تضاربت الأنباء بشأن هوية الطائرة بدون طيار «إم كيو 9 ريبر» التي أُسقطت قرب بنينا في بنغازي يوم الإثنين الماضي مع صمت الجهة المسؤولة عن إرسالها في مهمة اخترقت خلالها الأجواء الليبية؛ لكن خيوط اللغز بدأت تتفكك مع ربط جولتها بتواجد مجموعة «فاغنر» الروسية في محيط المنطقة.

وقدمت قوات القيادة العامة تفاصيل عن طبيعة الطائرة التي أُسقطت بالقرب من قاعدة بنينا العسكرية في مدينة بنغازي، غير أنها لم تحدد طرازها، واكتفى الناطق باسم القيادة العامة، اللواء أحمد المسماري بالقول أنه «رغم وجود تشابه كبير بينها وبين الطائرة الأميركية؛ ولكن الطائرة الأميركية تملكها أكثر من دولة»، لذلك لا يعرفون الجهة التي أرسلت هذه الطائرة، وسيصدُر تقرير كامل من اللجنة الفنية.

وعاد المسماري ليوضح في مقابلة مع قناة «العربية» السعودية الثلاثاء، ملابسات إسقاط الطائرة التي لم تكن استطلاعية مثلما تحدث البعض؛ «بل هي مقاتلة تحمل صواريخ دخلت الأجواء الليبية». لافتًا إلى أنهم تعاملوا معها «على أساس هدف صديق»، من خلال الاتصال ببرج الطيران المدني والقواعد الجوية، لكن لم تكن لديهم معلومات، لذلك جرى التعامل معها على أنها «مجهولة الهوية، ومن ثم إلى طائرة معادية، حسب أعراف الدفاع المدني، وجرى تدميرها».

وتظهر لقطات جرى تداولها على نطاق واسع عبر مواقع التواصل الاجتماعي أن الطائرة تحترق وتسقط ببطء على الأرض بعد إصابتها بصاروخ (أرض- جو).

لغز «الطيران المجهول» في ليبيا
وأجرى عدة خبراء ومواقع متخصصة في الشؤون العسكرية تحليلا للغز «الطيران المجهول» في وقت تعيش ليبيا على وقع قرع طبول الحرب في طرابلس مجددًا واستمرار تواجد القوى الأجنبية في عدة مناطق.

وحسب موقع ميليتري بولغاريان (الجيش البلغاري) فإن طائرة استطلاع بدون طيار من طراز «إم كيو 9 ريبر» تابعة لسلاح الجو الأميركي في أوروبا، أسقطتها قوات القيادة العامة فوق بنغازي، والتي تمتلك أنظمة دفاع جوي أرضية من تصميم سوفييتي أو روسي من بينها أنظمة «بانستير 1» وفقًا للمراقبين والخبراء الذين رجحوا استخدام هذه المنظومة العسكرية في عملية إسقاط الطائرة المجهولة.

وأعلنت القيادة العامة وجود صاروخين على متن الطائرة المسيّرة، غير أنها لم تحدد طرازهما، إذ تنتمي الطائرة بدون طيار على الأرجح إلى سرب الاستطلاع الاستكشافي 324 التابع للقوات الجوية الأميركية المتمركزة في قاعدة «سيجونيلا» الجوية في إيطاليا، هذا السرب جزء من جناح القوات البحرية الأميركية رقم 319 في أوروبا حسب موقع «ميليتري بولغاريان» البلغاري، وبيّن أنه كثيرًا ما يطير جناح الاستطلاع 319 في مهام الاستطلاع والمراقبة والهجوم فوق ليبيا.

ما هي الطائرة الأميركية المسيَّرة؟
والطائرة الأميركية بدون طيار جرى تطويرها وتصنيعها بواسطة إحدى أكبر شركات تصنيع السلاح في العالم «جنرال اتميكس» وجرى تقديمها رسميًا في العام 2007، لكن قامت بأول رحلة منذ ما يقرب منذ 21 عامًا - في العام 2001 إذ تعد واحدة من أكثر طائرات الاستطلاع استخدامًا وشعبية. وفي الولايات المتحدة تعمل مع القوات الجوية ووكالة «ناسا» للفضاء والأمن الداخلي الأميركي. أما المشغلون الآخرون حول العالم فهي فرنسا وهولندا وبلجيكا وإيطاليا والهند وإسبانيا والمغرب وتايوان واليابان. وقد استفسرت فنلندا وبولندا عن شراء «ام كيو 9 ريبر» وتعتبران مشغلين مستقبليين للطائرة بدون طيار.

ويشرح الخبراء أن الطائرة بدون طيار تعمل بواسطة محرك توربيني واحد مع التحكم الإلكتروني في المحرك وتبلغ سرعتها القصوى 300 ميل في الساعة (482 كم / ساعة)، في حين يمكن أن تبقى محلقة في الهواء لمدة 14 ساعة على الأقل. أما وظيفتها الأساسية فهي الاستطلاع والهجوم، ويمكن تسليحها بصواريخ «هيلفاير» جو-أرض، وحمل ما يصل إلى أربعة من هذه الأنواع من الصواريخ، كما يمكن أن تكون مجهزة بالإضافة إلى ذلك بقنبلتين موجهتين بالليزر.

وكجزء من طلب الميزانية المالية للعام 2021، تعتزم القوات الجوية الأميركية خفض إنتاج الطائرة بعد شراء 24 وحدة فقط في العام 2021، وبالتالي خفض إجمالي الشراء إلى 337 طائرة، وكذلك إنهاء بعض الدوريات الجوية في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وإغلاق خط الإنتاج. ومع ذلك، فإن هذا القرار لم يرض القيادة العسكرية.

حطام طائرة أميركية بدون طيار؟
بدورها، ذهبت جريدة «أوريسيا تايمز» الهندية إلى عقد أوجه التشابه بين الطائرة الأميركية بدون طيار وحطام الطائرة بدون طيار المتحطمة. وقالت محللة عسكرية مقيمة في الولايات المتحدة إيميليا سميث، إنه «يمكن مطابقة الحطام مع إم كيو 9 من خلال فحص قطع معدات الهبوط المتناثرة حولها. وقطعة واحدة، على وجه الخصوص، هي عجلة وإطارات تطابق معدات الهبوط الخلفي على إم كيو-9».

وتزعم أيضًا أن من دول حلف شمال الأطلسي من يملك هذا النوع وربما كانت تراقب عمليات للجيش الليبي أو مجموعات «فاغنر» الروسية في المنطقة دون إذن من الحكومة الليبية. ومع ذلك، فإن التفاصيل الدقيقة لمهمة الطائرة بدون طيار لا تزال غير معروفة.

- القيادة العامة: الطائرة المدمرة قرب بنينا كانت مسلحة بصاروخين 
- مؤسسة النفط تنفي تبعية الطائرة التي سقطت قرب قاعدة بنينا لأي من شركاتها
- القيادة العامة: إسقاط طائرة مسيرة قرب قاعدة بنينا (فيديو)

وقدّر فريق خبراء الأمم المتحدة، بقاء حوالي ألفي مقاتل في ليبيا مع أنظمة الدفاع المضادة للطائرات «بانتسير 1» ومقاتلات «ميغ 29» والقاذفات التكتيكية «سوخوي 24»، وحتى فبراير الماضي تاريخ الحرب الروسية على أوكرانيا حافظت مجموعة «فاغنر» على تواجدها في مناطق براك الشاطئ جنوب غرب ليبيا، الجفرة جنوب وسط ليبيا، القرضابية شمال وسط ليبيا، الخادم شمال شرق ليبيا.

وفي صيف 2020 في طرابلس استخدمت قوات القيادة العامة نظام «بانتسير» الروسي في عملياتها، واستُخدم أيضًا في نوفمبر 2019 لإسقاط طائرتين أخريين من طراز «ريبر»، إحداهما إيطالية والأخرى أميركية.

ميليتري أفريكا: الطائرة.. صينية
غير أن موقع «ميليتري أفريكا» المتخصص، أكد أن الطائرة التي جرى إسقاطها قد احترقت بشكل يصعب التعرف عليها، لكن من المحتمل أن تكون طائرة بدون طيار صينية من طراز «وين لونغ» أو «سي 5» أو «سي 4» لأنها تبدو متشابهة. ومع ذلك، فإن آلية الهبوط والمحرك تبدو مشابهة جدا لتلك الموجودة في طائرة «إم كيو 9 ريبر» الأميركية، بحسب تقرير نشره الموقع المختص في الشؤون العسكرية.

في السياق، كشفت مصادر ليبية لوكالة «نوفا» الإيطالية، أن الطائرة بدون طيار قد تكون أميركية الجنسية وأنها كانت تحلق فوق منطقة مطار بنينا في مهمة استطلاعية قبل زيارة بنغازي من قبل سفير الولايات المتحدة ريتشارد نورلاند. وكان مقررا أن يلتقي نورلاند بقائد القيادة العامة المشير خليفة حفتر.

القيادة العامة: «عمل عدائي»
وأكد المتحدث باسم القيادة العامة المسماري أن هذه الطائرة دخلت العمق الاستراتيجي للقيادة العامة، «وكانت تنوي القيام بعمل عدائي ضد أحد الأهداف الرئيسية للقوات المسلحة العربية الليبية في ضواحي مدينة بنغازي، ولكن قوات الدفاع الجوي تمكنت من التعامل معها وتدميرها».

وليست هذه المرة الأولى التي يجري إسقاط طائرات مجهولة الأهداف ففي 20 نوفمبر العام 2019، تحطمت طائرة من طراز «بريداتور» بدون طيار تابعة لسلاح الجو الإيطالي فوق بلدة ترهونة غرب ليبيا. وبعد بضعة أيام، تحطمت طائرة بدون طيار عسكرية أميركية تعمل تحت راية القيادة الأميركية في أفريقيا (أفريكوم) في أغاديز، النيجر في 29 فبراير 2020.

طائرة مسيرة. (الإنترنت)