قال صندوق النقد الدولي إن ليبيا تحتاج بشكل عاجل إلى رؤية اقتصادية واضحة ومساعدة فنية، لتنمية قدرات السلطات الليبي في مجالات عدة، مشيرا إلى ضرورة وجود ميزانية محددة؛ لأن الإنفاق غير المجدد يؤدي إلى تعقيد تنفيذ سياسة الاقتصاد الكلي.

جاء ذلك في بيان صادر اليوم الإثنين، لمناسبة ختام الاجتماعات التمهيدية لمشاورات المادة الرابعة بين ليبيا وصندوق النقد، التي استضافتها العاصمة تونس خلال الفترة من 13 إلى 16 نوفمبر الجاري.

مشاورات المادة الرابعة
تنص المادة الرابعة من اتفاقية تأسيس صندوق النقد الدولي على إجراء مناقشات ثنائية مع الدول الأعضاء، تُجرى في العادة على أساس سنوي، حيث يزور فريق من خبراء الصندوق البلد العضو، ويجمع المعلومات الاقتصادية والمالية اللازمة، ويجرى مناقشات مع المسؤولين الرسميين حول التطورات والسياسات الاقتصادية في هذا البلد.

وبعد العودة إلى مقر الصندوق، يُعِد الخبراء تقريرًا يشكل أساسا لمناقشات المجلس التنفيذي. وفي ختامها، يُقدّم مدير عام الصندوق ملخصًا لآراء المديرين التنفيذيين، ويُرسَل هذا الملخص إلى السلطات في البلد العضو.

وخلص تقرير الخبراء، بحسب بيان الصندوق المنشور عبر موقعه الإلكتروني، إلى أن إعلان إعادة توحيد إدارة المصرف المركزي أدى إلى «تحسينات مرحب بها» في الإشراف المصرفي وتنسيق السياسة النقدية.

ونوه البيان إلى أن هذه الآراء عبر عنها فريق الخبراء بقيادة ديمتري غيرشينسون، ولا تمثل بالضرورة آراء المجلس التنفيذي لصندوق النقد الدولي. وناقش فريق الخبراء مع مسؤولين ليبيين التطورات الاقتصادية والمالية في ليبيا، وآفاق الاقتصاد الكلي، وأولويات الإصلاح.

- اختتام الاجتماعات التمهيدية لمشاورات المادة الرابعة بين ليبيا وصندوق النقد
- «المركزي» يبحث مع صندوق النقد تداعيات «دانيال» وإعادة الإعمار
- «المركزي» يبحث سياسة سعر الصرف مع خبراء صندوق النقد في تونس

خبراء صندوق النقد: توقعات اقتصادية إيجابية لليبيا على المدى المتوسط
وأفاد تقرير الخبراء بأن التوقعات الاقتصادية لليبيا على المدى المتوسط لا تزال إيجابية بسبب الارتفاع المتوقع في أسعار النفط، وذلك على الرغم من الفيضانات المدمرة التي شهدتها المنطقة الشرقية.

ويعتقد الخبراء أن تأثير كارثة الفيضانات على الناتج المحلي الإجمالي يمكن أن يكون صغيرًا نسبيًا، نظرًا لأن الاقتصاد الليبي يعتمد إلى حد كبير على إنتاج النفط والغاز. لكنهم شددوا على الحاجة الملحة لرؤية اقتصادية واضحة للبلاد. فعلى المدى القصير، تحتاج ليبيا إلى ميزانية محددة، بالإضافة إلى إستراتيجية اقتصادية على المدى المتوسط، لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط والغاز، وتعزيز نمو أقوى وأكثر شمولا بقيادة القطاع الخاص.

توصية بزيادة الإنفاق على الاستثمارات الإنتاجية
يقول التقرير إن خفض إعانات الدعم غير المستهدفة يمكن أن يحرر الموارد اللازمة للإنفاق الاجتماعي والاستثمارات الإنتاجية بشكل أفضل، وبالتالي التركيز على المدى الطويل على جهود الإصلاح الهيكلي وتعزيز المؤسسات، وتحديث إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، ومعالجة مخاوف الفساد والحوكمة.

ورحب خبراء الصندوق بالإصلاحات التي أجرتها السلطات الليبية العام الجاري، مشيرين إلى تقدم ملحوظ نحو تحسين جمع البيانات، وتعزيز إطار مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب، والابتكار في مجال التكنولوجيا المالية، ومواءمة الإشراف المصرفي مع المعايير الدولية.

ورأى الخبراء أن اللجنة المالية العليا، التي جرى إنشاؤها أخيرًا، التي تضم ممثلين من شرق وغرب البلاد، بمثابة تحسن، لكنها «تحتاج إلى التطور نحو عملية إعداد الميزانية، بما يتماشى مع أفضل الممارسات العالمية».

كما رأى التقرير أن إعادة توحيد المصرف المركزي أخيرا تشكل خطوة في الاتجاه الصحيح، حيث تتمثل الفائدة المباشرة الناجمة عن إعلان أغسطس في تحسين التنسيق في مجالات السياسة النقدية والنظام المصرفي والرقابة، داعيا إلى ضرورة أن تتضمن الخطوات التالية دمج نظام الدفع وتوحيد الهيكل التنظيمي للبنك المركزي والإجراءات المحاسبية.

وشدد التقرير على أن صندوق النقد يساعد السلطات في تنمية القدرات بالعديد من المجالات، بما في ذلك الإدارة المالية العامة، والإحصاءات النقدية والمالية، والحسابات القومية، والضرائب، والجمارك، وإحصاءات الأسعار.

فريق الخبراء: التقدم في معالجة التحديات يعتمد على وتيرة المصالحة السياسية
وتشمل أنشطة تنمية القدرات المستقبلية الأنظمة الضريبية، والإشراف على القطاع المالي وتنظيمه، وإحصاءات ميزان المدفوعات، ومكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

مع ذلك، يرى الخبراء أن التقدم في معالجة التحديات التي تواجهها ليبيا على المدى القصير والمتوسط، بما في ذلك تحديث أطر السياسة المالية والنقدية، سيعتمد إلى حد كبير على وتيرة المصالحة السياسية.