فنانة موهوبة وفوق ذلك مجتهدة، كانت أمنيتها أن تصل لوحاتها معرض «اللوفر» في باريس، فتحقق لها ذلك، تقول إنها منذ أن انسابت ألوان ريشتها فوق لوحتها، وابتعدت عنها قليلا لتتأملها، وجدت نفسها عند ركبتي والدتها، التي كانت رفقة والدها يتأملان تلوين لوحتها. رفعت عينيها نحوهما، فغمرتها بهجة عارمة، فلقد أحست بحب وإعجاب والديها بما رسمت، فكانت البداية الحقيقية لمشوارها منذ أن كان عمرها ست سنوات. قالت في حوارها مع (العربية نت): «بدأت علاقتي بالرسم منذ سن صغيرة جدا وعمري ست سنوات، كنت أنجذب تلقائيا للكراسة البيضاء والأقلام وكأنهم جزء لا يتجزأ من كياني، ومع مرور الوقت بدأت أكتشف عوالم الألوان بمختلف أنواعه». وما أن بلغت من العمر أربعة عشر عاما، حتى عرضت أول لوحاتها الزيتية! ومنها لجأت إلى الألوان والتشكيل، تبث هموم الفتاة الشرقية معبرة عما لا تستطيع البوح به من شكوى وهموم. كان همها نقل مشاعرها وأحاسيسها أكثر من أي شيء آخر فأبدعت بشكل كبير حتى أن شكواها عبرت عن معاناة جيل كامل. وكان لتخصصها في الأدب الإنجليزي تأثير بالغ، فأشعار (بيرون) و(شيلى) و(جون كيتس) عن الربيع وأزهاره يحس بها المشاهد للوحاتها. وتقتبس في معرض حوار لها قولًا لرسام قلق. اسمه (بكلنكسر)، هو في الحقيقة بطل رواية (هيرمان هسة): «صيف كلنكسر الأخير»، وهو رسام قلق، مسكون بهواجسه، لا يغادر عزلته إلا نادرًا، على الرغم من عشقه للحياة، يقول: (أشرب نخبك أيتها الأشياء الرائعة في العالم! أنا الأكثر زوالًا، والأكثر إيمانًا، والأكثر حُزنًا، الذي يعاني خشية الموت أكثر منكن جميعًا). 

تكاد المرأة تسيطر على  لوحات الفنانة الهانوف محمد 
وتقول: «إنها، باختصار شديد، عنوان رحلتها في هذه الحياة، وطرحي لقضاياها هو حديثها عن قضاياها الشخصية، وتعبيرها عن المر.أة هو تعبير عن ذاتها...». وتستطرد: «... وأستطيع أيضًا، طرح جميع القضايا التي قد لا أستطيع التعبير عنها بالكلام... وعندما أريد أن أرسم، فأنا أريد أن أرسم البراكين التي تثور في داخلي وليس لدي أي اهتمام بأي جوانب فنية جانبية أخرى. أهم سمة في أي لوحة تعبيرية هي الطغيان الكبير للمشاعر على اللوحة. ومثال على ذلك لوحة (الصرخة) لمونك، فمجرد النظر إلى اللوحة نستطيع سماع دوي تلك الصرخة القاتلة. إخلاصي للفن التعبيري هو أنه أتاح لي تحويل أحاسيسي الداخلية العميقة والمعقدة إلى لوحات فنية تنقل حدة تلك الأحاسيس وعمقها بدقة».

وصلت لوحاتها إلى متحف (اللوفر(
ولكونها أنثى شرقية، يصعب عليها البوح بما يعتمل في صدرها من هموم، فتلجأ إلى الريشة والألوان وتقول ما لا تستطيع أن تتفوه به أو تتحدث عنه بالكلام، فوصلت المشاهد وبيسر بالغ، صدق وقوة مشاعرها. وعن المدارس، التي تأثرت بها، تقول إنها تداخلت بشكل كبير، غير أن أفكارها تحمل سمات المدرسة التعبيرية الحديثة. وصلت لوحاتها إلى متحف (اللوفر) ولها فيه اربع لوحات منذ العام 2019؛ والمفارقة العجيبة التي صادفت عددا كبيرا من الفنانين، منهم العالميون، أن لوحاتهم رفضها النقاد وأصحاب ومديرو المعارض وصالات العرض صادفت أيضا هذه الفنانة؛ فلقد ذكرت في حوار لها أن عدم عرض أعمالها في بلادها، بادئ الأمر، سببه أنه لسنوات خلت تواصلت مع معارض في المملكة فأخبروها أن «أعمالها رُفضت كونها لا توازي المعايير الفنية» غير أن تلك الأعمال وجدت قبولا في عدد من المعارض العلمية أوروبا، فمنذ أن عرض أول معرض لوحاتها في (مانشستر البريطانية) العام 2017، أصبح للوحاتها شهرة واسعة.