Atwasat

الري الحديث ينعش أراضي المزارعين في العراق.. وسط الجفاف

القاهرة - بوابة الوسط الأحد 24 مارس 2024, 02:40 مساء
WTV_Frequency

استعاد الفلّاح محمد سامي، من وسط العراق، الأمل في أرض الحنطة التي ورثها عن أجداده، بعد أن كانت راودته فكرة الرحيل، حيث بدأ منذ عامين اعتماد أساليب حديثة بالري باتت ضرورية لتوفير المياه في بلد يواجه جفافاً غير مسبوق. ويقول الرجل البالغ من العمر 38 عاماً: «من العام 2019 حتى الآن، بدأ شحّ المياه، ولم نعد قادرين على الزراعة».

عراقي: فكّرنا أن نترك الزراعة
ويروي المزارع الذي تبلغ مساحة أرضه 10 دونمات في قرية الأزركية بمحافظة الأنبار: «فكّرنا أن نترك الزراعة لو استمر الوضع على هذه الحال»، مضيفاً: «لا يوجد ماء، مما أرغمنا على العمل كعمّال مياومين. نقوم بأي شيء في المدينة ونعود».

وبالنسبة لسامي وأمثاله من المزارعين كانت السنوات الأربع الأخيرة على الأقلّ صعبةً، وأصبح الجفاف الذي يواجهه العراق، البلد الخامس في العالم الأكثر عرضةً لتأثيرات التغيّر المناخي، ملموساً أكثر من أي وقتٍ مضى، وأثّر على محاصيلهم ومدخولهم. وبالإضافة إلى ارتفاع درجات الحرارة ونقص الأمطار، يعزو العراق الجفاف أيضاً إلى بناء الجارتين تركيا وإيران سدوداً على نهري دجلة والفرات اللذين يرويان منذ آلاف السنين بلاد ما بين النهرين، مهد الزراعة.

وبعد معاناة طويلة، تنفّست أرض سامي الصعداء في الموسمين الأخيرين، بعد تزويدها برشّاشات زراعية في إطار مشروع ينفذ برعاية برنامج الأغذية العالمي. زاد محصول محمد سامي من الحنطة من خمسة أو سبعة أطنان إلى 12 طناً على الأقلّ. ويظهر الإخضرار واضحاً في أرضه التي تتوسطها الرشاشات، وينمو القمح بوفرة. أما الحقل الموازي الذي يعتمد على الري التقليدي، فنباتات القمح فيه صغيرة وصفراء وأقلّ نمواً.

ويقول سامي: «ما كنت أسقي به دونماً واحداً في الماضي. الآن أسقي به عشرة دونمات. فرق كبير».

إدارة المياه في العراق
وتضخّ المياه بضعة أيام في الأسبوع من نهر الفرات إلى بركة مزودة بمضخات وشبكة أنابيب متصلة بالرشاشات، التي تروي لاحقاً حقل الحنطة.

ولا يحتاج ريّ حقل بالرشاشات أكثر من ساعتين في اليوم، وبضعة أيام في الأسبوع، خلافاً لطرق الري التقليدية التي يجرى خلالها إغراق الأراضي بالمياه، وهي الطريقة التي يعتمدها الكثير من الفلاحين العراقيين. في المقابل، يستهلك الري بالرشاشات «70% أقل من المياه» وفق المسؤولة الميدانية لبرنامج الأغذية العالمي في بغداد، خنساء غازي.

- تركيا تناقش مع العراق «تفاهمًا مشتركًا» بشأن الأمن 
- تركيا والعراق يعقدان محادثات رفيعة المستوى حول الأمن والطاقة

وقدّم البرنامج في العام 2023 الدعم لنحو 1119 مزارعاً في العراق، جرى تزويدهم بأنظمة رشاشات زراعية وأنظمة ري بالتنقيط «في المناطق الأكثر تأثراً بالتغير المناخي والجفاف»، وفق غازي. وتشرح غازي أن أنظمة الري الحديثة تتيح «الحفاظ على استمرارية إنتاج الزرع خلال فترات شح المياه والجفاف».

بالإضافة إلى ذلك، تضمن تلك الطرق الحديثة «الزراعة طول العام»، فضلاً عن «إنتاجية وحصاد مرتفعين». كما أنها «تقلّص الاعتماد على الأمطار التي أصبح من الصعب التنبؤ بها»، وفق المسؤولة.

وفي بلد غنيّ بالنفط، لكن بنيته التحتية متهالكة جراء عقود من الحروب والنزاعات والإهمال، تقلّص الإنتاج الزراعي 36% على الأقل في موسم 2021 و2022، بسبب نقص مياه دجلة والفرات، فضلاً عن قلة الأمطار، وذلك بالمقارنة مع الموسم الزراعي بين عامي 2020 و2021، وفق برنامج الأغذية العالمي.

إلا أن غازي تشدّد على أنه «في حين أن أنظمة الري الحديثة قادرة أن تحسّن بشكل كبير من كفاءة استخدام المياه والممارسات الزراعية في العراق، لكنها قد لا تكون كافية وحدها لمعالجة مشكلة الجفاف المعقدة». وتتحدّث عن «ضرورة وضع استراتيجيات أوسع نطاقاً لإدارة المياه» في البلد البالغ عدد سكانه 43 مليون نسمة.

تقنين استخدام المياه في العراق
وبسبب الجفاف ونقص الأمطار، تشدد الدولة على تقنين استخدام المياه وتقليص الأراضي الزراعية، لتوفير ماء الاستخدام اليومي للسكان، ولا سيما خلال الصيف.

مع ذلك، يتطلّع العراق في العام 2024 إلى حصاد ستة ملايين طن من الحنطة، كما يقول الناطق باسم وزارة الزراعة محمد الخزاعي، مما يعني تخطي الاكتفاء الذاتي والكميات المحققة في الموسم السابق.

وتعمل وزارة الزراعة أيضاً على دعم المزارعين للتحوّل نحو طرق الري الحديثة. وتوزع الوزارة رشاشات من خلال أقساط تمتد على عشر سنوات، على أن تدفع الوزارة 30% من سعرها الذي يبلغ متوسّطه نحو 40 ألف دولار لأرض بمساحة 60 دونماً، وفق الخزاعي.

ويقول الناطق باسم الزراعة: «حينما لاحظ الفلاح أن هناك مشكلة بالمياه تغيرت ثقافته باتجاه التحول، باعتباره خياراً لا بديل عنه لمعالجة الشح المائي، ولاستمرارية نشاطه الزراعي».

ويتابع: «في البداية، كانت هناك صعوبة أن يتقبّل الفلاح التحوّل نحو طرق الري الحديثة، لأن العراق بلد النهرين، وحضارته لأكثر من سبعة آلاف سنة زراعية بشكل أساسي». ويضيف الخزاعي: «المشاكل المتعلقة بالجفاف هي مشاكل حديثة في العراق، فالعراق لسنوات وعقود كان يعاني الفيضان وليس الجفاف».

من جهتها، تستغل المزارعة سعاد مهدي من قرية الأزركية الوفرة التي أوجدها استخدام الرشاشات الزراعية، وتنتج من أرضها الآن «ضعف المحصول». وتقول البالغة من العمر 40 عاماً: «في الماضي كان يستغرق السقي يومين أو يومين ونصف اليوم»، مضيفةً: «كنا نبقى في الصيف تحت الشمس طول اليوم، أما الآن فلا».

تزرع مهدي في الشتاء القمح والشعير، وفي الصيف الطماطم والباذنجان والبامية والذرة. وتتابع: «نملأ الحوض ونسقي بالمرشة. لا يستغرق الأمر أكثر من ساعتين».
 

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
«فيتش» تعدل نظرتها المستقبلية لمصر إلى «إيجابية»
«فيتش» تعدل نظرتها المستقبلية لمصر إلى «إيجابية»
الدولار يتراجع عالميًا متأثرًا بضعف عوائد السندات الأميركية
الدولار يتراجع عالميًا متأثرًا بضعف عوائد السندات الأميركية
طرح موقف سيارات في أمستردام للبيع بنصف مليون يورو
طرح موقف سيارات في أمستردام للبيع بنصف مليون يورو
فورة شراء في الصين ترفع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية
فورة شراء في الصين ترفع أسعار الذهب إلى مستويات قياسية
بفضل الصين و«أسطول الظل».. انتعاش صادرات إيران النفطية على الرغم من العقوبات الأميركية
بفضل الصين و«أسطول الظل».. انتعاش صادرات إيران النفطية على الرغم ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم