دفع استئناف شركات أجنبية أعمالها في مجالي التنقيب والإنتاج النفطي في ليبيا، البعض إلى إنعاش آمالهم بتحقيق الاستراتيجية قصيرة المدى لقطاع النفط والغاز، والتي تتضمن رفع الإنتاج إلى مليوني برميل يوميًا كخطوة أولى، قبل الوصول إلى 3 ملايين برميل كهدف أكبر.

وسهل توفير بيئة عمل آمنة استئناف جميع الشركات العالمية التي وقعت مع المؤسسة الوطنية للنفط اتفاقات استكشاف أعمالها في ليبيا، بناء على دعوات سابقة لرفع القوة القاهرة وهي الحالة التي فرضت عليها تعليقًا للعمل بشكل موقت وحماية يوفرها القانون للمؤسسة بمواجهة الالتزامات والمسؤولية القانونية الناجمة عن عدم تلبية العقود النفطية بسبب أحداث خارجة عن سيطرة أطراف التعاقد.

ولوحظ خلال الأشهر الأخيرة شروع عدد من الشركات الخدمية العالمية في أعمال حفر في مواقع كان من الصعوبة قبل سنوات العمل فيها بسبب هشاشة الوضع الأمني.

عودة 3 شركات أجنبية
وتسلمت مؤسسة النفط الأسبوع الماضي إخطارًا رسميًا من شركتي إيني الإيطالية وبريتش بيتروليوم البريطانية بشأن رفع حالة القوة القاهرة واستئناف أنشطة الاستكشاف والالتزامات التعاقدية في القطع الممنوحة لهما بمنطقتي حوض غدامس A-B (جنوب غرب)، والقطعة البحرية C (شمال طرابلس).

وأكدت المؤسسة أيضًا تسلمها إخطارًا رسميًا مماثلًا من شركة سوناطراك الجزائرية برفعها للقوة القاهرة واستئناف أنشطة الاستكشاف واستكمال الالتزامات التعاقدية في القطع الممنوحة لها 065 و96/95 بمنطقة حوض غدامس.

وأوضح البيان أن عودة الشركات جاءت استجابة لدعوة المؤسسة في ديسمبر الماضي، الشركات العالمية العاملة في مجال النفط والغاز، والتي جرى معها توقيع اتفاقات استكشاف ومقاسمة وإنتاج النفط والغاز في ليبيا.

وجددت المؤسسة دعوتها لباقي الشركات التي لم تشرع في رفع حالة القوة القاهرة في مناطقها بضرورة استئناف أنشطتها والتزاماتها التعاقدية.

وتملك شركة إيني الإيطالية حصة 42.5 % في عدد من المشروعات الليبية، مع 42.5 % لشركة بريتش بتروليم البريطانية في مشروعات أخرى، حيث ستتمكن الشركتان بناء على التقييم الذي أجرته من استئناف الأنشطة المتعاقد عليها في أحواض الاستكشاف.

سيطرة إيني على قطاع الغاز
وتمثل حصة إيني حوالي 80 % من إنتاج الغاز في ليبيا (1.6 مليار قدم مكعب قياسي في اليوم خلال العام 2022)، وهي نسبة التمثيل التي تجعلها المنتج الرائد للغاز في ليبيا والمورد الرئيسي للسوق المحلية، خاصة وأنها تعمل في البلاد منذ العام 1959. وتهدف الشركة لاستكشاف ومشاركة الإنتاج في حقول بحرية للغاز بقيمة 8 مليارات يورو لمدة ثلاث سنوات.

1.2 مليون برميل أحدث أرقام إنتاج الخام الليبي
«إنرجي كابيتال»: انتعاش سوق النفط الليبية في ظل الاستقرار
مؤسسة النفط تقرر طرح مناقصات أمام القطاع الخاص للاستثمار في الحقول المكتشفة

أما بريطانيا فمن بين أبرز الشركاء القدامى لمؤسسة النفط التي عبرت عن رغبتها بالعودة إلى العمل في ليبيا، إذ إن «بريتيش بتروليوم» من أولى الشركات التي أسهمت في اكتشاف النفط الليبي في خمسينيات القرن الماضي، وتسعى إلى العودة بقوة.
عربيًا، وفي مطلع يونيو الماضي ، أكد وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب رغبة بلاده للمساهمة والاستثمار في قطاع ‎النفط والغاز في ‎ليبيا، والعودة لاستكمال الأنشطة في القطع الاستكشافية التي تحصلوا عليها في جولة الاستكشاف السابقة.

كما يدرس الجانبان الاستثمار في المخزون الهائل من النفط والغاز الصخري الذي يحتاج إلى تقنية متطورة ومختلفة عن تلك المستخدمة في إنتاج النفط والغاز بالطرق التقليدية المعروفة.

وعلقت الشركة الجزائرية نشاطها في ليبيا أول مرة في 2011، وعادت للنشاط في 2012، قبل أن تتوقف ثانية في 2015 بسبب تدهور الوضع الأمني. وفي يناير 2018، وقعت مؤسسة النفط وسوناطراك اتفاقًا تقوم بموجبه الشركة الجزائرية بتشغيل منطقتي التعاقد في حقل غدامس وقتما تسمح الظروف الأمنية.

ووضعت وزارة النفط بحكومة الوحدة الوطنية الموقتة خطة استراتيجية قصيرة المدى لقطاع النفط والغاز الليبي، تستهدف رفع إنتاجها النفطي إلى مليوني برميل يوميًا بحلول 2024 والتي تتضمن أيضًا تطوير حقول مكتشفة جديدة ورفع القدرة الإنتاجية للحقول الحالية، إضافة إلى تطوير البنية التحتية المتضررة.

حلم الـ3 ملايين برميل
وذكر وزير النفط والغاز محمد عون في تصريحات له أن الخطة تستهدف علاج المشكلات البيئية والتغيُّر المناخي وخفض الانبعاثات الكربونية من خلال التوقف عن حرق الغاز من حقول النفط وفي العمليات النفطية، والتركيز على إنتاج الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة ذات المردود الاقتصادي على الدولة الليبية، إضافة إلى العمل على بناء القدرات والكوادر الفنية والإدارية والمالية للقطاع والتركيز على العناصر الشابة من خلال التدريب والتأهيل والتطوير.

وتستعد ليبيا حاليًا لإطلاق أول مناقصة للنفط والغاز منذ 17 عامًا، حيث تحسن الوضع بما يكفي للسماح لها بزيادة إنتاج النفط إلى ما يفوق 1.2 مليون برميل يوميًا.

وستعقد الجولة في العام 2024 ما يساعد ليبيا على الاقتراب أكثر من هدفها البالغ مليوني برميل يوميًا. ووفقا لغرفة الطاقة الأفريقية، تبلغ الطاقة الإنتاجية القصوى المتوقعة لليبيا 1.8 مليون برميل يوميًا بحلول العام 2024 لكن سلطات البلاد تصر على أنها يمكن أن ترفع الإنتاج إلى 3 ملايين برميل يوميًا، وذلك في غضون سنتين إلى ثلاث سنوات.