طرح الصحفي الإسباني خوان كروث المهتم بالشأن الثقافي في مقال بصحيفة «الباييس» الإسبانية سؤالاً لافتًا عن تجاهل الكتَّاب زملاءهم الذين ينتمون لجيلهم نفسه عند تقديم نصائح للقراء حول اختيار كتاب جيد للقراءة، فمن النادر أن يتجاوز الكُتّاب أدباء عمالقة لينصحوا بالقراءة لكتَّاب معاصرين، سواء من سنهم أو يقتربون منهم في أسلوبهم.

واستدل كروث في مقاله ببعض الأسماء الأدبية الكبيرة منها كارلوس فوينتس، وهو روائي وعالم اجتماع ودبلوماسي مكسيكي، الذي كان يملك استراتيجية وتكتيكًا ليتجنب الإجابة عن هذا السؤال الذي يعتبره فخًا، فعادة ما كان يجيب بأنه يعيد قراءة أعمال سابقة، وأن كُتّابه المفضلين هم بلزاك وفلوبير، كاتبان من القرن 19، وفوكنر، الذي سبقه بقليل على حد قول كروث.

ويشعر الصحفي الإسباني بأن هناك ما يشبه عُرف غير مكتوب، بين الناشرين، وحتى بين المكتبيين، يقتضى بعدم مديح كاتب أمام كاتب آخر، لأن إصدار الأحكام قد يسبب إحراجًا للكاتب الحاضر، ولهذا نجد في كل الاستفتاءات في الصحف القومية ينصح المؤلفون بقراءة كتب من أزمنة أخرى، ويختارون الماضي البعيد الذي يشمل الكتب الكلاسيكية.

ويعتقد كروث بأن هناك ظاهرة أخرى لاحظها عندما نصح فوينتس بقراءة خوليو كورتاثر، ونصح كورتاثر بقراءة فوينتس، إذا هناك تبادل منفعي عندما يتبادل الكُتَّاب النصح بكتب بعضهم البعض ما ينتج عنه تحقيق صدى واسع لهذه المجموعة من المؤلفين، الذين كانوا صغارًا حينها، ثم حفروا اسمهم في التاريخ مثل ماركيز ويوسا.

وحدث أيضًا ظهور كتّاب لم يكتفوا بنصح قراءة أعمال بعضهم البعض، بل أيضًا بقراءة الكتّاب الأصغر منهم، كما فعل خوان بينيت وخوان غارثيا أورتيلانو مع غابيير مارياس وفليكس دي اثوا ومانويل دي لوبي وبيثنتي مولينا فويكس، إذ ظهر هؤلاء في سوق كتابة مكتظ، حتى كادت أرفف المكتبات أن تنفجر من كتب الأدب.

واختتم كروث مقاله قائلاً: «أعتقد أن المنافسة تكمن في (من يصل أولاً) وكل منهم ينظر للآخر بشكل مفرط، ويتضح بأن الكاتب يبحث عن أي حيلة للوجود».