تتداعى المالية العامة لليبيا تحت وطأة هبوط حاد لعائدات تصدير النفط، فاقم منه الاقتتال الداخلي وسيطرة تنظيم «داعش» على بعض المدن.

وذكر تقرير لـ«رويترز» أن ليبيا تحتاج إلى 30 مليار دولار لتمويل الواردات سنويًا وتنفق في العادة 40 مليار دولار على موازنتها.

واضطرت الأزمة المالية مصرف ليبيا المركزي بطرابلس، الذي يقول إنه يبتعد بنفسه عن الصراعات الحالية، إلى الإفراط في السحب من احتياطياته من النقد الأجنبي.

وقال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا برنادينو ليون، الذي يسعى لإنهاء الصراع على السلطة الأسبوع الماضي إن «ليبيا على حافة الانهيار الاقتصادي والمالي».

ومنذ العام الماضي جمد المصرف المركزي مشروعات البنية التحتية وقيد الإنفاق على المرتبات الأساسية للموظفين العموميين ودعم الغذاء والوقود.

قال مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى ليبيا برنادينو ليون، الذي يسعى لإنهاء الصراع على السلطة الأسبوع الماضي إن «ليبيا على حافة الانهيار الاقتصادي والمالي»

وجعل هذا موظفي الخدمة المدنية، وهم أكبر قوة عاملة في ليبيا، يقولون الآن إنهم لم يحصلوا على رواتبهم منذ شهرين على الأقل ويتهمون المصرف المركزي بعدم منح البنوك المحلية السيولة الكافية لإصدار شيكات الرواتب.

وقد تضرر الاقتصاد أساسًا من ناحيتين، فالدينار الليبي فقد 35 % من قيمته مقابل الدولار منذ يناير الماضي، وفي الوقت نفسه انخفض إنتاج النفط إلى 400 ألف برميل يوميًا أو ربع ما كان عليه قبل العام 2011.

وقال حسني بي وهو رئيس واحدة من أكبر الشركات الخاصة في البلاد ومن أكبر المستوردين لـ«رويترز» إن «عائدات ليبيا من تصدير النفط بلغت 5.5 مليارات دولار فحسب حتى الآن هذا العام إذ تسبب الصراع بين الفصائل المتنافسة وهجمات تنظيم (داعش) في إغلاق حقول ومرافئ نفط رئيسية».

واستدرك بقوله إن البلاد تحتاج إلى 3.5 مليارات دولار كل شهر.

وتتخذ حكومة رئيس الوزراء عبدالله الثني من مدينة البيضاء الشرقية مقرًا بينما يستخدم البرلمان قاعدة بحرية في طبرق كمقر.

وعلى بعد 1200 كلم إلى الغرب سيطر فصيل منافس من مصراتة ومناطق غربية أخرى يطلق عليها «فجر ليبيا» على طرابلس في أغسطس الماضي وأعاد مجلسًا تشريعيًا سابقًا ليعمل كبرلمان بديل.

وحظرت الحكومة في الآونة الأخيرة استيراد 32 سلعة لمدة ستة أشهر. وتشمل القائمة كل شيء من السيارات والسجاد إلى مواد البناء مثل الأسمنت وكذلك العصائر ومشروبات الطاقة بل ومعجون هريسة الفلفل الحارة وهو نوع من المقبلات يولع به الليبيون.

حظرت الحكومة في الآونة الأخيرة استيراد 32 سلعة لمدة ستة أشهر. وتشمل القائمة كل شيء من السيارات والسجاد إلى مواد البناء مثل الأسمنت وكذلك العصائر ومشروبات الطاقة بل ومعجون هريسة الفلفل الحارة

ولكن الحظر فشل حتى الآن في وقف هبوط الدينار الذي سجل مزيدًا من التراجع هذا الأسبوع في السوق السوداء إذ أقبل الناس على شراء الأغذية استعدادًا لشهر الصيام الذي يبدأ في منتصف يونيو. وتستورد ليبيا معظم احتياجاتها من الغذاء.

ويبلغ سعر الدولار الآن 2.17 دينار في السوق الموازية بالمقارنة مع السعر الرسمي البالغ 1.3 دينار.

وينفذ كثير من عمليات تمويل الواردات في ليبيا عبر طرابلس إذ توجد مقار البنوك حتى لاستيراد السلع التي تسلم إلى الموانئ الشرقية. ولا تعرض البنوك في مدينة بنغازي الشرقية الرئيسية إلا خدمات محدودة وتعاني نقص السيولة لأنها منطقة حرب.

وقال رجل الأعمال حسني بي: «خفض قيمة العملة ضرورة سواء آجلاً أو عاجلاً». وأضاف أن سعر الصرف الأكثر واقعية سيكون 2.5 دينار، بحسب تقرير «رويترز».

قال رجل الأعمال حسني بي: «خفض قيمة العملة ضرورة سواء آجلاً أو عاجلاً»

وأضاف قوله إن الحظر سيوفر ملياري دولار سنويًا من تمويل الواردات، لكنه سيصيب بالشلل صناعة البناء التي تشكل 65 % من الأعمال الخاصة في البلاد.

وبالمثل يوجد تحرك لإلغاء الدعم عن البنزين والغذاء واستبداله بتقديم دعم نقدي لليبيين وهو ما يعد مساسًا بنظام أقامه معمر القذافي لشراء الولاء.

وقد حاولت عدة حكومات تغيير نظام الدعم الذي يلتهم ثلث الموازنة، في حين أن الكثير من الوقود والأغذية الرخيصة يجري تهريبها إلى الخارج. لكن الأمر انتهى بتلك الحكومات إلى الإحجام عن الاقتراب من نظام الدعم خوفًا من الضغوط من الفصائل المسلحة.