يستطيع المتابع للفن التشكيلي أن يضع رجلا فوق أخرى، ويقرر بيسر بالغ أن أسلوب الفنانة التشكيلية السعودية «صفية بن زقر» هي الواقعية المقتبسة من الحياة الشعبية السعودية اليومية، ولعل ذلك هو سبب تكريمها من جلالة الملك سلمان بن عبدالعزيز، خادم الحرمين الشريفين، بمنحها وسام الملك عبدالعزيز نظير خدمتها للتراث السعودي من خلال إبداعاتها التشكيلية بتوثيق عادات وتقاليد وتراث مناطق المملكة بدار صفية في مدينة جدة، التي عرضت لوحاتها وانتقاءاتها، من ألبسة ومنسوجات ومشغولات يدوية تراثية، جعلت أركان الدار تتحدث عن أصالة التراث السعودي.

لوحة «الزبون» اشتهرت باسم «موناليزا السعودية»
تعد هذه الفنانة التشكيلية من الرائدات في مجالها، وهي المولودة العام 1940 في حارة الشام بقلب مدينة جدة القديمة، وبدأت مسيرتها الإبداعية العام 1968 بمعرض فني خاص في مدرسة دار التربية الحديثة، فكان بداية نجاحاتها، وتواصل إبداعاتها الموسومة ببصمة فنانة سعودية مميزة من خلال معارض ناجحة محلية ودولية، تميزت من بينها لوحة «الزبون»، التي اشتهرت إعلاميا باسم «موناليزا السعودية». وقد أقيمت لأعمالها معارض محلية وعالمية في باريس وجنيف ولندن.

إلى القاهرة حملت عبق روائح جدة وتراثها  
لعل تجربتها بدأت مبكرا من العام 1947 مباشرة، بعد انتقالها مع أسرتها إلى القاهرة، ويبدو أنها حملت معها عبق مكان مولدها، وروائح الحارات وزخارفها وألوانها وتراثها، وفوق ذلك أصالة تقاليدها. أكملت «صفية» دراستها، ثم غادرت من القاهرة إلى بريطانيا، وظلت هناك ثلاث سنوات، للدراسة في كلية «سانت مارتن» للفنون بلندن، ضمن برنامج دراسي حصلت بعده على شهادة في فن الرسم والجرافيك، وعادت العام 1965 إلى القاهرة، لتنمية موهبتها وممارسة تجربتها الإبداعية.

المتحف البريطاني اقتنى عددًا من أعمالها
عادت إلى مدينة جدة، وأمسكت بريشتها، ومزجت ألوانها، واسترجعت من ذكرياتها ماضي المكان بأفراحه وحيويته، بل روائحه، وانطلقت معارضها، وذاع صيتها حتى توجت باقتناء المتحف البريطاني في لندن عددا من أعمالها. أما النجاح الحقيقي فتحقق بعد أن أصبحت دار الفنانة صفية بن زقر مزارا لضيوف جدة من المهتمين بالثقافة والإبداع، وعلى مستوى عالٍ، منهم رؤساء وملوك دول ووفود دبلوماسية.