في وقت هبّ الليبيون من كل مناطق البلاد فزعاً لنجدة المنكوبين والمتضررين من كارثة دانيال في المنطقة الشرقية، صدم الناجون من استغلال التجار للوضع في رفع الأسعار.

الغلاء لم يقتصر على السلع الأساسية أو الخضروات والفواكه بل طال حتى أكفنة الموتى؛ في ظل غياب الرقابة وانشغال الجميع بمحاولة انتشال آلاف الجثامين لضحايا كارثة ضربت بشكل خاص درنة ودمرت أجزاء كبيرة منها، وخلفت نحو 3500 حالة وفاة رسمية، منذ الأحد (10 سبتمبر 2023).

يبرز تجار الحروب والكوارث لاستغلال ما يحدث لتحقيق إرباح ولو على مآسي الليبيين الذين نزح منهم أكثر من 38 ألف شخص شرق البلاد.

وتداولت منصات التواصل الاجتماعي شكاوى لمواطنين مقهورين من رفع تجار للأقمشة في المناطق القريبة من درنة مثل طبرق وبنغازي، مع تزايد أعداد الضحايا ارتفعت أسعار الأكفان لتتخطى ثلاثة أضعاف سعرها السابق قبل كارثة دانيال. وبينما كان السعر قبل الإعصار نحو 40 ديناراً اليوم تكاد تقارب 190 ديناراً.

الحرس البلدي يحاول حل الأزمة
وإن كان هذا حال «تجار الموت» فإن هناك نوعاً آخر ينشطون في خط موازٍ للمأساة، إذ تداول نشطاء على مواقع التواصل الأحد الماضي مقطع فيديو لضابط من مديرية أمن البيضاء يدعو المواطنين لضرورة الإبلاغ عن المتاجرين بالأزمة والامتناع عن الشراء منهم.

وقال الضابط في مقطع فيديو لاقى تفاعلاً وتداولاً واسعاً: «فيه أرامل وناس قدموا من درنة بعدما فقدوا آباءهم ومتأثرين من الأوضاع، وأنت تبيع الطماطم بـ7 دنانير، اتق الله في نفسك يا تاجر».

بدورها، قالت مديرية أمن البيضاء إنها شنت حملة على تجار الأزمات الذين يستغلون الوضع الحالي للبلاد ويقومون بزيادة الأسعار على المواطن، مشيرة إلى متابعة ارتفاع الأسعار لمعرفة أسباب الغلاء المفاجئ، والقبض على كل من يمارس الاستغلال.

وأعلن المجلس البلدي البيضاء قائمة أسعار الخضروات والفواكه في المدينة، مشيراً إلى أن مراقبة الاقتصاد والتجارة في البيضاء عمَّمت صباح الأحد جدول الأسعار في مختلف مناطق البلدية.

وشدد البيان على متابعة جهاز الحرس البلدي التزام الأسواق والمحال التجارية بنمط التسعير المحدد، بشكل يومي. واشتكى ليبيون في أكثر من منطقة من ارتفاع أسعار المنتجات والسلع الغذائية والدوائية وخدمات النقل والملابس والإيجارات بشكل جنوني.

- للاطلاع على العدد 409 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

تجريم الاستغلال
من جانبها، حذّرت وزارة الاقتصاد والتجارة بـ«حكومة الوحدة الوطنية الموقتة» من أسمتهم «تجار الأزمات» من استغلال الظروف التي تمر بها المناطق المنكوبة جراء السيول والفيضانات داعية إلى العمل على انسياب السلع وتوافرها ومواجهة المضاربين.

وقالت الوزارة إنها ستتخذ الإجراءات القانونية بشأن من يستغل هذه الأوضاع لزيادة أسعار السلع الأساسية أو المضاربة فيها.

كما أصدرت قراراً بشأن «الجرائم ضد الاقتصاد العام والتلاعب بالأسعار» نص على قفل مراكز التوزيع بالجملة والمحال التجارية للبيع القطاعي بصفة موقتة أو نهائية ومصادرة بضائعها «إذا ثبت قيامها بإخفاء سلعة أو الامتناع عن بيعها أو بيعها بأسعار أعلى من ثمنها المحدد بما يؤدي إلى افتعال عجز غير حقيقي فيها بقصد المضاربة بها والتأثير على الأسعار والتربح غير المشروع من جراء الكارثة الطبيعية». كما نص القرار أن هذه الإجراءات المتخذة حيال المخالفين لا تغني عن تحريك الدعوى الجنائية ضدهم.

وعقد الوزير محمد الحويج اجتماعاً موسعاً لمتابعة أعمال لجان الإغاثة ومناقشة الأوضاع الاقتصادية بمدينة درنة والقرى المجاورة، وباقي المدن والقرى بالساحل الشرقي. وشدد على دور الوزارة والجهات والشركات التابعة لها والغرف التجارية وأصحاب الأعمال في متابعة الأوضاع الاقتصادية والعمل على تقديم الدعم اللازم لضمان استمرار الخدمات بالمناطق المنكوبة.

قبل ذلك، أصدر رئيس الحكومة ذاتها عبدالحميد الدبيبة تعليمات لوزارة المالية بصرف مرتب شهر إضافي للموظفين الذين تحال مرتباتهم إلى مراقبات الخدمات المالية بالبلديات المنكوبة بالتنسيق مع وزارة الحكم المحلي.

من جانبها، أطلقت منظمة الأمم المتحدة نداء دولياً للحصول على مبلغ إضافي قدره 66 مليون يورو، من أجل تقديم مساعدة فورية لحوالي ربع مليون شخص من أكثر الأشخاص تضرراً من فيضانات ليبيا.