Atwasat

«الصالون الثقافي» يحيي الذكرى الأولى للبغدادي

طرابلس - بوابة الوسط: عبد السلام الفقهي الأحد 21 نوفمبر 2021, 05:42 مساء
WTV_Frequency

أحيا الصالون البغدادي الثقافي، السبت، بمدرج قسم الكيمياء بجامعة طرابلس، الذكرى السنوية الأولى لرحيل الشاعر عبد المولى البغدادي، بمشاركة نخبة من البحاث والأكاديميين وأصدقاء الفقيد من الكتاب والأدباء.

وأُقيم برنامج الفعالية على فترتين، خصصت الأولى التي أدارها الدكتور محمد عمر بن حسين لكلمات تأبينية تستذكر مواقفه وومضاته الإنسانية وآراءه في الأحداث التي عاصرها وتعامله مع رفاقه وتلاميذه، وقد أشار الدكتور خالد عون عميد جامعة طرابلس في جانب منها إلى الانطباع الذي تركه البغدادي في نفسه مذ كان دارسًا بقسم الجيولوجيا وسماعه نوادر هجائه الجميل الذي اعتبره توثيقًا للحياة الاجتماعية داخل الحرم التعليمي.

صور وأفكار
ويرى الدكتور محمد علي البحباح، مدير الصالون البغدادي الثقافي، أن الجانب الأكاديمي كان حاضرًا في حياة الراحل، من خلال إشرافه وملاحظاته على رسائل الماجستير والدكتوراه، وكذا في المشهد الأدبي بنصوصه ودواوينه الضاجة بالصور والأفكار، علاوة على تفاعله مع الندوات والمهرجانات على المستويين المحلي والعربي.

وتوقف الدكتور عبدالحميد الهرامة، رئيس مجمع اللغة العربية، في ورقة له عند فترة الستينات التي عرف فيها البغدادي وعمره كان لا يزيد على عشرين عامًا، وفي موجة شهدت صعود الشعر الحر، الذي طغى على «المقفى» بل واعتبر النقاد الأخير نظمًا خاليًّا من المشاعر الإنسانية، إذ كادت أسماء بدر شاكر السياب، أدونيس، نزار قباني، أمل دنقل، تنسي القراء إبداعات البارودي، أحمد شوقي، أحمد قنابة.

وأضاف أنه يستثنى من ذلك جمهور الخاصة التراثية الذي وجد ضالته في شعر الجواهري وعمر أبوريشة، عبدالله البردوني، وكانت هذه المدرسة السائرة على نمط الشعر المقفى هي التي كتب عنها البغدادي دراسته الجامعية العليا واعتمدها في شعره، ثم لفت الأنظار إليه بشعر الفكاهة الذي يستمد تأثيره من شخصيته المرحة وذكائه الاجتماعي.

قصائد سياسية
وألمح إلى تأثير صديقه الدكتور سعدون السويح في أعماله واستشارته في أدق اللمسات الفنية، التي تلتقي فيها موهبة الصديقين، جامعة بين الأصالة والمعاصرة.

ولا يمكن إغفال الجانب العروبي في نصوصه، منها على سبيل المثال قصائد عن لبنان واليمن، كما أن محاولة إصلاح ما أفسدته السياسة لفت الأنظار في سعيه للتقريب بين وجهات النظر ويجسر الفجوة بين الفرقاء.

وأردف كل من صديقه الدكتور سعدون السويح وابنته امتياز في كلمة مسجلة إظهار ملمح من حياته الخاصة معهما، وسلوكه الأسري بين زوجته وأبنائه.

وفيما ألقى الشاعر محمد المزوغي أبيات تلامس شغف الروح وتحاكي شخصية البغدادي، قدم حفيده مصطفى البكوش قصيدة رثاء في جده الشاعر، وسرد الدكتور صالح سالم والباحث جمال عبد المطلب فيضًا من ذكرياتهما معه.

واختتمت فعالية الجزء الأول بمنح الدكتور خالد عون درع الجامعة لأسرة البغدادي، تقديرًا لدوره الإبداعي وإسهامه الثقافي، وفي المقابل تسلم رئيس الجامعة درع الصالون البغدادي عرفانًا بهذا التكريم.

إضاءات نقدية
وتضمت الفترة الثانية ندوة فكرية أدارها الدكتور عبدالستار بشيه، تناول فيها الدكتور بشير القلعي الشعر الفكاهي عند البغدادي، وتطرق في البداية لأثر الفكاهة في الشعر العربي كعنصر مهم للشاعر في استمالة الأذهان، ولفت انتباه سامعيه، علاوة على بث الأفكار والرسائل المطلوب تمريرها. موضحًا أن نصوص البغدادي تمتزج فيها روحه المرحة وإشاراته الساخرة، مع تحاشي غريب الألفاظ.

وبالحديث عن الأغراض الشعرية كالغزل والفخر والرثاء والوصف نجد البغدادي بحسب ما يصفه القلعي أصاب بسهم وافر منها ماعدا المدح الذي ينفر منه، وقد صرح بهذا في قصيدته الأولى التي سماها القصيدة المدخل في ديوانه الأول «على جناح نورس».

ويسوق ما ذكره الراحل في مقابلة أُجريت معه قائلًا: «أقبلت عليه واتخذت فيه منهجًا، ورأيتني في هذا اللون من الشعر أعبر عن ما أريد دون اعتراض من أحد، ولو سلكت طريقًا جادة مباشرة لربما لم يقبل مني، وقد وجدت فيه وسيلة للتنفيس ترضيني وترضي السامعين».

وتطرقت الباحثة تركية القماطي عضوة هيئة التدريس بكلية التربية قصر بن غشير للمناسبات الاجتماعية في شعر البغدادي، فمن ملامح الدعابة البارزة في شعره بيت يقول فيه «وأخيرًا تفضلوا باقتراح/ جميل الشهود يبدوا سميعا/ آل جبران يرقبون خليلًا/ علهم رضا يحل سريعًا/ فاجعلوه في العقد شرط وجوبًا/ فاقبلوه أو اسحبوا التوقيعا».

وفي لمحة رثاء لشيخه عبدالسلام خليل نستجلي حزنه العميق في قصيدته الشهيرة «وا خليلاه » يقول فيها «وا خليلاه أين مني خليلي/ غاب عن ناظري أغلى خليلي/ غاب عني معلمي وإمامي/ وملاذي وقدوتي ودليلي ».

ألوان ورموز
وأشارت الباحثة سهيلة محمد ساسي عضوة هيئة التدريس بكلية الآداب والعلوم بقصر الأخيار إلى جماليات التصوير الشعري عند الفقيد، مبرزة دلالات اللون المباشر، وغير المباشر في نصوصه، موضحة تناوله ألوان الأحمر والأخضر والأبيض بكثرة، والعكس في ألوان الأسود والأزرق والأصفر.

وقد احتل اللون الأخضر مساحة كبيرة في التصوير الشعري لديه، إذ يقول: «فالرسم بالكلمات الخضر هندسة/ وكل هندسة ديوان أشعاري » والمقصود تضمين رمزية اللون بالبناء والإعمار والنهوض، ونجده أيضًا يصف تونس باللون الأخضر قائلًا: «تملكني خاطر يعربي/ بخضراء في ربيع خضر»، وبيَّن في رمزية اللون الأحمر البعد الدموي المجسد في الحرب والدمار، والأخرى الهادف إلى والمشاعر المتأججة.

وكان للون الأبيض دلالته المجازية، وهو بذلك سلك مذهب التراث العربي، المعني بعدم الضرر وسلامة النية.

وتوقف الكاتب يوسف الشريف عند الصورة البيانية في قصيدة «نزيف الغربة » للبغدادي، التي يصف فيها مشاعر البعد عن الوطن والأهل والأصحاب، شارحًا ذلك في أربعة محاور، وهي غربته ومحنتها وضياعه وجراحات الرحلة والأمها، مستشهدًا بنص القصيدة «يا رفيق الضياع حسبي ضياعا/ إن للخل أن يودع خله».

وقد حول الشاعر الضياع إلى رفيق له، وخاطبه بشجن وطلب منه أن يتركه وشأنه لأنه مل الغربة، وإذا ما تتبعنا كامل القصيدة نجد أنه يشبِّه نفسه بالنسور المكبلة بالأغلال، وهي صورة تعبر عن الحنين للوطن وعذاب الاشتياق الذي جعل الحياة لا معنى لها.

مصطفى البكوش حفيد البغدادي أثناء إلقاء قصيدة لجده (بوابة الوسط)
مصطفى البكوش حفيد البغدادي أثناء إلقاء قصيدة لجده (بوابة الوسط)
الدكتور خالد عون رئيس جامعة طرابلس (بوابة الوسط)
الدكتور خالد عون رئيس جامعة طرابلس (بوابة الوسط)
الباحثة سهيلة ساسي (بوابة الوسط)
الباحثة سهيلة ساسي (بوابة الوسط)
الدكتور عبدالستار بشيه مدير الندوة (بوابة الوسط)
الدكتور عبدالستار بشيه مدير الندوة (بوابة الوسط)
الباحث جمال عبدالمطلب أحد أصدقاء الشاعر (بوابة الوسط)
الباحث جمال عبدالمطلب أحد أصدقاء الشاعر (بوابة الوسط)
الدكتور بشير القلعي (بوابة الوسط)
الدكتور بشير القلعي (بوابة الوسط)
الكاتب يوسف الشريف (بوابة الوسط)
الكاتب يوسف الشريف (بوابة الوسط)
الشاعر محمد المزوغي يلقى قصيدة رثائية (بوابة الوسط)
الشاعر محمد المزوغي يلقى قصيدة رثائية (بوابة الوسط)
الدكتور خالد عون يقدم درع التكريم لأسرة الشاعر عبدالمولى البغدادي (بوابة الوسط)
الدكتور خالد عون يقدم درع التكريم لأسرة الشاعر عبدالمولى البغدادي (بوابة الوسط)
جانب من الجمهور (بوابة الوسط)
جانب من الجمهور (بوابة الوسط)

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
ألبوم «مرا» للتونسية آمال المثلوثي.. نسوي بالكامل
ألبوم «مرا» للتونسية آمال المثلوثي.. نسوي بالكامل
الفنانة الانطباعية ماري كاسات
الفنانة الانطباعية ماري كاسات
السينما السودانية تلفت الأنظار إلى الحرب المنسية
السينما السودانية تلفت الأنظار إلى الحرب المنسية
المتاحف الفرنسية تبحث في أصول قطع أثرية أفريقية نُهبت خلال مرحلة الاستعمار
المتاحف الفرنسية تبحث في أصول قطع أثرية أفريقية نُهبت خلال مرحلة ...
إطلاق اسم الفنان الجزائري إيدير على حديقة في باريس (فيديو)
إطلاق اسم الفنان الجزائري إيدير على حديقة في باريس (فيديو)
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم