم عن المواطنين. أما التحدي الثالث فيتمثل في جملة ظروف سياسية، على رأسها التباينات المختلفة بين الأطراف الليبية، وطرق الحل الشائكة، وظروف اقتصادية تتمثل في إشكالية النفط، التي ينطبق عليها صفة «الثروة المخنوقة»، التي لو انفرجت حلولها سوف تلقي بظلالها الإيجابية على الجميع، وهو ما يتطلب الوصول إلى أفضل معالجة لهذا الملف.

وقال الدبيبة، في كلمته إنه «منفتح على استقبال آراء الجميع» فيما يتعلق بموضوع رفع الدعم عن الوقود، وإحلال بدائل له، ورأى أن هذا التوجه «يقطع الطريق ليس فقط على المهربين، بل سينهى مشكلة الدعم التي تراكمت على مدى 50 سنة، وأهدر بسببها نحو 60 مليار دينار ليبي» معتبرا أن «دعم المحروقات بات عبئاً على الميزانية العامة، وأرهق الدولة والمواطن، وأصبح مصدر استرزاق للمهربين والسماسرة».

حوار وطني.. وبدائل لاحتواء الرأي العام
وفي محاولة لاحتواء الرأي العام، طرح الدبيبة بديلا يتمثل في أولاً: منح المواطن مبلغًا ماليًا أو كوبونًا، وثانياً الترحيب الكامل بالآراء كافة في حوار وطني مفتوح أو استطلاع عام للرأي.

في الجهة المقابلة، يرى كثيرون، ومنهم مسؤولون سابقون في الجهاز المصرفي حسب تصريحات منقولة عنهم، أن البديل النقدي للدعم سيكون غير كاف، وأن المواطن سيعاني تضخما جديدا، مع زيادة المخاوف من أن إلغاء الدعم سيرفع أسعار الوقود لأكثر من 200%.

حكومة الدبيبة تستبق خطوتها «الجريئة»
واستبقت حكومة الدبيبة خطوتها المثيرة للجدل بإطلاق ما أسمته «الاستعلام الوطني»، السبت الماضي، حول «إصلاح سياسة الدعم على المحروقات»، بينما لم تحدد القيمة المالية لكل مواطن.

صاحب ذلك تأكيد مدير إدارة الموارد المالية رئيس لجنة دراسة ملف المحروقات بوزارة المالية، وسام الساعدي، أن الحكومة لم تقرر حتى الآن القيمة المستحقة في حال تقرر رفع الدعم عن المحروقات، ولا تزال تعمل على دراسة هذه العملية من جميع جوانبها، وهذا الأمر في حد ذاته يشير إلى محاولة الحكومة محاولة احتواء الرأي العام وسط كل تلك التحديات. وأوضح أن الفئة المستحقة للدعم هي «الفئة المحتاجة» التي سيجري تعويضها بمقابل مادي يناسب احتياجاتها، ومشيرا إلى مخاوف المواطنين من «انخفاض القوة الشرائية»، وعدم الثقة في الحكومة وإجراءاتها بشأن الإصلاح الاقتصادي.

«لغة التواصل» الوطني
ودعم ذلك تأكيد «لغة التواصل الوطني» من خلال إرسال مركز الاتصال المحلي، التابع لوزارة الحكم المحلي، أكثر من 561 ألف رسالة نصية إلى هواتف المواطنين، ورابط يُمكنهم من التفاعل مع الأسئلة المطروحة.

ورأي الخبراء والمختصون أنهم جزء من تلك الإشكالية التي تصب في خانة الإفادة الوطنية، حيث حذر الخبير الاقتصادي محمد أبوسنينة من استبدال الدعم النقدي بدعم الوقود قبل مراجعة سياسات توزيع الدخل، والحد من تضخم الإنفاق العام غير الإنتاجي.

- الدبيبة: سنعطي للمواطن ثمن البنزين مبلغًا ماليًا أو كوبونًا
- الدبيبة يشهد فعاليات النسخة الثالثة لملتقى مخاتير محلات ليبيا بطرابلس

وقال أبوسنينة الذي شغل منصب مدير إدارة الرقابة على المصارف والنقد: «نسبة كبيرة من المواطنين لا يتقاضون أكثر من الحد الأدنى للأجور، بينما لا تكفي رواتب آخرين لمواجهة تكلفة المعيشة»، مشيرا إلى أن هذا القطاع من المواطنين «في حاجة إلى دعم كل ما يستهلكون من سلع وخدمات».

متوسط الإنفاق الشهري للأسرة الليبية
والشهر الماضي، كشفت النتائج الأولية لمسح الدخل والإنفاق الأسري للعام 2022-2023 أن متوسط الإنفاق الشهري للأسرة الليبية 3094.5 دينار، من بينها 1250.5 دينار (40.4%) على المواد الغذائية.

وأشار أبوسنينة إلى أن الاقتصاديين أول من نادوا بإصلاح الدعم إصلاحاً اقتصادياً لا يؤدي إلى الإضرار بفئة عريضة من المواطنين، وتعريض مستوى معيشتهم للتدهور، إذ طالبوا بالرفع التدريجي للدعم، والتعويض العادل للمواطنين من خلال توفير البديل النقدي.

وأظهرت توقعات أولية لمنظمة الدول المصدرة للنفط (أوبك)، نشرتها الأربعاء في تقريرها الشهري، «نموا قويا» يشهده الطلب على النفط في 2025 نحو مستوى قياسي جديد.

وسيستهلك العالم 106.2 مليون برميل نفط في المتوسط يوميا مقارنة بتقديرات تبلغ 104.4 مليون في العام 2024 و102.1 في العام 2023، بحسب وكالة «فرانس برس».

وهذه التوقعات تجعل الطلب على النفط عند مستوى قياسي جديد، على الرغم من دعوات خبراء المناخ إلى تقليل استهلاك الوقود الاحفوري، أكبر المساهمين في ارتفاع حرارة الأرض.

وذكرت المنظمة في هذا التقرير أن «التوقعات الأولية لنمو الطلب العالمي على النفط في العام 2025 تفيد بنمو قوي بـ1.8 مليون برميل يوميا على أساس سنوي» (مقارنة بالعام 2024).

إشكالية ثروة النفط
أما على صعيد ثروة النفط شبه المعطلة على خلفية التباينات السياسية والسيطرة الأمنية في مناطق توافر حقول النفط، فإنها تتطلب الاتجاه نحو التجاوب مع المصالحة التي تبذلها الأطراف الدولية ومبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا عبدالله باتيلي، خاصة أن النمو العالمي على طلب النفط يتأثر جديا بالإنتاج المنخفض من جانب كلا من ليبيا ونيجيريا بسبب النزاعات الداخلية.

وخلص مسح أجرته «رويترز» إلى أن ارتفاع إنتاج أوبك النفطي في أبريل الماضي جاء أقل من الزيادة المقررة بموجب اتفاق مع حلفاء المنظمة، إذ بددت الانخفاضات في ليبيا ونيجيريا تأثير زيادة الإمدادات من جانب السعودية، وغيرها من كبار المنتجين.

ووجد المسح أن منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) ضخت 28.58 مليون برميل يوميا في أبريل، بزيادة 40 ألف برميل يوميا عن الشهر السابق، وأقل من 254 ألف برميل يوميا المنصوص عليها في اتفاق الإمدادات.

ورفعت المؤسسة الوطنية للنفط في ليبيا حالة القوة القاهرة، التي سبق أن أعلنتها في ميناء الزويتينة النفطي الأسبوع الماضي، محذرة من أن «موجة مؤلمة من الإغلاقات» بسبب أزمة سياسية بدأت تعصف بمنشآتها.

زيادة الإنتاج 400 ألف برميل يوميا
وينص الاتفاق على زيادة الإنتاج 400 ألف برميل يوميا في أبريل من قِبل أعضاء «أوبك+»، منها نحو 254 ألف برميل يوميا يتقاسمها منتجو أوبك العشرة الذين يشملهم الاتفاق.

ووفقا لمسوح لـ«رويترز»، يقل الإنتاج عن الزيادات التي جرى التعهد بها من أكتوبر إلى مارس، مع استثناء فبراير، إذ يفتقر العديد من المنتجين إلى القدرة على ضخ المزيد من الخام بسبب نقص الاستثمارات، وهو اتجاه تفاقم بسبب الجائحة.

نتيجة ذلك، يضخ أعضاء «أوبك» العشرة أقل بكثير مما نص عليه الاتفاق. ووجد المسح أن امتثال «أوبك» للتخفيضات التي تعهدت بها بلغ 164% مقابل 151% في مارس الماضي.

ولكل تلك الأسباب يؤكد مراقبون ضرورة اللجوء العاجل لحوار وطني كحل يحقق الانسجام المأمول للاستقرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي في ليبيا.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
لبرنامج «فلوسنا».. خبير اقتصادي ينتقد قرار «المركزي» سحب الخمسين دينارًا في ظل أزمة السيولة
لبرنامج «فلوسنا».. خبير اقتصادي ينتقد قرار «المركزي» سحب الخمسين ...
تحذير فرنسي من تأجيج روسيا والوضع الاقتصادي بدول مجاورة لليبيا قوافل الهجرة
تحذير فرنسي من تأجيج روسيا والوضع الاقتصادي بدول مجاورة لليبيا ...
تحرير طفل من خاطفيه في بنغازي
تحرير طفل من خاطفيه في بنغازي
تكالة يبحث تعزيز العلاقات مع الأردن
تكالة يبحث تعزيز العلاقات مع الأردن
معاناة استمرت 12 يومًا.. أسرة تشادية تتنفس الصعداء بعد تحرير طفلها المخطوف في بنغازي
معاناة استمرت 12 يومًا.. أسرة تشادية تتنفس الصعداء بعد تحرير ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم