«لم تعد هناك سوق سوداء تقريبًا... لا أحد يشتري منا وكله بيروح للبنوك». هكذا علّق متعامل في السوق السوداء بمرارة على حال السوق بعد أسبوعين من بدء البنك المركزي المصري ضرباته الموجعة التي تركت تلك السوق مترنحةً. بحسب تقرير لـ«رويترز» عن العملة المصرية.

وهبط الجنيه، الخميس، إلى مستوى قياسي جديد مسجلاً 7.59 للدولار بعد سلسلة تخفيضات رسميّة.

وقال محمد الأبيض رئيس شعبة شركات الصرافة «الوضع في مكاتب الصرافة عادي جدًا. إحنا بنعمل داخل منظومة ومعندناش مشكلة». لكنه أوضح أنَّ الوضع مختلف في السوق السوداء.

الأمور تكاد تكون متوقفة في السوق الموازية. الدنيا هادية وكله في حالة ترقب

وأضاف «الأمور تكاد تكون متوقفة في السوق الموازية. الدنيا هادية وكله في حالة ترقب».

وأفاد مُتعاملون في السوق الموازية بأنَّ حركة البيع والشراء شبه متوقّفة مع تقلص الفجوة بشدة بين أسعار البنوك والسوق السوداء.

وذكر متعامل أنَّ سعر الدولار في السوق السوداء بلغ 7.85 جنيهات في حين قال آخر إن السعر هو تقريبًا نفس السعر في البنوك.

وعلق الأبيض قائلاً «أعتقد نقدر نقول إنَّ العوامل مؤدية إلى نجاح، ولكن الناس تترقّب وهناك إحجام عن بيع الدولار».

وكان البنك المركزي قد بدأ الأسبوع الماضي السماح للجنيه بالانخفاض عن 7.14 جنيهات للدولار للمرة الأولى في ستة أشهر، فيما قال مصرفيون ومحللون إنه مسعى لتشجيع الاستثمار والتصدي للسوق السوداء في العملة.

ويأتي سماح البنك المركزي المصري بالتخفيض التدريجي لعملة البلاد قبل نحو شهرين من استضافة مصر لمؤتمر اقتصادي كبير في منتصف مارس القادم.

ونقل تقرير «رويترز» عن رئيس مجلس إدارة بنك التنمية الصناعية والعمال المصري السيد القصير قوله، إنَّ الإجراءات التي أخذها البنك المركزي «من شأنها أن تعمل على زيادة التدفقات النقدية من العملات الأجنبية للاقتصاد المصري من خلال الاستثمار الأجنبي المباشر والصادرات والسياحة».

لا تزال هناك آليات بوسع البنك المركزي استخدامها لتقليص الفارق بين سعر السوق الرسمية والسوق الموازية ومنها الطرح الاستثنائي للعطاءات الدولارية

وأشار القصير إلى أنّه لا تزال هناك آليات بوسع البنك المركزي استخدامها لتقليص الفارق بين سعر السوق الرسمية والسوق الموازية ومنها الطرح الاستثنائي للعطاءات الدولارية.

ولجأ المركزي من قبل إلى العطاءات الاستثنائية لتوفير دولارات إضافية لتلبية حجم كبير من الطلبات التي لا تغطيها العطاءات الأربعة التي يطرحها أسبوعيًا بإجمالي 160 مليون دولار.

وقال مساعد المدير العام لقطاع الخزانة بأحد البنوك الخاصة أسامة المنيلاوي، إنَّ خفض الجنيه بنحو عشرة قروش اليوم يعمل على تقريب كبير للفجوة بين سعر الدولار في السوقين الرسمية والسوداء.

وجاءت الصدمة المفاجئة للسوق اليوم بعد يومين فقط من تلويح محافظ البنك المركزي هشام رامز بأنّه لا يزال في جعبته الكثير في مسعاه للقضاء على السوق السوداء.

ورحّب اقتصاديون ورجال أعمال بالخطوة التي يرى كثيرون أنّه طال انتظارها، ومن شأنها تعزيز تنافسية الصادرات المصرية ودعم ثقة المستثمرين قبيل القمة الاقتصادية في مارس.

وقال رئيس مجلس إدارة شركة «إتش سي» للأوراق المالية والاستثمار المصرية حسين شكري: «الوقت مناسب الآن لتخفيض العملة. التخفيض سيجعلك دولة تنافسية أكثر وسيدعم المصدرين بشكل كبير ويقلل من الاستهلاك».

قرار خفض الجنيه «سيشجِّع على جذب استثمارات أكثر. نعم القرار في صالح المستثمر والاستثمار

وتابع شكري قائلاً إنَّ قرار خفض الجنيه «سيشجِّع على جذب استثمارات أكثر. نعم القرار في صالح المستثمر والاستثمار».

ويرى اقتصاديون أنَّ انحسار احتمالات تفاقم التضخم بفضل انخفاض أسعار النفط عالميًا وارتفاع الدولار ساعد البنك المركزي في تحركه.

وقال المحلل بأحد البنوك في مصر أحمد خير الدين: «تخفيض الجنيه يساعد في الحفاظ على تنافسية الصادرات المحلية والعملة المحلية خاصة مع انخفاض الريال البرازيلي والروبل الروسي واليورو وقوة الدولار أمام معظم العملات الأخرى».

وأضاف أنَّ ما يترتَّب على انخفاض سعر صرف الجنيه من ارتفاع تكلفة الواردات «خطوة تصب في صالح المنتج المصري لأنها ستعزّز تنافسية المنتج المصري في السوق المحلية». بحسب «رويترز».

لكنه تابع «أسعار السلع تتراجع عالميًا لذا ستكون هناك حركة تعويضية في تكلفة الواردات».

وفي أحدث تقرير لها تكهّنت مؤسسة «كابيتال إيكونوميكس» للأبحاث أن يواصل الجنيه النزول خلال العام 2015 ليصل إلى نحو 8.25 جنيهات للدولار بنهاية العام ولكن على مراحل وليس دفعة واحدة.

ويرى الاقتصادي في «كابيتال إيكونوميكس» جيسون توفي، أنّ على المركزي المصري بذل المزيد لمنع تنامي الضغوط على الجنيه مجددًا.