خلّفت الوفاة المفاجئة والمريبة لزعيم مجموعة «فاغنر» الروسية، يفغيني بريغوجين، في حادث تحطم طائرة، الأربعاء الماضي، الكثير من التساؤلات عن مصير مقاتليه وشبكاته في روسيا وليبيا وبؤر الصراع في المنطقة. غير أن تقريرا بريطانيا، صدر السبت، أكد تواصل روسيا مع القادة الأفارقة وقائد قوات «القيادة العامة»، المشير خليفة حفتر، من أجل طمأنتهم، وذلك منذ تمرد بريغوجين.

قدم مقاتلو مجموعة «فاغنر» الدعم لقوات «القيادة العامة» خلال هجومها على طرابلس في 2019-2020، ويوجدون حاليا في مواقع رئيسية مثل المنشآت النفطية، وفقا لتقرير نشره موقع «ميدل إيست آي» البريطاني، اليوم السبت.

وأشار الموقع البريطاني إلى دور «فاغنر» الرئيسي في هجوم قائد «القيادة العامة» المشير خليفة حفتر على طرابلس. وقال: «على الرغم من أنهم أعطوه في البداية زخما مهما، فإن الموج انقلب عليه في النهاية»، منبها إلى مساعدتهم في إقامة تحصينات دفاعية وسط ليبيا، لمنع هجوم مضاد بعد انهيار هجومهم.

زيارة نائب وزير الدفاع الروسي ليبيا
لفت التقرير إلى أنه قبل يوم من مقتل بريغوجين، كان مسؤولون عسكريون روس، بمن فيهم نائب وزير الدفاع، في ليبيا، وهي أول زيارة رسمية لوفد عسكري لليبيا.

وقالت الزميلة غير المقيمة في المجلس الأطلسي، علياء الإبراهيمي، إن الأساس لمستقبل ما بعد بريغوجين قد يكون قد جرى وضعه بالفعل من قِبل الكرملين. وتابعت: «لسوء الحظ، بعيدا عن الكاريزما التي يتمتع بها بريغوجين، هناك بنية كاملة لا تزال قائمة وفاعلة، ومن غير المرجح أن نشهد تأثيرا كبيرا على أنشطة مجموعة فاغنر في ليبيا والسودان».

وأضافت علياء إلى «ميدل إيست آي»: «كان أمام الكرملين أسابيع لتمهيد الطريق لإقالة بريغوجين، ومن الواضح أنه شعر بالثقة في هذا التوقيت». واستطردت: «مع صعود الانقلابات في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى سيظل هناك الكثير من العملاء لروسيا حتى دون فاغنر كوسيط».

قُتل مع بريغوجين.. الرجل الثاني بـ«فاغنر» خلّف وراءه نشاطاً دموياً في ليبيا
«رويترز»: نائب وزير الدفاع الروسي طمأن حفتر على بقاء «فاغنر» في ليبيا
«فرانس برس»: بعد مقتل قادتها.. «فاغنر» فكرة لن يتخلى عنها بوتين وهذه حيل روسيا في التعامل معها
الكرملين يعتبر أن الادعاء بأنه أصدر الأمر بقتل بريغوجين «كذب محض»
 

واستكملت علياء: «لم تستدع الأنظمة العسكرية فاغنر بسبب إعجابها بذراع بريغوجين، بل لأن لديهم مشاكل ولدى فاغنر حلول، وكل ما في الأمر أن الدولة الروسية قد جرى الآن تنصيبها كمقدم للخدمة».

أضرار مقتل قائد «فاغنر» على روسيا
في اعتقاد الموقع البريطاني، فإنه بالنسبة للرئيس الروسي فلاديمير بوتين وفاة قائد «فاغنر»، والضرر النهائي المحتمل الذي من الممكن أن تسببه مجموعة المرتزقة أمر ستكون له عواقب، إذ إنه لسنوات عديدة كانت المجموعة مصدرا رئيسيا للقوة الغاشمة والنفوذ الروسي في أفريقيا، فضلا عن لعبها دور الوسيط الحاسم للقادة العسكريين، ومن دون هذا الوكيل سيتعين على روسيا القيام بدور أكثر مباشرة.

وقال الدبلوماسي الأميركي والمحلل السابق بوكالة المخابرات المركزية (سي آي إيه)، كاميرون هدسون، إنه بصرف النظر عن زيارة الوفد الروسي ليبيا، فإن موسكو تتواصل مع القادة الأفارقة منذ تمرد بريغوجين، في محاولة لطمأنتهم على استمرار الدعم الروسي لهم.

وطرح سؤالا حول ما الذي سيقرره بوتين بشأن أصول «فاغنر»، بما في ذلك أعمالها المربحة في عمليات تهريب الذهب؟. وتابع هدسون إلى الموقع البريطاني: «هل سيسمح لفاغنر بمواصلة القيادة الجديدة، أم محاولة استيعابها وجمع أصولها في البلدان التي تعمل فيها، وتشغيلها كشركة تابعة للجيش الروسي؟».

هل يتأثر نشاط «فاغنر» في السودان بعد مقتل بريغوجين؟
شدد الدبلوماسي الأميركي على أن هناك قيمة كبيرة لوجود شركة عسكرية غير رسمية تعمل في القارة الأفريقية، وتمول نفسها ذاتيا من خلال علاقات العملاء، مضيفا: «تلك الأموال تشق طريقها إلى روسيا مرة أخرى، وتفيد الاقتصاد الذي يتعرض لضربات شديدة من الغرب».

وفي السودان، قال التقرير البريطاني إن قوات «فاغنر» تقاتل جنبا إلى جنب مع قوات «الدعم السريع»، ووجهت اتهامات لهم بسرقة ذهب بمليارات الدولارات من السودان، بينما تشير تقارير إلى تنفيذ القوات الروسية مذابح حول مناجم الذهب في أفريقيا الوسطى.

ولفت إلى ما قاله رئيس قسم أبحاث السلام والصراع في جامعة «أوبسالا» في السويد، أشوك سوين، حول أن وفاة بريغوجين سيكون لها أثر عميق على أنشطة «فاغنر»، وروابط روسيا في شمال أفريقيا.