افتتح بدار الفنون، السبت، النسخة السابعة من معرض دواية للحروفيات، بإشراف منظمة دواية للفنون، وبمشاركة نخبة من الخطاطين الليبيين والعرب والأوروبيين.
الأعمال تحمل توقيعاتها الممهورة ببصمة كل من الحروفيين محمد الخروبي، أحمد البارودي، البهلول الشريف من ليبيا، وكوثر تيتش، محمد مالكي من تونس، وعبدالمالك نونوحي من فرنسا ومحمد الرقيبي من المغرب.
وتباينت اللوحات في صيغتها الحروفية بين التبسيط أو الوضوح النسبي إلى الاندماج الكامل، كما تدرجت الألوان من الهافت إلى الداكن تناغمًا مع روح الموضوع ومعطيات الفكرة، عدا أن الأشكال والتركيبات الهندسية للحروف تجلت بصورة جاذبة عاكسة تفاصيل الحفر والإصباغ وعجائن المواد المكونة لجسد اللوحة.
- دار الفنون تحتضن معرض «دواية» في نسخته السادسة
وهي في ذلك تستند إلى إرث كبير من التجارب والمحاولات حتى صقلت في منحاها الحالي، ولازالت تتقوى من ذخيرة الخيال الذي منحها دفقها الساحر، متواصلة على «تراكمات» الرقيبي، و«تداخلات» الخروبي، و«مربعات» البارودي، و«نقائش» تيتش و«تقاطعات» مالكي.
ووصف الفنان محمد الغرياني أعمال البهلول الشريف بالعفوية الصارخة، إذ تتمظهر رؤيته للألوان والخطوط أثناء الرسم دون سابق ترتيب أو تصور يناقش ايحاءاتها، تلك المسحة من السحب والأمواج المتمددة هي تعبير مباشر عن دواخل الفنان وذائقته وأحاسيسه المندلقة على اللوحة كما الحبر تتجه مدفوعة سابقة للإطار والأفكار.
روح الحرف
وذكر الفنان محمد الخروبي الرئيس التنفيذي للمنظمة في حديث لبوابة الوسط أن المعرض شمل 27 لوحة حروفية متنوعة، وما يميز هذه الدورة نسبة المشاركة الخارجية مقارنة بالسابق، وحاولنا أيضًا الرفع من مستوى الروح الفنية وهوما قصدناه من تغليب الطابع التجريدي في مجمل الأعمال المقدمة.
وأضاف أنهم يعملون في منظمة دواية على استرجاع القيمة الفنية للحرف العربي من الإضافات التي لا تخدم محتواه الجمالي وتبتعد كثيرًا عن مدلوله وفلسفته الخطية، وفي مقابل ذلك تبرز الحاجة إلى استلهامات الخط العبي الذي يقال عنه «أينما ظهر بهر» من حيث الليونة والصلابة علاوة على التدوير والانحناءات علاوة على مقومات تصميمية عالية، ومن ذلك يأتي دور الحروفي في تحريره من السجن الورقي إلى آفاق أكثر انطلاقًا وحيوية ومرونة.
وحول لوحاته اوضح الخروبي اعتماده في النسخة السابعة على اللون بصفة عامة وجعل الحرف جزءًا من جدائله حتى يكاد يختفي في هذا الإدماج، لكنه يبقى عنصرًا في التلوين، إذ لم تتجه ذائقتي إلى إبرازه بقدر ما دفعت في اتجاه التنسيق بين الألوان وجعلها متناغمة ورافدة لبعضها البعض، ونلخص في مسار هذه المعادلة إلى الإلماحة لروح الحرف لا شكله.
مربعات البارودي
وكانت أعمال الفنان أحمد البارودي حاضرة عبر أربعة لوحات، يجمعها القالب الخطي فيما تتباين في خلفياتها اللونية، وبحسب تعبيره يقول البارودي أن هذه التجربة، التي أعلنت عن نفسها في لوحة واحدة كان يجب أن تتحول إلى إضافاتها الثلاثة حتى يمكن النظر إليها كوحدة موضوعية مكتملة النضوج، وتتشبع من كل الأبعاد وترسو في النهاية على وجهتها المرسومة، وأضاف أننا نهتم بالحروف كشكل أكث من كونها قاعدة خطية حتى نصل به إلى مرحلة الخط والمقصود هنا محدداته من السماكة والرقة وكذا الاستطالة والتربيع، وهو ما أبرقته في التربيعات بألوانها الزهرية والأسود والأخضر.
أصباغ وعجائن
وأوضحت الفنانة التشكيلية نادية العابد أن الأعمال مختلفة تمامًا عن سابقاتها خصوصًا في لوحات الحروفي محمد الخروبي على مستوى الخطوط والألوان، كذلك لوحات محمد مالكي المميزة بتعدد خاماتها، حيث ادخل الفنان أصباغ وعجائن مختلفة، وعمل على تقنية الحفر باستخدام الأصابع دون وسيط، وفيما رسم بحفرياته الطولية ما يحاكي المادة النسيجية في مكنون التراث، نرى لوحته المجاورة المكتسحة بتدرجات اللون الأزرق مبنية على وقع الاستدارة والتشابك.
وتتجه العابد في ملاحظاتها إلى أعمال الفنانة التونسية كوثر تيتش، التي يتجلى فيها الاعتماد على الصمغ المعبر في إيحاءاته على بعدين يقتفي الأول رمزية النفس الحروفي المضمن في الصمغ، وكذا جمالية الرصف والمزج والتداخل فيها المجسد لعملية النقش.
تقنيات وأفكار
وفيما أكدت الفنانة مريم بازينة على فرادة المنجز الحروفي للأعمال المشاركة، الباحثة في كل مستوياتها عن التنوع والإضافة عبر إبحارها في فضاء الحرف واللون، أشار الفنان العارف القاجيجي المتابع لدواية في نسخها السبع إلى التطور الحاصل من حيث نوعية المشاركة والأساليب المستخدمة في الأعمال وقدرة كل فنان على إيجاد لغته وتكنيكه الخاص، ومن جانب آخر فإن دواية كحدث فني مهم له الإمكانات والتقنيات التي تؤهله لأن يتجاوز المستوى المحلي إلى الدولي بحكم ثراء الأفكار والقدرات الإبداعية للقائمين عليه.
تعليقات