ربط دبلوماسي أميركي، عمل في ليبيا سابقا، بين الأزمة الأخيرة التي انفجرت إثر لقاء وزيرة الخارجية في «حكومة الوحدة الوطنية الموقتة»، نجلاء المنقوش، وزير الخارجية الإسرائيلي، إيلي كوهين، و«تودد القيادات الليبية إلى الولايات المتحدة»، مقترحاً على تل أبيب اتباع أساليب غير مباشرة، لـ«الاستفادة من ليبيا».

وقال الدبلوماسي إيثان كورين في مقال نشره بموقع «ذا ناشيونال نيوز»، الجمعة، إن بعض وسائل الإعلام ركزت على الضرر الذي قد تلحقه توابع اللقاء بـ«احتمالات التوصل إلى صفقة سعودية - إسرائيلية»، مستدركا: «هذا ليس السؤال الأكثر فائدة، فمن المهم أن نتساءل: كيف يعكس هذا الحادث الخلل السياسي العميق في ليبيا؟ وما الذي يمكن القيام به، لتخفيف الضرر الذي أحدثه تفككها داخل البلاد وخارجها».

كورين هو مؤلف كتاب «بنغازي.. تاريخ جديد من الفشل الذريع الذي دفع أميركا وعالمها إلى حافة الهاوية»، الذي كتبه مستندا إلى عمله في بنغازي ضمن أطقم الدبلوماسية الأميركية بين العامين 2004 و2006 خلال فترة التقارب بين إدارة جورج بوش (الابن) مع العقيد معمر القذافي.

«قادة ليبيا يتقربون لواشنطن هربا من الانتخابات»
قال الدبلوماسي السابق: «هناك اعتقاد واسع النطاق بين الليبيين بأن قادتهم يتوددون إلى إسرائيل، لكسب ود الولايات المتحدة، حتى لا تضغط الأخيرة من أجل إجراء انتخابات»، مشيرا إلى الانقسام السياسي الكبير بوجود حكومتين في البلاد.

كما لفت إلى أن معارضي رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتانياهو، يرددون أن حكومته قررت الحصول على مكسب بعقد لقاء سياسي رفيع المستوى مع ليبيا، وأنها رأت ذلك «أكثر قيمة من التوصل إلى اتفاق فعلي بين البلدين».

ويرى كورين أن «الأساس لعقد اتفاق إسرائيلي مع ليبيا لم يجر إعداده بعد، وستشوبه تساؤلات حول الشرعية السياسية في كل الأحوال». وتابع: «يبدو أن غضب الليبيين غير موجه نحو ساستهم بقدر ما هو موجه نحو إسرائيل وسياساتها تجاه الفلسطينيين».

صفقات التطبيع ستكون مكلفة
أكد الدبلوماسي الأميركي التأثير السلبي للقاء المنقوش وكوهين على محاولات تل أبيب عقد اتفاقات للتطبيع مع عدد من الدول العربية. وأوضح: «هذا الحادث الأخير لا يساعد، لكنه ربما لن يردع أي اتفاقات مستقبلية ذات معنى. وحيثما يكون هناك شيء للتفاوض عليه، فإن أي صفقة ستأتي بتكلفة كبيرة لكل الأطراف».

- جريدة «الوسط»: هل تُسقط فلسطين حكومة عبد الحميد الدبيبة؟
- «حماس» نقلا عن المنفي: من يتجاوز الخط الأحمر تجاه فلسطين لا يعبر عن سياسة ليبيا الرسمية
- شاهد في «وسط الخبر»: لماذا يتهافت المسؤولون الليبيون على «إسرائيل»؟
- «ذي إيكونوميست»: الدبيبة لا يستطيع التطبيع مع «إسرائيل» نيابة عن الدولة الليبية

كما يرى كورين أن الوضع الليبي محزن، فـ«على الرغم من معاناة الليبيين المستمرة، يفضل العديد من أصحاب النفوذ في البلاد التسامح مع الوضع الراهن المعطل بدلاً من الخضوع للانتخابات الوطنية».

ليبيا.. موارد وسياحة وموقع جغرافي
أشار الدبلوماسي الأميركي السابق إلى نقطة أخرى كان يمكن لتل أبيب الاستفادة منها، إذ يقول: «على الرغم من المشاكل الرهيبة، تظل ليبيا غنية بالموارد النفطية، وتتمتع أيضا بموارد متجددة لا حدود لها تقريبا، وجغرافيا تحسد عليها بجنوب شرق البحر الأبيض المتوسط وأفريقيا، وعدد قليل من السكان».

كما لفت الكاتب إلى ما تتمتع به ليبيا من مقومات سياحية، مع مئات الكيلو مترات من السواحل البكر وبعض الآثار الرومانية واليونانية المحفوظة بأفضل حالاتها، مضيفا: «لذلك فإذا كانت إسرائيل راغبة في تمهيد الطريق لعلاقة أطول أمدا مع ليبيا، فمن الأفضل لها أن تعيد إحياء بعض برامج المساعدة الفنية الرائدة في أفريقيا منذ السبعينات بالشراكة مع شركائها العرب الجدد».

وواصل: «ما يحتاجه الليبيون هو أصدقاء ينظرون إلى البلاد باعتبارها شيئا ثمينا محتملا، وليس مشكلة دائمة، أو أداة لتسجيل نقاط سياسية محلية. ليبيا تحتاج إلى دول وشركات مستعدة لخوض مجازفات محسوبة، للمساعدة في تخفيف الضرر الذي حدث، والذين يدركون أن تكرار الأخطاء نفسها لن يؤدي إلا إلى خلق المزيد من المشاكل للمنطقة».