Atwasat

روسيا تقرر خوض مواجهة مباشرة مع الغرب في أفريقيا.. كيف تتأثر ليبيا؟

القاهرة - بوابة الوسط: ترجمة هبة هشام الأحد 14 يناير 2024, 02:28 مساء
WTV_Frequency

أبرز تقرير لمعهد أبحاث السياسة الخارجية الأميركي عزم روسيا التحرك لمنافسة الولايات المتحدة والقوى الغربية بشكل مباشر في القارة الأفريقية، خصوصا في منطقة الساحل جنوب ليبيا، بعد أن تتولى العمليات الأمنية لمجموعة «فاغنر» شبه العسكرية بشكل كامل.

فمنذ مقتل قائد مجموعة «فاغنر» العسكرية، يفغيني بريغوجين، بتحطم طائرة غامض، أصبحت المشاريع الأمنية الروسية في أفريقيا في مهب الريح، وهو ما دفع موسكو إلى التحرك لتعزيز وجودها في القارة السمراء. لكن تداعيات ذلك بالنسبة إلى أفريقيا، خصوصا المنطقة الغربية التي تعاني بالفعل العنف والانقلابات العسكرية، غير واضحة إلى الآن.

وفي الوقت نفسه، يبدو أن الولايات المتحدة وحلفاءها من القوى الغربية بدأت بالفعل في الانجرار بشكل بطئ إلى المنافسة مع روسيا في أفريقيا، وهو ما سيؤدي حتما إلى التصعيد.

لكن التقرير نبه إلى أنه بدون تأمين عقود لاستخراج موارد ذات قيمة، أو تأمين ضمانات أخرى مثل السيطرة على مرافق الموانئ في البلدان التي توجد بها، فلن تستطيع روسيا الحفاظ على عملياتها الأمنية في أفريقيا.

- «مخاطر محدقة».. هل يغير «الفيلق الأفريقي» مسار المعادلة الليبية؟
- «ألباييس» الإسبانية: روسيا تسعى لكبح النفوذ الغربي في «جوار ليبيا»

تفاقم التوترات في ليبيا
وتناول تقرير المعهد الأميركي ما تناقلته وكالات أنباء إيطالية وفرنسية بشأن ضربة جوية أميركية استهدفت طائرة عسكرية روسية في مطار الجفرة، معتبرا أنه دليل على زيادة التوترات السياسية في البلاد، ويعكس الرغبة الروسية المتزايدة لتحقيق هدف المواجهة مع الغرب.

ولفت إلى أنه في التاسع عشر من ديسمبر الماضي استهدفت مسيرة طائرة نقل روسية من طراز «إليوشن إيل-76»، وأظهرت صور الأقمار الصناعية احتراق الطائرة على مدرج المطار في الجفرة، وهي قاعدة تابعة لـ«القيادة العامة» للجيش المدعوم من مجموعة «فاغنر».

كما أشار التقرير إلى أن الطائرة الروسية كانت تحمل أجهزة تشويش إلكترونية مخصصة لليبيا والسودان، مضيفا أن هذا الهجوم أعقب هجمات مماثلة، في السابع من ديسمبر، على مطار الجفرة وزلة.

ولم يتفق المراقبون بشأن منفذ تلك الهجمات، بينما نقلت وكالة «نوفا» الإيطالية و«صوت فرنسا الدولي» عن مصادر ليبية أن مسيرة أميركية نفذت تلك الهجمات.

وربط المعهد الأميركي بين تلك الهجمات وتصريحات أخيرة لوزارة الخارجية الأميركية، اعتبرت «فاغنر» الروسية «عنصرا خطيرا ومزعزعا للاستقرار في ليبيا، وعرقلت التحول الديمقراطي في البلاد بالعام 2021، ولا تملك أي مصلحة في التوصل إلى حل سياسي للصراع في البلاد».

وقال: «الهجمات والتصريحات الأميركية القوية ضد فاغنر تعكس تنامي الرد الغربي العسكري على أنشطة المجموعة الروسية في ليبيا والقارة الأفريقية بشكل عام، ويدلل بشكل خاص على عدم رضا أميركي عن الوضع القائم في ليبيا، واستغلال الكرملين البلاد كنقطة عبور لأنشطتها العسكرية والأمنية في أرجاء أفريقيا».

المنافسة مع الغرب
ويرى المعهد الأميركي أن سلوك روسيا يعكس بشكل متزايد رغبتها في منافسة الغرب، سواء عبر التصادم بشكل مباشر، كما هو الحال مع القوات الخاصة الأوكرانية في السودان، أو الانخراط في أنشطة دبلوماسية ومخابراتية في ليبيا وبوركينا فاسو ومالي.

وتتحرك موسكو لملء الفراغ الذي تركه الغرب في بعض الدول، مثل مالي، ما يضعها في مرمى نيران المجموعات الجهادية هناك، التي بدأت في الآونة الأخيرة في تحويل خطابها المناهض للغرب ضد روسيا.

لكن المعهد الأميركي يرى أنه سيكون من الصعب بالنسبة إلى روسيا الحفاظ على مستوى عملياتها الأمنية في أفريقيا مع استمرار حربها في أوكرانيا، ولا سيما أن البديل الذي أعدته موسكو لخلافة «فاغنر» لم يتول مهام المجموعة بشكل كامل بعد.

وبغض النظر، فإن قرار الكرملين الاستمرار في دعم المهمات الأمنية في أفريقيا يعتمد في الوقت الراهن على نهج أكثر مباشرة، وهذا يعني أن حرب الاستنزاف الروسية المستمرة في أوكرانيا ستعمل بمثابة البوابة لمزيد من الانتشار العسكري في أفريقيا.

وقد يشكل استنزاف القيادة مشكلة خاصة بالنسبة لعمليات نشر القوات الأفريقية الجديدة، حيث يبدو أن الكرملين بدأ يستنزف كوادر القيادة العسكرية وشبه العسكرية مع مقتل الكثيرين في أوكرانيا، والتخلص من آخرين أمثال بريغوجين وزميليه من قادة «فاغنر» ديمتري أوتكين وإيفجيني ماكاريان.

تأمين مصادر مالية للعمليات في أفريقيا
غير أن معهد أبحاث السياسة الخارجية يرجح فشل الانتشار العسكري لروسيا في أفريقيا إذا فشل الكرملين في تأمين مصادر مالية لعملياته، وغيرها من الضمانات مثل الموانئ والموارد.

وتنخرط روسيا في حرب مكلفة في أوكرانيا، زادت صعوبتها العقوبات الغربية، وستحتاج أي عمليات جديدة لـ«فاغنر» استثمارا من قِبل الدولة الروسية. وإذا فشلت عمليات النشر هذه في دعم العائد السريع على الاستثمار، فمن غير المرجح أن يتمكن الكرملين من مواصلة هذه العمليات إلى أجل غير مسمى. تبدو هذه الحقيقة جلية في مالي، حيث تحاول «فاغنر» اقتحام صناعة تعدين الذهب، لتعويض تكاليف دعم باماكو.

بوركينا فاسو.. القاعدة المقبلة لعمليات «فاغنر»
يتوقع عديد الخبراء أن تصبح بوركينا فاسو القاعدة الجديدة لعمليات «فاغنر» في أفريقيا، بعد الانقلاب العسكري الذي شهدته البلاد بالعام 2022، وفي خضم القتال المستمر مع الجماعات الجهادية.

ويتنافس الانتشار العسكري الروسي الأخير في بوركينا فاسو بشكل مباشر مع العمليات الفرنسية والغربية في المنطقة، ويدلل وصول عشرين من العسكريين الروس إلى البلاد، يُزعم أنهم من المخابرات العسكرية نهاية العام 2023، على أن هذا التطور قد يؤتي ثماره أخيرا.

يتزامن ذلك مع إعلان اعتقال أربعة فرنسيين بتهم التجسس. وفي حين تزعم حكومة المجلس العسكري في بوركينا فاسو أن الأربعة يعملون لمصلحة المخابرات الفرنسية، فإن التوقيت الزمني شديد التقارب بين وصول العسكريين الروس واعتقال الفرنسيين الأربعة يؤكد تورط موسكو في هذه العملية.

وعلى الرغم من أن المخابرات الفرنسية واصلت دعم الاستخبارات العسكرية في بوركينا فاسو بالتزامن مع انسحاب القوات العسكرية الفرنسية، يبدو أن وصول العسكريين الروس قد أنهى تلك التعاملات السرية.

ويعد النشاط الروسي في بوركينا فاسو، حسب معهد أبحاث السياسة الخارجية، تطورا طبيعيا لتكتيكات «فاغنر» ضد القوات الفرنسية في مالي، ويعكس الطبيعة المتغيرة للوجود الروسي في أفريقيا.

في هذه الحالة، دفعت المنظمات الموالية لـ«فاغنر» بسرد داعم لروسيا ومناهض لفرنسا في الاستفتاءات العامة ومنصات التواصل الاجتماعي. وفي بوركينا فاسو، حول الروس نهجهم من نموذج «شركات القطاع الخاص» إلى نهج أكثر سيطرة على الدولة، يستهدف الأصول الأمنية الفرنسية بدلاً من التحول الأكثر غموضاً في الرأي العام، كما حدث في مالي.

- مع أنباء «الفيلق الأفريقي» بليبيا.. دبلوماسي روسي يكشف مصير «فاغنر» في مالي
- بعد دور «مشبوه» في ليبيا.. هل تقف «فاغنر» وراء التوتر الدبلوماسي بين الجزائر ومالي؟

امتداد روسي في مالي
وفي مالي، قال المعهد الأميركي: «فاغنر والكرملين في مهمة أكبر من قدراتهما، فتأثير فاغنر على الجيش المالي وضع المجموعة في مرمى نيران الانفصاليين الطوارق والجماعات الإسلامية».

وأضاف: «سيطرت التشكيلات التي تقودها فاغنر أخيرًا على مدينة كيدال، التي كانت تحتلها سابقًا قوات الأمن الغربية، في انتهاك لاتفاق الجزائر لعام 2015، الذي أعطى مجموعات الطوارق حقوقًا ذاتية الحكم في هذه المنطقة. وعلى الرغم من أن مجموعات الطوارق قد تتراجع، فإن هذا التراجع قد يوقع فاغنر وحلفاءها الماليين في فخ».

وفي تلك الأثناء، يبدو أن المجموعات الجهادية في مالي تحول تركيزها من فرنسا إلى روسيا. ففي أول ظهور له منذ أغسطس 2021، أعلن زعيم جماعة «نصرة الإسلام والمسلمين» التابعة لتنظيم «القاعدة»، إياد أغ غالي، مرحلة جديدة من الحملات ضد حكومات منطقة الساحل. ووصف «فاغنر» بأنها «جيش بلا قيم وسلوك سيئ»، معتبرا نفسه «المدافع عن المدنيين العالقين بين المطرقة والسندان»، في إشارة إلى «فاغنر» والجيش المالي.

وتستهدف أنشطة «فاغنر» في مالي المدنيين بشكل كبير، بنسبة 69% من إجمالي أنشطتها. وقد أدخلت المجموعة الأفخاخ المتفجرة في مالي للمرة الأولى. غير أن المجموعة الروسية أثبتت عدم فعاليتها ضد «نصرة الإسلام والمسلمين»، في حين تواصل «ولاية الساحل الإسلامية» التابعة لتنظيم «داعش» توسيع نطاق انتشارها في مالي.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
برنامج «فلوسنا» يناقش احتياطات الدولار ورحلة الدينار؟
برنامج «فلوسنا» يناقش احتياطات الدولار ورحلة الدينار؟
حكومة الدبيبة: استثناء مواطني فلسطين من رسوم التأشيرة والإقامة
حكومة الدبيبة: استثناء مواطني فلسطين من رسوم التأشيرة والإقامة
استمرار ترميم «فيلا سيلين» بآثار لبدة في الخمس
استمرار ترميم «فيلا سيلين» بآثار لبدة في الخمس
شركة الهروج ترفع الإنتاج بحقل الفريغ إلى 1600 برميل يوميا
شركة الهروج ترفع الإنتاج بحقل الفريغ إلى 1600 برميل يوميا
وفاة شخص في حادث سقوط سيارة من جسر مصفاة الزاوية
وفاة شخص في حادث سقوط سيارة من جسر مصفاة الزاوية
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم