Atwasat

جريدة «الوسط»: تزايد الضغوط على الدبيبة وكلمة السر «حكومة جديدة»

القاهرة - بوابة الوسط الجمعة 25 أغسطس 2023, 07:54 صباحا
WTV_Frequency

جملة من المستجدات الأمنية، والسياسية، والاقتصادية في المشهد الليبي، جعلت كثيرًا من الليبيين والمهتمين بالشأن الليبي يعتبرونها وراء تغير في موقف الخارج من مسألة إنشاء حكومة جديدة موحدة مهمتها قيادة البلاد إلى الانتخابات، قد تكون هي الحكومة التاسعة خلال الـ 12 سنة الأخيرة، بعضها مُعترف به دوليًا وأخرى موازية، وهو ما يطرح أسئلة بشأن السيناريوهات المتاحة للاتفاق عليها، ومصير من يسمون «فرقاء الأزمة»، أما المسار السياسي فسيدخل مرحلة أخرى من الجمود.

وفي إحاطته الأخيرة أمام أعضاء مجلس الأمن الدولي، بدا المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي متراجعًا عن لغته التي تحدث بها في إحاطات سابقة، وعن مواقف هاجم فيها قبل ثلاثة أسابيع الأطراف التي تعمل على «إيجاد ترتيبات وحكومات انتقالية أخرى» والتي اتهمها بأنها تهدف إلى «تقاسم الكعكة داخل البلاد»، ويفهم من هذا أن باتيلي كان قاب قوسين على تحييد تلك الأطراف المتهمة بعرقلة المسار الانتخابي، وأن الخلل الظاهر هو في الجسم التشريعي بغرفتيه مجلسي النواب والدولة، غير أنه رأى يوم الثلاثاء أن «وجود حكومة موحدة تتفق عليها الأطراف الرئيسية أمر حتمي لقيادة البلاد إلى الانتخابات».

فرضيتان لتشكيل الحكومة الجديدة
وتتراوح خيارات تشكيل حكومة جديدة بين فرضيتين، إحداهما توحيد حكومتي عبد الحميد الدبيبة، وأسامة حماد، في عملية يستصعبها الأول الذي تجاهل هذه النقطة، في مقابل ترحيبه بما جاء في إحاطة باتيلي من تأكيد على أهمية المضي نحو تحقيق إرادة الليبيين في إنهاء المراحل الانتقالية، وإعادة الأمانة للشعب، عبر إنجاز الاستحقاق الانتخابي. في حين تجاهل حماد، بحسب تغريدة له على موقع «إكس»، الإحاطة ككل، واتهم الدبيبة بالتفريط في السيادة الليبية بشكل «مخزي».

وفي أول ظهور للرئيس السابق للحكومة المكلفة فتحي باشاغا منذ تنحيه، عبّر عن ترحيبه بمبادرة باتيلي حول تشكيل حكومة جديدة ضمن خطة أممية تصل بالبلاد إلى الانتخابات، بحسب تصريحه. فيما يعني استبعاد خيار توحيد الحكومتين، تشكيل حكومة جديدة من دونهما، ما قد يعود بالعملية السياسية إلى مربع استنساخ ملتقى سياسي جديد بأعضاء جدد، قد يختلف عن سابقيه بعدم تشكيل مجلس رئاسي، ما يستنفد مزيدًا من الوقت لصالح داعمي تأجيل الانتخابات.

انفتاح أميركي على دعم تشكيل حكومة تصريف أعمال
وتتقاطع الخطط الأممية مع إعلان الولايات المتحدة الأميركية أنها «منفتحة» على دعم تشكيل حكومة تصريف أعمال في ليبيا مهمتها الوحيدة قيادة البلاد نحو إجراء انتخابات نزيهة، وفق مندوبة واشنطن لدى الأمم المتحدة ليندا غرينفيلد، في كلمتها أمام جلسة مجلس الأمن الدولي.

لماذا تغيرات المواقف الأممية والأميركية؟
ويسود اعتقاد لدى متتبعين للشأن الليبي بأن التطورات الأمنية، والسياسية، والاقتصادية المتلاحقة الأخيرة شكلت ضغطًا على باتيلي والأميركيين لتغيير موقفهم، أبرزها الاشتباكات المسلحة التي شهدتها طرابلس بين قوة الردع، واللواء 444، والتي خلفت عشرات القتلى والجرحى، وعكست ضعف حكومة الوحدة الوطنية الموقتة في إحكام سيطرتها على العاصمة وما جاورها، وفشلها في وضع حد لسطوة المجموعات المسلحة في العاصمة، الأمر الذي حرص باتيلي على الإشارة إليه في سياق إحاطته.

ولم يخف المبعوث الأممي انزعاجه مما وصفه بـ«الاستقرار الهش» الذي يسود البلاد وتبدّده بسبب الاشتباكات العنيفة التي وقعت هذا الشهر بين أكبر مجموعتين مسلحتين في طرابلس، موضحًا أن هذه التطورات «تبرهن على غياب القيادة والسيطرة على الأجهزة الأمنية المتشرذمة في غرب ليبيا وهشاشة الوضع الأمني».

- للاطلاع على العدد 405 من جريدة «الوسط».. اضغط هنا

ويشير هذا التقييم إلى وجود توافق دولي ما على مصير الحكومة الحالية في طرابلس، والذي عززه الاجتماع الثلاثي الأخير بين رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وقائد القيادة العامة المشير خليفة حفتر، الذي شدد على الملكية الليبية لأي حل للأزمة القائمة، ما اعتبر خطوة استباقية ربما كانت وراء تجنب باتيلي طرح أي مبادرة جديدة خلال إحاطته، هذا اللقاء الذي أبعد من جانب آخر الدبيبة عن أي اتفاق بين الأطراف الثلاثة بشأن مستقبل السلطة خلال المرحلة القادمة.

ومن مقر قيادة الجيش الليبي في الرجمة ببنغازي، أكد الثلاثي في بيانهم على «عدم المشاركة في أي لجان إلا في الإطار الوطني الداخلي دون غيره»، وعلى اتخاذ مجلس النواب كل الإجراءات لاعتماد القوانين الانتخابية المُحالة إليه من لجنة «6 + 6» المشتركة بين مجلسي النواب والدولة.

مجلس الأمن يهدد معرقلي الانتخابات
وفي وقت هدد مجلس الأمن مجددًا معرقلي إجراء الانتخابات في البلاد بفرض عقوبات عليهم، دون أن يسميهم، قال مستشار رئيس مجلس النواب فتحي المريمي: إن لجنة «6+6» ستنتهي من أعمالها خلال 10 أيام لرفعها إلى المجلس لمناقشتها، مؤكدًا أن اللجنة ستبدأ النظر في التشريعات القانونية المتفق عليها، وأنه في حال الانتهاء من القوانين الانتخابية وإصدارها فإن «مجلسي النواب والدولة سيعملان على تشكيل حكومة جديدة».

ومن غير المستبعد أن يدخل مسار تشكيل حكومة تصريف أعمال الأزمة في مرحلة جمود سياسي ونسف التفكير في موعد الانتخابات، مع احتفاظ الفاعلين على الأرض بمواقعهم مدة طويلة، خاصة أن رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا عندما سُئل خلال إيجاز صحفي في نيويورك، الأربعاء، عن الاستحقاق الموعود رد قائلًا :«لا يمكن تحديد موعد انطلاق الانتخابات الليبية في الوقت الراهن».

توحيد «المركزي».. والاستعداد لاجتماعات المصالحة الوطنية
وليس بعيدًا عن كل ذلك، حظي إعلان توحيد إدارة المصرف المركزي في غرب وشرق ليبيا، بعد انقسام دام نحو عقد من الزمن، بترحيب عربي ودولي فُسِّر كمؤشر له ما بعده باتجاه توحيد الرؤى السياسية، وتجاوز حالة اتهام طرف بالسيطرة على الإنفاق العام ما يتنافى مع مطالب التوزيع العادل للثروة، وإن سبق هذه الخطوة عديد الإعلانات بشأن توحيد المصرف، لكن الجديد هذه المرة هو فتح خطوط ائتمان للبنوك التجارية في شرق البلاد، والتي ستتمكن من سحب السيولة مباشرة من البنك المركزي في طرابلس.

في هذه الأثناء يستعدُّ المجلس الرئاسي لعقد اجتماعات اللجنة التحضيرية للمصالحة، والتي ستبدأ أولى جلساتها الأسبوع المقبل في مدينة البيضاء.

وتأتي المستجدات لتزيد من الضغط على حكومة الدبيبة التي تتعرض إلى مزيد الانتقادات من قبل خصومه، واتهامها بالفساد، وفشلها في السيطرة على الوضع الأمني في العاصمة، وما زاد من هذه الضغوط تصاعد الأصوات المنتقدة للدبيبة من مدينة مصراتة التي ينتمي إليها، لكن هذا لا ينفي وجود فريق من العامة يشيدون بأداء حكومته في التعامل مع بعض الأزمات المعيشية، منها استقرار شبكة الكهرباء، وتوفر السيولة النقدية، وصيانة وفتح مسارات جديدة لعدة طرق في العاصمة طرابلس.
على خلفية ما تقدم فقد يكون موضوع تشكيل حكومة بديلة هو الموضوع الذي سيشغل الوسط السياسي خلال المرحلة القادمة التي لا يعرف متى تنتهي، أما المؤكد فإن الاستحقاق الانتخابي قد بعد، وصار من الصعب تحديد ملامحه.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
الدبيبة يقترح طرح المصانع العامة للاستثمار والتشغيل على القطاع الخاص
الدبيبة يقترح طرح المصانع العامة للاستثمار والتشغيل على القطاع ...
تحقيق لقناة «الوسط»: انخفاض صرف الدولار.. هل هي الانفراجة؟ (فيديو)
تحقيق لقناة «الوسط»: انخفاض صرف الدولار.. هل هي الانفراجة؟ ...
الدبيبة يبحث مع سفير قطر تفعيل التعاون الاقتصادي والاستثماري بين البلدين
الدبيبة يبحث مع سفير قطر تفعيل التعاون الاقتصادي والاستثماري بين ...
بيان أوروبي يطالب بالإفراج الفوري عن النائب الدرسي
بيان أوروبي يطالب بالإفراج الفوري عن النائب الدرسي
عقيلة يستقبل وفدًا من المجلس الأعلى للدولة
عقيلة يستقبل وفدًا من المجلس الأعلى للدولة
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم