Atwasat

بسبب العاصفة «دانيال».. ميناء درنة مرسى لجثث وسيارات وحطام

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 22 سبتمبر 2023, 01:47 مساء
WTV_Frequency

منذ نحو عشرة أيام، تحول ميناء درنة في شرق ليبيا من مرفأ يستقبل السفن والبضائع والركاب وينطلق منه الصيادون إلى حاضنة للجثث والسيارات والركام، بعد فيضانات جرفت أحياء كاملة من المدينة نحو البحر.

خلال الأيام الماضية، خلا الميناء من العمال والصيادين والمارة وتوقّفت سفن قليلة فيه. وحدها فرق البحث والإنقاذ المحلية والدولية تنشط في المكان للمساعدة في انتشال ما استقرّ في قعر حوضه، وفق وكالة «فرانس برس».

بين هذه السفن، القاطرة «إيراسا». كانت موجودة في مياه الميناء أيضًا ليلة العاشر من سبتمبر عندما ضربت العاصفة «دانيال» شرق ليبيا وتسبّبت بانهيار سدّين في أعلى درنة، ما أدى إلى فيضانات جرفت في طريقها أبنية وجسورا وأوقعت 3351 قتيلا على الأقل، في أحدث حصيلة رسمية موقتة، بينما لا يزال هناك آلاف المفقودين.

شاحنات عملاقة وجثث وسيارات في ميناء درنة
ويروي قائد القاطرة علي المسماري (60 عامًا) لـ«فرانس برس» أنه فكّر في اللحظات الأولى بإخراج السفينة من الميناء لتفادي ارتطام حطام بها، وتجنّب تعريض طاقمها للخطر. لكنه أكدّ أنه لم يرَ جدار الميناء ليتمكّن من تحديد موقع المخرج، بسبب ارتفاع مستوى البحر. ويقول: «لم يكن هناك إلا الدعاء لا أكثر».

عندما طلع النهار، ظهر هول الكارثة. ويعدّد المسماري ما رآه في حوض الميناء «شاحنات عملاقة، إطارات، ناس، منازل، أشجار نخل كاملة، حطب، غرف نوم، سخانات، غسالات، ثلاجات....».

وإن كان قسم كبير من كل هذا غرق في المياه بعد ساعات، فعلى الرصيف، تتناثر اليوم أغراض شخصية لفظها البحر أو استخرجها غطاسون: علب حليب أطفال، أدوات مطبخ، علب مساحيق تنظيف، علب عصير ممزقة، وقوارير زيت طبخ.

وأكد رئيس لجنة الأزمة في مصلحة الموانئ والنقل البحري الكابتن محمد شليبطة للوكالة الفرنسية أنه يجرى تنسيق الجهود «للبحث عن الأغراض العالقة في ميناء درنة حيث يُتوقع أن يكون هناك أشخاص داخل مركباتهم الآلية التي غرقت»، وأشار إلى أن «الميناء مقسّم إلى قطاعات، وكل منطقة كُلّف بها فريق معيّن».

ويتولى فريق إماراتي أحد القطاعات. وقد وصل مع معدّاته وبينها قوارب ودباب البحر (جيت سكي)، وبدأ عمليات تفتيش عبر الغطس والتحسّس، إذ إن «الرؤية معدومة» في المياه الداكنة التي تحوّل لونها إلى البنيّ بسبب الوحول، وفق ما يقول الغطّاسون.

كان قائد الفريق العقيد علي عبدالله النقبي يعطي توجيهاته إلى عناصره، مشدّدًا على ضرورة اتخاذ أقصى إجراءات الوقاية.

جهاز الإسعاف يعلن انتشال 365 جثة في درنة خلال أسبوع
الحماية المدنية الجزائرية تنتشل 96 جثة خلال عملياتها في درنة
المسماري: دفن 3660 جثة من ضحايا «دانيال» في درنة حتى الآن

من على متن مركب أصفر، نزل أربعة غطاسين إماراتيين يحملون على ظهورهم قوارير أكسيجين، كل اثنين في موقع يربط بينهما حبل أمان. بعد وقت قصير، خرج أحدهم وقال: «ربطنا (الحبل) بسيارة، لا نرى شيئًا، ربطنا الباب أو الحاجب العلوي». كذلك عثر غطاس ثانٍ على سيارة أخرى. بعد صعودهم الى المركب، ساعدهم زملاؤهم في خلع السعيفات ورشّوا مياه شرب على وجوههم، وفق «فرانس برس». إثر تحديد موقع السيارتين، أُحضرت رافعة بالتنسيق مع السلطات الليبية أَخرجت إحدى السيارتين.

انتشال جثث من البحر
رُفعت السيارة بحبل واحد ثمّ اقترب الغطاسون مجددًا لربطها بحبل ثانٍ من طرف آخر. جرى إبعاد جميع الأشخاص مسافة لا تقلّ عن عشرة أمتار خوفًا من سقوط وحول أو مياه أو حتى أشلاء بشرية من السيارة أثناء إخراجها.

بعد إنزال السيارة المحطّمة على رصيف المرفأ، اقترب فريق متخصص في التعامل مع الجثث يرتدي بزات بيضاء وقفازات ويضع كمامات، للكشف عمّا في داخلها. وأعلن الفريق أخيرًا أن لا جثث داخلها.

وقال قائد الفريق الليبي حافظ عبيد للوكالة الفرنسية: «التعامل مع جثة في البحر أسهل من التعامل مع الجثث التي تكون على البرّ لأن نسبة الملوحة تشكل عازلًا على الجلد». ويرجح أن تستغرق عملية انتشال ما استقر في قعر حوض الميناء أو حتى في قعر البحر أبعد من الميناء، وقتًا طويلًا.

وتتكثّف جهود الإنقاذ أيضًا في البحر قبالة ساحل المدينة المنكوبة كله، بعد أن جرف التيار الكثير من الجثث إلى الناحية الشرقية، حسب مصادر ملاحية.

العثور على مسنة في ثلاجة
في القاطرة «إيراسا»، يروي المسماري أن صيادين على متن «مراكب الصيد الخاصة كانوا أول من هرع لإنقاذ الأحياء ثمّ انتشال الأموات» ليلة الكارثة. وكان البحار الليبي أُبلغ بقدوم العاصفة «دانيال»، لكن عند الساعة الثانية والنصف «اهتزّت القاطرة البحرية بشكل غير عادي وغير مسبوق»، وفق قوله.

إلى جانبه، أكد العامل الفني في القاطرة توفيق أكروش (61 عامًا) أن «منسوب المياه ارتفع فوق الرصيف بحوالى متر ونصف مع وصول سيارات وآليات بكمية هائلة». ومالت السفينة بعد أن اصطدمت فيها مياه الفيضانات، فأشعل طاقمها المحرّكات وقطع الحبال لإبعادها عن الرصيف.

فجرًا، سمع طاقم السفينة صوت صراخ يطلب النجدة فهرع للمساعدة. وتبيّن أنها عجوز تختبئ عارية داخل ثلاجة طافية على وجه الماء، وقد نجت بأعجوبة. كانت تسأل «أين أختي؟»، حسب رواية البحارَين. لاحقًا، أنقذ الطاقم أيضًا رجلًا مصريًّا. ويروي المسماري أن الناجي قال لهم إنه «بعد النوم وجد نفسه هنا»، مضيفا: «ربما كان في غيبوبة».

عناصر إغاثة من فريق إماراتي يغطسون في البحر قبالة ميناء درنة في شرق ليبيا، 18 سبتمبر 2023 (أ ف ب)
عناصر إغاثة من فريق إماراتي يغطسون في البحر قبالة ميناء درنة في شرق ليبيا، 18 سبتمبر 2023 (أ ف ب)
بسبب العاصفة «دانيال».. ميناء درنة مرسى لجثث وسيارات وحطام

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
أحكام مشددة في مصر لعصابة تهريب مهاجرين إلى ليبيا
أحكام مشددة في مصر لعصابة تهريب مهاجرين إلى ليبيا
تنطلق غدًا.. المنفي يصل البحرين للمشاركة في القمة العربية الـ33
تنطلق غدًا.. المنفي يصل البحرين للمشاركة في القمة العربية الـ33
وزير خارجية سورية: دمشق حريصة على التعاون مع مؤسسات ليبيا الموحدة
وزير خارجية سورية: دمشق حريصة على التعاون مع مؤسسات ليبيا الموحدة
للاطمئنان عليهم ومتابعتهم.. ساعة إلكترونية في خدمة الحجاج الليبيين
للاطمئنان عليهم ومتابعتهم.. ساعة إلكترونية في خدمة الحجاج ...
الدبيبة يبحث استكمال الاشتراطات الأوروبية لرفع حظر الطيران عن ليبيا
الدبيبة يبحث استكمال الاشتراطات الأوروبية لرفع حظر الطيران عن ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم