في هذه الأيام تمر علينا الذكرى الخامسة لوفاة الهداف المعروف والمدرب الموهوب ووكيل وزارة الشباب والرياضة سابقًا، المرحوم عوض عون، الإنسان التربوي والقدوة الحسنة وصاحب المواقف النبيلة ونظافة اليد الذي عندما جرى تعيينه وكيلًا للوزارة خصصت له سيارة خاصة جديدة لم يحركها من مكانها ورفض كافة الامتيازات المادية إلا مرتبه، وعندما جرى تكليفه بشراء مقر للوزارة بمدينة بنغازي وعرض عليه أحد رؤساء الأندية آنذاك مبلغًا كبيرًا له نظير شراء عمارة بسعر معين رفض ذلك وطلب منه عدم تردده عليه.

احترمه مرؤوسوه لسلوكه الراقي في التعامل معهم، لاعبنا الخلوق من مواليد مدينة درنة العام 1947 متحصل على دكتوراة في الأدب الإنجليزي وماجستير في الرياضة وقد انضم لأشبال اتحاد درنة «الأفريقي» العام 1958 ولعب لفريق الأواسط ثم الفريق الأول في مركز قلب الهجوم، وقدمه للعب المدرب المرحوم فرج الباح، ولعب حوالي 18 عامًا للأفريقي وترأس فريقه وسجل العديد من الأهداف وشكل مع زميله المرحوم فهيم رقص ثنائيًا تهابه كل فرق الدوري، وكذلك لعب للهلال 6 مباريات في الموسم الذي كان فيه في السنة الدراسية الأخيرة في الجامعة.

وقد كانت أول مباراة له مع الأفريقي أمام فريق الصقور بطبرق حيث فاز الأفريقي (2-1)، كما سجل أول أهدافه في مرمى فريق التحدي في بنغازي، ولعب أول مباراة له في الفريق الوطني وهو في السن السادسة عشرة العام 1960 أمام الفريق الروماني بملعب درنة، وأيضًا شارك في الدورة العربية الرابعة التي أقيمت بالقاهرة العام 1965، ولعب أفضل مبارياته مع الفريق الوطني أمام الفريق الروسي بدرنة وانتهت نتيجتها بـ(2-2).

كما شارك في اللعب لفريق الجامعة الذي كان يضم أبرز نجوم الأندية آنذاك، واعتزل اللعب العام 1982، بعد إيقاف النشاطات الرياضية وعودتها بطرق ملتوية، ثم اتجه بعدها لمجال التدريب بعد أن شارك في العديد من الدورات بحكم إيجادته للغة الإنجليزية وتحصله على عدة شهادات في مجال التدريب من بريطانيا وفرنسا ويوغسلافيا وإيطاليا والبرتغال والبرازيل.

وقام بتدريب أندية «الأفريقي - البرانس - الروابي - النجوم»، وعمل مترجمًا للمدرب الإيرلندي الذي أقام دورة تدريبية للمدربين في بنغازي، وفي رأيه أن الكرة الليبية لم تتطور بسبب مفهوم الرياضة الجماهيرية الخادع الذي ضيع رياضة المسابقات والرياضة للجميع، وفي نظره أن الأفريقي لم يتحصل على أي بطولة بسبب غياب ثقافة الفوز وضياع النقاط أمام الفرق الصغيرة والتركيز على الجانب الفني أكثر من النتيجة وبعض هفوات التحكيم، ويصف مباراة الديربي في درنة بأنها كانت من معالم المدينة لكن في الآونة الأخيرة تحولت عن مسارها التربوي لغياب المفهوم الحقيقي للرياضة.

لعب في معظم الملاعب الليبية وكان لملعب 24 ديسمبر في بنغازي ذكريات خاصة لم تمح من ذاكرته، فرغم تواضع أرضيته لكن تواجد الجماهير في المدرجات وعلى الشباك وخلف المرمى وكذلك الجماهير في الشارع قبل وبعد المباراة شكل صورة جميلة لديه، وقد كان معجبًا بهداف الكرة الليبية المرحوم مصطفى المكي ولمسات الفنان علي الشعالية وسرعة وقوة تسديد المرحوم شميسه، ولقد رأى أن الخلل في الرياضة يكمن في الإدارة الرياضية في الأندية والاتحادات واللجنة الأولمبية ووزارة الرياضة لأن البروقراطية ضاربة أطنابها بها والزمن تغير وإذا لم نواكب عصر السرعة سوف نظل في آخر الصفوف.

جرى تكليفه بوكيل وزارة الشباب والرياضة بناءً على تجربته الرياضية والمؤهلات العلمية التي يحملها وتزكية أبناء الرياضة له، في النهاية لا يسعنا إلا أن نترحم عليه وكم نتمنى أن يسخر لنا الله مثل هذه القدوة الحسنة في وقتنا الحاضر في قيادات الشباب والرياضة حتى نحقق الأهداف المنشودة والتطور الرياضي والمحافظة على حقوق الشباب والرياضة من الضياع ويبقى الصيت أطول من العمر.