دعا رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي جامعة الدول العربية إلى لعب «دور أوسع وأوضح في ليبيا، من خلال دعم جهود الأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي لتحقيق المصالحة الوطنية وإجراء الانتخابات العامة في العام 2023، ووضع آلية ليبية خالصة لإدارة الموارد».

وطالب المنفي خلال كلمته في القمة العربية التي انعقدت بمدينة جدة، اليوم الجمعة، الجامعة بتبني موقف عربي موحد في ليبيا بخصوص رحيل المرتزقة والقوات الأجنبية، ووقف التدخلات الخارجية السلبية وغير البّناءة.

نص كلمة المنفي في قمة جدة
في البدء أحيي أخي صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء ورئيس القمة

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
معالي السيد: أحمد أبو الغيط أمين عام جامعة الدول العربية

السيدات والسادة:
يطيب لي أن أعرب عن خالص الشكر وعظيم الامتنان إلى خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز، وإلى حكومة المملكة على كرم الضيافة وحفاوة الاستقبال منذ أن وطأت أقدامنا هذه الأرض الطيبة المباركة، وأهنئكم على توليكم رئاسة القمة، كما أتقدم بالشكر والتقدير لفخامة الرئيس عبد المجيد تبون لما بذله من جهود دؤوبة ومميزة خلال ترأسه فترة الدورة السابقة.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
أصحاب المعالي والسعادة
السيدات والسادة:
نلتقي اليوم في ظل تعاظم التحديات أمام أمتنا العربية أولاً، وأمام الإنسانية جمعاء، وهو ما يزيد من حجم مسؤلياتنا للتصدي لتلك التحديات إن الإرادة المشتركة في صناعة سياسات ومواقف عربية موحدة، يستلزم تجاوز الاختلافات، ونبذ الفرقة، وتوحيد الجهود، والوقوف صفا واحدا من أجل حماية وجودنا وإنجاز مهامنا في تحقيق الاستقرار والتنمية.

السيدات والسادة:
أنه لمن دواعي اعتزازنا بالأخوة العربية المتابعة الدائمة لجامعة الدول العربية على مستوى القمة، وعبر كل هياكل الجامعة للأوضاع في ليبيا، والتي تتجلى في جملة القرارات المتخذة بشأن الأوضاع في ليبيا على مر السنوات الاثنتي عشرة الأخيرة.

وهو ما يجعلنا نطمح إلى دور أوسع وأوضح للجامعة العربية، من خلال دعم جهود ودور الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة في تحقيق المصالحة الوطنية الشاملة، وإنجاز الاستحقاق الانتخابي، بانتخابات برلمانية ورئاسية خلال العالم الحالي 2023، وكمثال على قدرتنا في إنجاز الانتخابات باشرنا بانتخاب 12 مجلس بلدي بشكل شفاف لاقى القبول.

كما نجدد التأكيد على إلزامية وضع ترتيبات مالية لإدارة إيرادات الدولة الليبية بملكية وطنية خالصة، بما يضمن عدم استخدام المال العام لمصلحة أى طرف من أطراف العملية السياسية، وبما يحقق تنمية متوازنة، في ظل تعافي قطاع النفط من خلال زيادة معدلات الإنتاج والتصدير من كل المناطق.

لقد قطعنا مسافة كبيرة منذ اتفاق جنيف نحو تحقيق تطلعات الشعب الليبي في الاستقرار، والأمن، والتنمية، والرخاء بعد أن انتصرنا قبل سنوات في معركتنا ضد الإرهاب، والتي امتزجت فيها دماء الليبيين من كل التوجهات ضد التطرف، متمثلا في تنظيم داعش، في مشهد تضافرت فيه الجهود على الرغم من الانقسامات التي كانت تعصف بالبلاد، لأنهم استشعروا الخطر المحدق بإسلامهم الوسطي، وببلادهم.

وفي إطار الجهود المبذولة لتوطيد الاستقرار والأمن يواصل المجلس الإشراف بالتنسيق مع البعثة الأممية في ليبيا على عمل لجنة «5+5» لتوحيد المؤسسة العسكرية وتستمر على الصعيد السياسي مساعينا الجادة بالتعاون والتنسيق مع الأطراف المحلية وبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا التي من ضمنها دعم الخطوات التي يقوم به مجلسا النواب والدولة من خلال لجنة 66، التي أوكل لها المجلسان التوافق حول القوانين الانتخابية.

السيدات والسادة:
إننا في ليبيا ندعم كل الجهود الفردية والجماعية لتحقيق التضامن العربي، ورأب الصدع، ونبذ الخلافات بين بلداننا، وفي هذا الصدد نثني على جهود المملكة العربية السعودية الشقيقة في لم الشمل العربي الذي أدى إلى انعقاد القمة العربية بكامل أعضائها، كما نبارك ونؤيد جهودها الهادفة للوصول إلى حل شامل ومقبول ومستدام في اليمن الشقيق، ينهي الأزمة بالتوافق بين الحكومة الشرعية والحوثيين كما إننا نبدي استعدادنا إلى الانخراط في الجهود المبذولة في حل الأزمة السودانية بما يؤدي إلى إنهاء الاقتتال بين الأخوة وبما يحفظ الاستقرار في المنطقة.

- (فيديو) المنفي يدعو إلى موقف عربي موحد بخصوص إخراج المرتزقة من ليبيا
- (فيديو) المنفي: نطمح في دور أوسع وأوضح للجامعة العربية في دعم المصالحة والانتخابات بليبيا

وفي هذا الصدد، نؤكد على أهمية وجود سياسة عربية موحدة مع الجوار العربي، الذي تربطنا ببلدانه في آسيا وأفريقيا أواصر الدين والتاريخ والجوار، على قاعدة عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول العربية، واحترام وحدة أراضيها، وعدم انتهاج سياسات توسعية، وعدم حرمان الدول العربية من الحصول على حقوقها المتمثلة في نصيبها من المياه المتدفقة من منابع الأنهار الواقعة في دول أخرى عبر تغيير مسارات تلك الأنهار أو حجز كميات من المياه أكبر من حصصها المنصوص عليها في اتفاقيات دولية.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو
أصحاب المعالي والسعادة
السيدات والسادة:
من خلال هذا المنبر، ندعو أشقاءنا العرب إلى تبني موقف عربي موحد تجاه الأوضاع في ليبيا، وعلى رأسها رحيل كافة المرتزقة، والمقاتلين الأجانب، والقوات الأجنبية عن الأراضي الليبية، ووقف التدخلات السلبية وغير البنّاءة ودعم المسار الديمقراطي والتداول السلمي للسلطة.

كما نجدد تأكيدنا على ضرورة توظيف أي حوار لاستكمال تنفيذ خارطة الطريق المنبثقة عن ملتقى الحوار السياسي، وتحقيق هدفها في تعزيز الشرعية السياسية عبر انتخابات برلمانية ورئاسية والابتعاد عن كل ما من شأنه زيادة الانقسامات في ليبيا.

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو أصحاب المعالي والسعادة.

السيدات والسادة:
إن شعبكم الشقيق في ليبيا ارتبط وجدانيًا بقضية العرب المركزية (القضية الفلسطينية)، منذ اللحظة التي نهض فيها الشعب الفلسطيني والشعوب العربية لمقاومة وعد بلفور المشؤوم، ومشاريع الاستيطان في أراضي فلسطين التاريخية، فسقط منهم الشهداء والجرحى والأسرى منذ العام 1947، ولعقود من الزمن داخل فلسطين، وفي جبهات أخرى في دول المواجهة مع الكيان الصهيوني.

إننا ما زلنا بحاجة إلى دعم صمود الشعب الفلسطيني، ومساندته في الدفاع عن حقوقه غير القابلة للتصرف، وندعو إلى تنفيذ كافة قرارات الجامعة العربية، الداعية إلى دعم صمود وحقوق الشعب الفلسطيني، وحقه في إقامة دولته المستقلة، وفق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، ونؤكد بشكل خاص على صمود مدينة القدس وأهلها، عبر تنفيذ قرارات قمة الجزائر، وكل ما صدر عن الجامعة بهذا الخصوص.

وندعو جميع القادة العرب إلى بذل المساعي لحشد الدعم الدولي لتأييد الشعب الفلسطيني في استرداد حقوقه المغتصبة، والسعي إلى تحييد وتغيير مواقف الدول الداعمة والمساندة لدولة الكيان، من خلال وجود موقف عربي موحد في هذا الشأن. إن مواصلة دعم صمود الشعب الفلسطيني نعده واجبًا قوميًا بامتياز، ونجدد تأكيدنا على أن القضية الفلسطينية هي من أولويات اهتمامنا، ويظل موقف دولة ليبيا ثابتًا وراسخًا في دعم شعبنا الفلسطيني، ومساندة نضاله وكفاحه، حتى ينال حقوقه المشروعة، ورفض أي تغيير على الوضع القانوني لمدينة القدس بالإضافة إلى عدم الاعتراف بأي قرارات أحادية تؤدي إلى عرقلة جهود السلام. كما نشجب وندين ما يتعرض له المسجد الأقصى من اقتحامات وتعديات.

تقبلوا أصحاب الجلالة والفخامة والسمو أصحاب المعالي والسعادة السيدات والسادة.. تمنياتي لكم بموفور الصحة والعافية والسداد، ولبلداننا الشقيقة التقدم والازدهار، ولإخواننا في السعودية التقدير والامتنان، في ظل قيادة خادم الحرمين الشريفين وولي العهد صاحب السمو الملكي رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان.