من هم يا ترى فنانو الشوارع؟ إنهم رواد فن الفضاءات المفتوحة، أو ما يعرف بـ«الغراف»، وهم يشكلون ظاهرة عالمية نظن أنها بدأت في أول الأمر بعبث الأطفال، كخربشات على الأسوار والجدران موسومة بالبراءة، لكن فيما بعد قد تحولت إلى فن شبابي خالص له ماله وعليه ما عليه.

وبرز هذا النمط في جهات عدة من عالمنا، في البرازيل والولايات المتحدة الأميركية، متزامنًا مع انتشار حركة «الهيب هوب وجماعات الهيبز» الاحتجاجية.

فن الرصيف أو (الغرافيتي) هو تلك الرسوم التي رسمتها يد مجهولة تسترعي فضولنا تشكيلات وتخطيطات رسمت (بعلب الرش أو الفحم أو الطلاء أو الحجر الجيري)، رسوم جريئة تعبر عن وجهة نظر أو تنقل تعاطفًا مع قضية ما فاضحة أحيانًا تعكس مكبوتات أصحابها وآراءهم، رسوم تهكمية يغلب عليها الطابع الكاريكاتيري، وأينما تجولت في شوارع العالم ستجد هذا النمط من الأشكال الجدارية التي يتركها الشباب خلفهم، وإذا جاز لنا أن ندرج هذا الصنف من رسوم الشوارع في باب الفن العفوي أو الشعبي، فهي وبغض النظر عن مقدرتها، تبدو في شكلها العشوائي الحر غير عابئة بصفة الفن بقدر ما تكتفي بنفسها كبوستر إعلاني.

وفي شارع (جمال عبدالناصر وعشرين وعمر المختار) ببنغازي و(فشلوم والظهرة وباب العزيزية) وغيرها من الشوارع بطرابلس، امتلأت الجدران بخربشات ورسوم تظهر القمع الذي كانت تشهده البلاد قبل إطاحة النظام السابق كمحاولة للتعبير بالفن بدل لطخ الدم وقساوة الحجر، لربما تسهم هذه الجداريات في إعادة الروح والحياة للمدن الليبية، وهذه المعارض المفتوحة لا شك في أنها تحمل رسالة ما، تتضمن احتجاجًا أو رفضًا، أو موقفًا حيال الأوضاع المؤسفة الراهنة.

ومن الملحوظ أيضًا أن هذه الرسومات لم تتجدد منذ أكثر من سنة تقريبًا الأمر الذي يؤكد عودة القمع وتسلط الميليشيات التي تستعمل لغة السلاح.