Atwasat

قرأت لك: «كلمات ربي وآياته في القرآن والكون» (2 ـ 5)

القاهرة - بوابة الوسط الأربعاء 20 مارس 2024, 10:49 صباحا
WTV_Frequency

في كتابه «كلمات ربي وآياته في القرآن والكون» يتتبع عضو مجمع اللغة العربية بالقاهرة د.أحمد فؤاد باشا مفردات وردت في القرآن الكريم بشرح معانيها وأمثلة على الاستخدامات المختلفة لها.

«بوابة الوسط» في هذا الشهر الكريم، ترصد عددًا من الكلمات وتفسير معانيها واستخداماتها، وأماكن ورودها في آيات التنزيل الحكيم، حسب ما دوَّنه مجمع اللغة العربية بالقاهرة على صفحته الرسمية على موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك».

ـ الإِبِل
الإبل: الجمال الكثيرة، واللفظ يشمل الجمال والنوق، فهو اسم جمع للجنس، ولا مفرد له من لفظه (مؤنث). جمعه: آبال، ويقال للقطيعيْن من الإبل: إبِلان.

وقد وردت كلمة «الإبل» في القرآن الكريم مرتين: {وَمِنَ الْإِبِلِ اثْنَيْنِ} (سورة الأنعام: 144)؛ {أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ} (سورة الغاشية: 17). وهذا التوجيه الإلهي الحكيم في آية سورة الغاشية بالنظر إلى خلْق الإبل نظر الاعتبار والتفكر، إنما لأنها نموذج فريد في الخلق يُقصد بذاته.

حقًّا، إن في الإبل آيات معجزات دالة على قدرة الله، ليتدبر في ذلك المتدبرون. فمن المعروف أن من صفاتها الظاهرة ما يمكنها من أن تكون كما يطلق عليها «سفن الصحراء» بحق. فالعينان ترتفعان فوق الرأس وترتدان إلى الخلف، فضلًا عن طبقتين من الأهداب تقيانهما الرمال والقذى، وكذلك شعْر المنخرين والأذنين الكثيف للغرض نفسه. فإذا ما هبت العواصف الرملية انقفل المنخران، وانثنت الأذنان – على صغرهما وقلة بروزهما – نحو الجسم. 

أما القوائم فطوال تساعد على سرعة الحركة، مع ما يناسب ذلك من طول العنق، وأما الأقدام فمنبسطة في صورة خفاف تمكن الإبل من السير فوق الرمال الناعمة. وللجمل كلكلٌ تحت صدره، ووسائد قرنية على مفاصل أرجله، تمكنه من الرقود فوق الأرض الخشنة الساخنة، كما أن الشعر الموجود على جانبي ذيله الطويل يحمي الأجزاء الخلفية الرقيقة من الأذى.

والإبل في الشتاء لا تطلب الماء، بل إنها قد تعرض عنه شهرين متتاليين إذا كان الغذاء غضَّا رطبًا، أو أسبوعين إذا كان جافًا. كما أن الجمل قد يتحمل العطش الكامل في قيظ الصيف أسبوعًا أو أسبوعين، يفقد في أثنائهما أكثر من ثلث وزن جسمه، فإذا ما وجد الماء تجرع منه كمية هائلة يستعيد بها وزنه المعتاد في دقائق معدودات. 

والجمل لا يختزن الماء في كرشه كما كان يظن، بل إنه يحتفظ به في أنسجة جسمه ويقتصد في استهلاكه غاية الاقتصاد. فمن ذلك أنه لا يلهث أبدًا ولا يتنفس من فمه ولا يصدر من جلده إلاّ أدنى العرق، وذلك لأن حرارة جسمه تكون شديدة الانخفاض في الصباح المبكر، ثم تأخذ في الارتفاع التدريجي أكثر من ست درجات قبل أن تدعو الحاجة إلى تلطيفها بالعرق والتبخر.

 وعلى الرغم من كمية الماء الهائلة التي يفقدها الجسم بعد العطش الطويل، فإن كثافة دمه لا تتأثر إلا في حدود مناسبة، ومن ثم لا يقضي العطش عليه. وقد ثبت أن دهن السنام مخزن للطاقة يكفيه غوائل الجوع، ولكنه لا يفيد كثيرًا في تدبير الماء اللازم لجسمه. وما زال العلماء يجدون في الإبل أسرارًا كلما بحثوا، مصداقًا لحض الله – تعالى – لهم على النظر في خلْقها المعجز.

ومن الكلمات المتصلة بالإبل ما يأتى:   
1ـ  أوبار: واحدتها: وَبَرة، والإبل وحدها بين الأنعام هي ذات الوبر. والوبر ضرب من الشعر. وقد وردت كلمة «أوبار» مرة واحدة في قوله تعالى: {وَمِنْ أَصْوَافِهَا وَأَوْبَارِهَا وَأَشْعَارِهَا أَثَاثًا وَمَتَاعًا إِلَىٰ حِينٍ} (سورة النحل: 80)
والوبر من عُدَّة الإبل المعينة لها على الاحتفاظ بماء أجسامها وتحمل العطش، لأنه يقلل كمية الماء التي يفقدها البعير عرقًا إلى حدّ ملحوظ، حتى أنه إذا جُزَّ وبر ذلك البعير ازداد طلبه للماء.

2- البُدْن: جمع بَدَنَة، وهي ناقة أو بقرة تنحر بمكة قربانا، وقد تطلق على الذكر والأنثى، وسميت بذلك لأنها تُبَدَّن، أي تُسَمَّن. وإنما تسمّى بها الإبل خاصة لِعَظم بدنها، أي جسمها. ومعظم استعمالها في الأحاديث وكتب الفقه في الإبل خاصة. وقد وردت كلمة «البُدن» في القرآن الكريم مرة واحدة في قوله تعالى: {وَالْبُدْنَ جَعَلْنَاهَا لَكُمْ مِنْ شَعَائِرِ اللَّهِ لَكُمْ فِيهَا خَيْرٌ} (سورة الحج: 36).

3- بعير: اسم يطلق على الذكر أو الأنثى من الإبل إذا أجذع، أي استكمل أربعة أعوام ودخل في السنة الخامسة، ويكون عندئذ صالحًا للركوب والحمل. وقد يعيش البعير إلى الأربعين إذا لم يذبح قبل ذلك. وقد وردت كلمة بعير في القرآن الكريم مرتين:  {... وَنَحْفَظُ أَخَانَا وَنَزْدَادُ كَيْلَ بَعِيرٍ ۖ ذَٰلِكَ كَيْلٌ يَسِيرٌ} (سورة يوسف: 65، 72) ويسمي البعير جملاً إذا بزَل، أي بلغ الثامنة أو التاسعة من عمره.

4- جِمالات: مفردها جِمالة (مثل: حجر وحجارة). و«الجمالة» جمع جمل، وهو الذكر من الإبل. وردت كلمة «جمالات» في القرآن الكريم مرة واحدة في قوله تعالي في جهنم: {إِنَّهَا تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُ جِمَالَتٌ صُفْرٌ} (سورة المرسلات: 32، 33). 

ووصف الجمالة بالصفر إشارة إلى لون الشرر. شبَّه الشرر، حين يأخذ في الارتفاع والانبساط لانشقاقه وتشبعه عن أعداد غير محصورة، بالجمالة الصفر، في اللون، وسرعة الحركة، والكثرة والتتابع والاختلاط، وهذا شأن الإبل عند اجتماعها وتزاحمها.

5- الجمل: الذكر من الإبل. ومن جموعه: أجمال وجمال وجُمْل وجِمالة. ومن معانيه: الكبير من الإبل. وقد يسمي الجمل الصغير قَعودًا.

وردت كلمة «الجمل» مرة واحدة في قوله تعالى: {وَلَا يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّىٰ يَلِجَ الْجَمَلُ فِي سَمِّ الْخِيَاطِ} (سورة الأعراف: 40). والمعنى أن الذين كذّبوا بآيات الله واستكبروا عنها يستحيل أن تفتح لهم أبواب السماء أو أن يدخلوا الجنة مثلما يستحيل مرور الجمل، وهو الحيوان الجسيم، من ثَقب الإبرة. والولوج يحمل معنى الدخول الإرادي.

6-  ناقة: الأنثي من الإبل، وقد تسمي كذلك إذا أجذعت (أي أتمت الرابعة ودخلت في الخامسة من عمرها). والأنثي الصغيرة السن قد تسمي «قَلُوصًا».
وقد وردت الكلمة في القرآن الكريم سبع مرات: (سورة الأعراف: 73، 77)؛ (سورة هود: 64)، (سورة الإسراء: 59)؛ (سورة الشعراء: 155)؛ (سورة القمر: 27)؛ (سورة الشمس: 13).

والناقة المذكورة في المواضع السبعة هي المعجزة التي أعطاها الله – تعالى – لنبيه صالح ورسوله إلى قوم «ثمود». وكانت هذه الناقة عظيمة الحجم، تشرب الماء كله طيلة يوم مخصص لها، ثم تُدِرّ من اللبن ما يكفي القبيلة كلها.

 وقد نصح صالح قومه بعبادة الله وحده وألاّ يعبدوا الأصنام، ونهاهم عن التعرض للناقة يوم شربها وعن إيذائها. ولكن قومه عَصَوْه، واستكبروا عن إطاعة أمر ربهم، ونحروا الناقة، فأهلكهم الله بالرجفة.

ويطلق على النوق الحوامل «العِشَار»، واحدتها عَشْرا، وعُشَراء. ووردت الكلمة في سياق ما يكون من أهوال مبادي القيامة، أو في العرض والحساب، حيث يقول سبحانه: {وَإِذَا الْعِشَارُ عُطِّلَتْ} (سورة التكوير: 4). والناقة العشراء هي المتقدمة في الحمل الذي قد تبلغ مدته أربعة عشر شهرًا تقريبًا (بين 390 و 420 يومًا).

7-  ضامر: وردت الكلمة مرة واحدة في القرآن الكريم في قوله تعالى: {وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَىٰ كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} (سورة الحج: 27). 

والضامر من الإبل ما هُزل وقلَّ لحمه. والأنثى ضامر وضامرة. والإبل قد تكون ضوامر لأنها من الرواحل التي ضُمِّرت أجسامها لتُعدَّ للركوب وسرعة الانتقال، أو لأنها قد أجهدها السفر الطويل، وأخذ الجوع والعطش من شحمها وماء جسمها أكثر مما تفقده من لحمها، ولعل هذا هو الأرجح في حال الإبل المذكورة في الآية الكريمة، بدليل أنها تأتي بركبانها من كل فج عميق، أي طريق بعيد.

والبعير المسافر الجائع يستنفذ الدهن المختزن في سنامه حتى يذبل ويميل على جنبه، ويذوي حتى يصبح ككيس جلدي خاوٍ. كذلك قد يفقد البعير المسافر الظمآن نحو ربع وزن جسمه أو ثلثه ماءً.

8-  الهَدْى: مفرده هَدْيَة، وهو ما يهدي ويساق من النَّعَم للحرم، ويكون من الإبل والبقر والغنم، على هذا الترتيب في الأفضلية، مستوفية أعمارًا محددة لكل منها. وقد وردت كلمة «الهدْى» في القرآن الكريم ست مرات: (سورة البقرة: 196)؛ (سورة المائدة: 2، 97)؛ (سورة الفتح: 25). وحسْب الإبل فضلاً أن الله جعلها خير ما يهدي إلى بيته المحرم وجعلها من شعائره. ومن السنة إشعار الهدْي وتقليده.

وقد وردت كلمة «الشعائر» في القرآن الكريم أربع مرات: (سورة البقرة: 158)؛ (سورة المائدة: 2)؛ (سورة الحج: 32، 36)، ووردت كلمة «القلائد» مرتين (سورة المائدة: 2، 97) والشعائر: جمع شعيرة وهي العلامة. و«شعائر الله» في هذه المواضع الأربعة لها معنيان:
- شعائر الحج، أي مناسكه، كالتلبية والطواف والسعي والرمي والنحر، أو هي مواضع هذه المناسك ومعالمها، كالمطاف والمسعى والمرمي والمنحر.
- البدْن ونحوها مما يُهدي لبيت الله، وتسمي هكذا لأنها تُشْعَر أي تُعلَّم بإحداث جُرح في سنامها، أو تعليق قلادة بها، أو نحو ذلك، علامة على إهدائها للبيت، وحتى لا يتعرض لها أحد.

أما القلائد، جمع قلادة، فهي كل ما يجعل حول الرقبة من خيط أو حلي أو نحو ذلك. وتقليد البدْن أن يجعل في عنقها أو يعلق على سنامها شعار يُعلم به أنها هدْي.

9-  الهيم: الإبل العِطاش (هكذا على التخصيص). والأهيم من الإبل: العطشان أشد العطش. والإبل الهيم: الإبل التي أصابها الهُيام، وهو داء يكسبها العطش، ويدفعها إلى شرب الماء، فلا ترتوي.

وقد وردت كلمة «الهيم» مرة واحدة في هذا السياق القرآنى: {ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (51) لَآكِلُونَ مِن شَجَرٍ مِّن زَقُّومٍ (52) فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ (53) فَشَارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (54) فَشَارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (55)} (سورة الواقعة: 51-55).

ولكي ندرك عمق الصورة البلاغية في «شرب الهيم» نشير إلى ما اختصت به الإبل من مقدرة على الصبر الطويل على العطش، حتى إنها قد تفقد نحو رُبْع وزن جسمها ماء أو ثُلُثه، ثم استطاعتها أن تعبّ هذا المقدار الهائل من الماء في دقائق معدودات. ففي إحدى التجارب استطاع جمل أهيم، قد فقد من وزنه مئة كيلو غرام، أن يتجرع من الماء نحو مئة لتر في عشر دقائق فحسب.

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
ألبوم «مرا» للتونسية آمال المثلوثي.. نسوي بالكامل
ألبوم «مرا» للتونسية آمال المثلوثي.. نسوي بالكامل
الفنانة الانطباعية ماري كاسات
الفنانة الانطباعية ماري كاسات
السينما السودانية تلفت الأنظار إلى الحرب المنسية
السينما السودانية تلفت الأنظار إلى الحرب المنسية
المتاحف الفرنسية تبحث في أصول قطع أثرية أفريقية نُهبت خلال مرحلة الاستعمار
المتاحف الفرنسية تبحث في أصول قطع أثرية أفريقية نُهبت خلال مرحلة ...
إطلاق اسم الفنان الجزائري إيدير على حديقة في باريس (فيديو)
إطلاق اسم الفنان الجزائري إيدير على حديقة في باريس (فيديو)
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم