Atwasat

باحث بمعهد «تشاتام هاوس» يضع خيارات تتجاوز الانقسام السياسي لإعادة إعمار درنة

القاهرة - بوابة الوسط: ترجمة هبة هشام الإثنين 30 أكتوبر 2023, 03:53 مساء
WTV_Frequency

رأى مقال نشره المعهد الملكي للشؤون الدولية «تشاتام هاوس» أن هيكلة صندوق لإعادة إعمار مدينة درنة لن تتحقق دون التغلب على الانقسامات السياسية في البلاد، حتى تكون العملية ملكا خالصا للشعب الليبي وبإشراف دولي، ورجح كاتب المقال تيم إيتون أن تبلغ تكلفة إعمار درنة مليار دولار على الأقل.

ولفت إيتون وهو باحث في برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى استمرار جهود الأمم المتحدة ووكالاتها التابعة لتقييم الأضرار الناجمة عن الفيضانات المدمرة التي صاحبت العاصفة «دانيال»، سبتمبر الماضي.

وشدد المقال على ضرورة  وجود اتفاق بين الحكومة المكلفة من مجلس النواب و«حكومة الوحدة الوطنية الموقتة» قبل إنشاء الصندوق، وهو ما يتطلب إشرافا دوليا، مضيفا أن «اللجنة المالية العليا» يمكن أن تلعب دورا في «تخطي الخلافات بين الأطراف المتنافسة في شرق وغرب ليبيا للمضي قدما في عملية إعادة الإعمار».

و اقترح الباحث إنشاء لجنة على غرار «الآلية المالية الموقتة» المنشأة في العام 2011 للإشراف على إدارة وتخصيص أموال إعادة الإعمار، أو اللجوء كخيار أخير لاستخدام ورقة الأصول الليبية المجمدة في الخارج لتشجيع الأطراف الليبية على التوافق لإنشاء صندوق لإعادة الإعمار.

تحديات أمام الاستجابة للأزمة في درنة
وتحدث الكاتب عن «حجم التحدي المتمثل في الاستجابة للأزمة بالنسبة لدولة لم تظهر سلطاتها المتصارعة سوى القليل من الاستعداد حتى الآن للتوصل إلى تسوية من أجل المصلحة الوطنية».

وقال: «هناك كثير من اللوم وإلقاء المسؤولية، بداية من فشل السلطات في إصلاح وترميم السدين القديمين في درنة، إلى الاستجابة المعيبة للسلطات المحلية للعاصفة قبل دخولها ليبيا، ما فاقم من حالة الغضب بين الليبيين، وزاد من دعوات إجراء تحقيق دولي مستقل في الكارثة».

وأضاف: «إلى جانب التحدي المباشر المتمثل في دعم الضحايا وتنسيق المساعدات، هناك حاجة إلى صياغة خطة لإعادة إعمار المدينة. يجري البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي تقييمات للأضرار والتعافي، ولكن مع تدمير جزء كبير من المدينة بالكامل، فمن المرجح أن تصل تكلفة إعادة إعمار درنة إلى مليار دولار».

دور المجتمع الدولي في إعمار درنة
لكن الكاتب يرى أن قليلا من أموال إعادة إعمار درنة سوف تأتي من المجتمع الدولي، مشيرا إلى تصريحات المبعوث الأممي عبدالله باتيلي الخميس الماضي، التي قال فيها إن «التكاليف المرتبطة بإعادة الإعمار ستأتي غالبا من الموارد الوطنية الليبية»، وهو الأمر الذي  يثير عددا من الأسئلة الحيوية حول كيفية إدارة تلك الأموال وتخصيصها، بتعبير كاتب المقال.

وأضاف أن «الدولة الليبية لديها سجل مشكوك فيه في إدارة المشاريع العامة، وأن الانقسام والنزاع المستمر بين مجلس النواب وحكومة الوحدة الموقتة يعني أن باب التنمية مازال مغلقا في الميزانية، وهو الباب المخصص لتطوير وبناء البنية التحتية للبلاد».

حكومة حماد تنظم مؤتمرًا دوليًا لإعادة إعمار درنة والمناطق المتضررة يومي الأربعاء والخميس
دعم أممي لصندوق إعمار بنغازي ودرنة للمساهمة في تأهيل المناطق المتضررة من الفيضانات
«حكومة الوحدة»: 315 مليون دينار لإعادة طرق درنة إلى سابق عهدها

الانقسام السياسي يعيق إعمار درنة
ولفت الكاتب إلى أن الوضع السياسي يهدد بعرقلة عملية إعادة الإعمار، وقال: «أصدرت الحكومة المكلفة من مجلس النواب دعوة لعقد مؤتمر دولي للمانحين، في حين أصدرت حكومة الوحدة الوطنية طلبا إلى البنك الدولي للحصول على المساعدة. وكان لدى كل من الحكومتين بالفعل وسيلة لإعادة الإعمار في منطقة درنة على الرغم من أن سجل هذه الأموال لا يبعث على الثقة».

وأضاف: «لم يجر الوفاء بميزانية الصندوق التابع لحكومة الوحدة الوطنية، كما أن الصندوق التابع لحكومة الوفاق السابقة تشوبه تهم بالفساد. ولم يحرز أي منهما تقدمًا في إعادة إعمار المدينة من الأضرار التي لحقت بها في العام 2018 جراء الحصار المفروض عليها، ولن يكون أي منهما على مستوى مهمة الرد على مأساة درنة».

وأكد الكاتب أن وجود اتفاق بين السلطات المتنافسة في شرق وغرب ليبيا ضرورة ملحة من أجل إنشاء صندوق لإعادة الأعمار يتسم بالشفافية والمحاسبة، مضيفا أن الأمر يتطلب وساطة دولية، لا سيما مع وجود توافق متنامٍ على الجانب الدولي في هذا الصدد.

خيارات متاحة لإنشاء صندوق إعادة الإعمار
وكانت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا  أشارت في 2 أكتوبر الجاري إلى الحاجة لآلية وطنية موحدة للمضي قدما بجهود إعادة الإعمار بفعالية وكفاءة في المناطق المتضررة من الفيضانات.

وهنا يشير الكاتب إلى وجود خيارات بشأن شكل الصندوق الذي يمكن تطويره. ويتضمن ذلك إنشاء صندوق استئماني متعدد المانحين يديره البنك الدولي، لكن هذا يتوقف على إقناع الأطراف الليبية بالسماح للمنظمات الدولية بإدارة أموال الإعمار دون أن يكون لها دور مباشر في صنع القرار.

ويجرى إنشاء الصناديق الاستئمانية لاحتواء الكوارث وتقديم منح لتخفيف أعباء ديون الدول الأشد فقرا والأكثر تعرضا للمخاطر التي تسببها الكوارث الطبيعية الحادة أو الكوارث المتعلقة بالصحة العامة.

وفي حال رفضت الأطراف الليبية هذا الخيار يرى الكاتب أنه «لا يمكن وضع الثقة في السلطات المتنافسة لإدارة أموال إعادة الإعمار دون درجة من الرقابة التي لا يمكن أن يوفرها المجتمع الدولي إلا بشكل هادف».

دور «اللجنة المالية العليا» في حل أزمة إعادة الإعمار
ولتخطي عقبة الخلافات القائمة بين السلطات في شرق وغرب ليبيا، اقترح الباحث العمل من خلال «اللجنة المالية العليا»، وهي لجنة جرى تشكيلها هذا الصيف بقرار من المجلس الرئاسي للتوافق بشأن القضايا المتعلقة بالميزانية.

وقال: «على الرغم من الخلافات التي نشبت بين أعضاء اللجنة وأدت إلى انسحاب ممثلي المنطقة الشرقية إلا أنه يمكن تشجيع الأعضاء المنسحبين على العودة للتوصل إلى اتفاق حول هيكل صندوق إعادة الإعمار وبشأن الوساطة الدولية في هذا الصدد».

كما يقترح الباحث إنشاء آلية موقتة على غرار «الآلية المالية الموقتة»، التي تشكلت  في العام 2011  لتوزيع الأموال على المناطق المحررة من نظام معمر القذافي.

وجرت إدارة تلك الآلية من قبل لجنة استشارية ليبية ولجنة توجيهية يرأسها ليبيون وتشمل الدول المانحة، إذا استجابت هذه الآلية للاختصاصات التي وضعت بالشراكة مع المجتمع الدولي واتبعت قواعد المشتريات التي وضعها البنك الدولي. والأهم من ذلك أنها أخضعت نفسها لعمليات التدقيق والشفافية بالنشر على الإنترنت كل ثلاثة أشهر.

وفي حال فشل تحقيق تقدم بهذا الخصوص، أشار الباحث إلى إمكانية الإفراج عن الأصول الليبية المجمدة بموجب العقوبات الدولية لصالح الصندوق، واستخدامها كوسيلة ضغط لتشجيع الأطراف الليبية على الموافقة على آليات قوية للمساءلة والشفافية.

وحذر الكاتب من أن «الفشل في التوصل إلى اتفاق سيؤدي إلى وضع فوضوي حيث ستكون جهود إعادة الإعمار غير منسقة وغير فعالة على الإطلاق. ومن الضروري أن يتحد المجتمع الدولي حول موقف للعمل مع السلطات الليبية للاتفاق على نموذج مناسب».

وأسفرت الكارثة التي ضربت مدينة درنة نتيجة سقوط كميات غير مسبوقة من الأمطار وانهيار سدين قديمين في المدينة عن وفاة أكثر من أربعة آلاف شخص وفقدان ثمانية آلاف آخرين. كما تحدثت وكالات الإغاثة الدولية عن نزوح عشرات الآلاف من المواطنين جراء الضرر الفادح الذي تركته العاصفة «دانيال».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«النواب» يطالب النائب العام بالتحقيق في «اختفاء» إبراهيم الدرسي ومحاسبة المتهمين
«النواب» يطالب النائب العام بالتحقيق في «اختفاء» إبراهيم الدرسي ...
ليبيا ترأس جلسات لجنة العلوم بالدورة 27 لمنظمة «الألكسو»
ليبيا ترأس جلسات لجنة العلوم بالدورة 27 لمنظمة «الألكسو»
دعا إلى الاستفادة من «ماتي».. التومي يطالب بتمويل أوروبي للاستثمار في جنوب المتوسط
دعا إلى الاستفادة من «ماتي».. التومي يطالب بتمويل أوروبي ...
تطعيم حجاج سرت قبل الانطلاق لأداء الفريضة
تطعيم حجاج سرت قبل الانطلاق لأداء الفريضة
حبس مسؤول مكتب الضمان الاجتماعي ـ النقازة بتهمة الرشوة
حبس مسؤول مكتب الضمان الاجتماعي ـ النقازة بتهمة الرشوة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم