تحدثت جريدة «ذا غارديان» البريطانية عن مخاوف من استغلال النخب السياسية في ليبيا الكارثة التي حلت بالمنطقة الشرقية، خصوصا مدينة درنة، جراء العاصفة «دانيال»، لتأجيل الانتخابات المقررة نهاية العام، وزيادة ثرواتهم.

وقالت الجريدة البريطانية في افتتاحيتها الخميس: «الكارثة في درنة ترمز إلى إخفاقات وجرائم هؤلاء ممن يمسكون بزمام السلطة في البلاد»، مؤكدة أن الشعب الليبي قد «اكتفى من هذا الفشل».

وأضافت: «السلطات في ليبيا لا ترغب في أن يركز الشعب على ضحايا الكارثة أو أسباب وفاتهم. يقول العلماء إن الاحتباس الحراري رفع احتمالات هطول الأمطار الغزيرة التي ضربت ليبيا 50 مرة، ولكن انهيار السدود العتيقة والفشل في إخلاء السكان ضاعفا الكارثة».

وخرج الناجون في مدينة درنة في تظاهرات حاشدة يطالبون بكشف أسباب تجاهل التحذيرات بشأن وضع السدين المتدهور، وكشف مصير ملايين الدولارات التي جرى تخصيصها خلال السنوات الماضية لصيانة وترميم السدين في درنة.

«الثروة والسلطة هدفا من في السلطة»
وأمام هذا الغضب الشعبي، لفتت الجريدة البريطانية إلى قرار السلطات في شرق ليبيا منع الصحفيين الأجانب من دخول درنة، مع حظر الصحافة المحلية كذلك، وانقطاع خطوط الاتصال والإنترنت.

وقالت «ذا غارديان»: «هناك حكومتان متنافستان، ولكن الدولة بالكاد تعمل. يتنافس تحالف من المجموعات المسلحة تابع لقائد «القيادة العامة» المشير خليفة حفتر مع حكومة «الوحدة الوطنية الموقتة» المعترف بها من الأمم المتحدة».

وأضافت: «هؤلاء ممن في السلطة يسعون للثروة والسلطة دون أدنى اعتبار لسبعة ملايين ليبي يعانون سنوات من الديكتاتورية والثورة والحرب الأهلية والانسداد السياسي. وتعتمد الحكومات غير الكفؤة على جهات أخرى، للقيام بواجباتها، مع قمع المجتمع المدني».

مراسلة «سي إن إن» ترصد أحوال الناجين وتتساءل: أرواح مكلومة في درنة.. كيف لها أن تشفى؟
بسبب العاصفة «دانيال».. ميناء درنة مرسى لجثث وسيارات وحطام
افتتاحية «فاينانشال تايمز»: النخب السياسية في الشرق والغرب تتحمل مسؤولية كارثة «دانيال»

الليبيون في الداخل والخارج سئموا الوضع
افتتاحية «ذا غارديان» لفتت إلى مخاوف متزايدة من استغلال القادة السياسيين الكارثة التي صاحبت العاصفة «دانيال» لزيادة ثرواتهم، وتأجيل الانتخابات الوطنية المقررة نهاية العام.

وقالت «ذا غارديان» إن « حفتر يعمل بالفعل على ترسيخ سلطته وسلطة عائلته، حيث جرى تكليف نجله صدام برئاسة لجنة الاستجابة للكوارث»، لكنها عادت وأشارت إلى أن «المجتمع الدولي سيضطر إلى التنسيق مع الرجل الذي استولت قواته على كميات كبيرة من النقد والفضة المملوكة للمصرف المركزي، حسب خبراء الأمم المتحدة، ونفذت انتهاكات أخرى، حسب منظمة العفو الدولية».

وأضافت: «الليبيون في الداخل والخارج سئموا الوضع، مع زيادة المطالب بتحقيق دولي في الكارثة، والبحث في دور السلطتين المتنافستين في شرق وغرب البلاد».

التحقيق المحلي في كارثة «دانيال» لن يحقق العدالة
واستبعدت الجريدة البريطانية أن يصل التحقيق المحلي في كارثة «دانيال» إلى العدالة التي ينشدها أهالي درنة، بل توقعت أن «يقدم التحقيق المحلي كبش فداء، ولن يتعاون مع المحققين الأجانب».

النخب السياسية أفلتت من العقاب على مدى عقد
وقالت: «النخب السياسية تمتعت بالإفلات التام من العقاب على مدى العقد الماضي، ولم تضطر حتى إلى تبرير إخفاقاتها وجرائمها. سلطت مأساة درنة الضوء على سلوكهم. ومن شأن التحقيق أن يسلط الضوء على الأقل على أفعالهم وتقاعسهم عن واجباتهم. كما سيضع الحكومات الغربية أمام مسؤوليتهم الخاصة».

واستعرضت افتتاحية الجريدة البريطانية جزءا من ورقة بحثية، أعدها مركز «تشاتام هاوس»، حول الوضع السياسي في ليبيا ولبنان والعراق، ترى أن واضعي السياسات في المجتمع الدولي منحوا الأولوية دائما للاستقرار على حساب المساءلة. وقالت: «التسويات النخبوية التي نتجت من هذا الوضع خلقت وأدامت أنظمة سياسية استفادت منها تلك النخب على حساب المواطنين».

وخلصت الورقة البحثية إلى أن «مثل تلك التسويات خفضت العنف المباشر، لكنها تجاهلت الأشكال الهيكلية للعنف، وفشلت في تحسين مكافحة الفساد وأهداف التنمية البشرية»، مؤكدة أن «زيادة المساءلة يجب أن تكون جزءا أساسيا من التوصل إلى تسويات سياسية، وهو ما تهرب منه القادة السياسيون في ليبيا حتى الآن».