Atwasat

المثقفون يبكون درنة «زهرة الياسمين»

القاهرة – بوابة الوسط: فتحي محمود الأربعاء 13 سبتمبر 2023, 05:26 مساء
WTV_Frequency

درنة من أجمل المدن الليبية، وثاني كبرى مدن الجبل الأخضر بعد مدينة البيضاء، تتمتع بطبيعة خلابة، كما تحتضن أرضها معالم تاريخية وأثرية، تتدفق إليها المياه عبر نبعين غزيرين أحدهما عين البلاد، والثاني عين بومنصور الذي تنحدر مياهه من ربوة عالية إلى مسيل الوادي.

تغنى الشعراء بجمال درنة، وبخضرتها النامية وظلالها الوارفة، وبمائها العذب وهوائها العليل، كما أشادوا بكرم أهلها ورقة طباعهم. وتحدّث كتّاب وسياح عرب وأجانب عن أحيائها وآثارها، وسمّاها بعضهم «عروس ليبيا» و«درة البحر المتوسط» و«زهرة الياسمين».

اجتاحتها العاصفة «دانيال» بعد أن مرّت على بنغازي ولكنها لم تؤثر فيها، وحين وصلت إلى درنة مع مناطق أخرى شرقي ليبيا دمّرت سدود واديها المتهالكة وأغرقتها، وأعلن رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي تلك المناطق بالـ«منكوبة».

بيت ثقافة درنة حذّر من الكارثة قبلها بأيام
لكن المثقفين تنبأوا بالكارثة وحاولوا تنبيه السياسيين والمعنيين بأمر البلاد، وكان آخر تلك المحاولات ندوة أقيمت ببيت درنة الثقافي في 6 سبتمبر الجاري؛ أي قبل أيام قلائل من وقوع الكارثة؛ حيث ناقشت الندوة موضوع الوادي ومخاطر الإهمال، وتحدّث فيها الحضور عن الكارثة المرتقبة، ووجّهوا تقريرًا لكل الحكومات، ولم يحضرها إلا عدد قليل.

وكتب الشاعر ابن درنة مصطفى الطرابلسي على صفحته عن الحدث، وكان هو نفسه بعدها أحد ضحايا الإعصار.

ما قبل «دانيال»: دراسة ليبية توقعت كارثة درنة وطالبت بحماية السكان وصيانة السدود
شاهد في «تغطية خاصة»: العالم يبكي درنة.. وليبيا تبكي نفسها!!
موجة تضامن فنية مع ليبيا بعد العاصفة «دانيال»
عاشور الطويبي.. قبس شذرات الغواية وحكايا البحر

وفيما لاذ عديد الأدباء بالصمت، بكى الكتاب والشعراء والمثقفون درنة، وما آلت إليه، قال الشاعر عاشور الطويبي عن آثار الدمار وعن نخلتين وحيدتين صمدتا في وجع الإعصار «كلما أغمضت عيني، رأيت النخلتين الواقفتين على ضفة الوادي في وسط الماء، عدد الصيحات الخائفة والصيحات المهشمة عدد الذين توسدهم الرمل وسحب أنفاسهم واحدًا واحدًا، النخلتان الحزينتان اللتان كانتا شاهدتين على الموت العظيم!».

 فيما نعت الكاتبة عزة المقهور الضحايا والأماكن في بكائية جاء فيها «يا نا عليّ يا درنة، أين زمارتك وأفراحك.. أين شلالك وبطك يتمهل الخطى بين بركه.. أين الغويل وفاطمة وتصاويرك، وأين الحصادي والعوكلي ومحاولاتهم التي تصيب غالبًا في إحياء ذاكرتك الثقافية، أين بلو وأشعاره في طرابلس، أين عمي الثلثي وجهوده في توثيق دورك التعليمي، أين سرقيوه الذي رافقنا ذات يوم في رحلة لرأس الهلال مرشدًا سياحيًا، أين الطرابلسي والعلواني لطالما نبها إلى الأوضاع البائسة التي تعيشها المدينة والحاجة لعودتها لمحيطها المتوسطي الجامع… أين الشاعران الزني وبطاو، هل مازال بيت الأسطى عمر والمدينة القديمة على حالهما؟ أين صديقاتي.. فردوس التي يصدح صوتها في الإذاعة بالنصائح تبكي فقدها بلا صوت، أين بنات الداخلي.. صديقاتي اللاتي استسلمن للسيل وهن يمسكن بأحفادهن لعل أحدهم ينجو.. ينجو فقط وهم جميعًا في طريقهم إلى البحر.. البحر الذي زينها وجملها وجعلها عروسًا حتى حينما شاخت بإهمالهم لها لعقود.. اليوم لم يعد بحرها، خر صريعًا بين يدي ماء فرات هاجمها.. يا نا عليّ يا درنة.. يا نويرتك يا درنة!».

لم يبقوا ولم تبق منازلهم
أما محمود فحيل البوم فكتب: «مشاعر مرتبكة يعيشها الليبيون.. لم يتبق شيء في الدنيا لم يقع على رأسهم ويُقطع أكبادهم ويكسر صبرهم، حتى الماء الذي يحبونه والمطر الذي ينتظرونه ويتفاءلون به ويشتاقون له يُخيب ظنهم ويصطف مع خصومهم هذه المرة».

وقال الكاتب محمود البوسيفي على صفحته الرسمية على فيسبوك «إن إعصار دانيال لم يأت صدفة، لم يحدث فجأة، لم يهبط من مجهول، مرّ أولًا على اليونان وجنوب إيطاليا وجرى إبلاغ الليبيين باتجاهه نحو السواحل الليبية وتحديد مدى قوته، ماذا فعلت الحكومات؟».

أضاف في منشور آخر حزين «أيها المواطنون، ابقوا في منازلكم.. لم يبقوا ولم تبق منازلهم».

تنويه بيت ثقافة درنة عن الندوة التي تحدثت نخاطر الإهمال قبل العاصفة «دانيال» بأيام قليلة، صفحة بيت ثقافة درنة. (فيسبوك)
تنويه بيت ثقافة درنة عن الندوة التي تحدثت نخاطر الإهمال قبل العاصفة «دانيال» بأيام قليلة، صفحة بيت ثقافة درنة. (فيسبوك)
صورة نشرها الشاعر عاشور الطويبي وكتب عنها كلماته المؤثرة. (فيسبوك)
صورة نشرها الشاعر عاشور الطويبي وكتب عنها كلماته المؤثرة. (فيسبوك)
الشاعر الراحل ابن درنة مصطفى الطرابلسي الذي قتلته العاصفة بعد أن حذر منها «دانيال».(فيسبوك)
الشاعر الراحل ابن درنة مصطفى الطرابلسي الذي قتلته العاصفة بعد أن حذر منها «دانيال».(فيسبوك)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
بين التجديد والتكرار.. أعمال تلفزيونية ليبية تحت المجهر
بين التجديد والتكرار.. أعمال تلفزيونية ليبية تحت المجهر
ألبوم «مرا» للتونسية آمال المثلوثي.. نسوي بالكامل
ألبوم «مرا» للتونسية آمال المثلوثي.. نسوي بالكامل
الفنانة الانطباعية ماري كاسات
الفنانة الانطباعية ماري كاسات
السينما السودانية تلفت الأنظار إلى الحرب المنسية
السينما السودانية تلفت الأنظار إلى الحرب المنسية
المتاحف الفرنسية تبحث في أصول قطع أثرية أفريقية نُهبت خلال مرحلة الاستعمار
المتاحف الفرنسية تبحث في أصول قطع أثرية أفريقية نُهبت خلال مرحلة ...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم