في مثل هذا اليوم من 44 عاما رحل عنا محمد السنوسي الساقزلي، الذي أخلص لوطنه، والذي نبه الأمير إدريس، سنة 1923، أن المستعمر الإيطالي يخطط لاغتياله، فهاجر إلى مصر، وظل ممتنا له.
هو سليل أسرة الساقزلي المعروفة في بنغازي. ولد سنة 1892، وتعلم في الدولة العثمانية. امتهن تحرير العقود قبل استقلال ليبيا. وبعدما أعلن الأمير إدريس السنوسي استقلال برقة في 1 يونيو 1949، كلف عمر باشا الكيخيا بترؤس الحكومة، ولم تستمر طويلا ثم تولاها السيد محمد الساقزلي في مارس 1950.
في 24/12/1951 إعلان استقلال ليبيا وقيام المملكة الليبية المتحدة، فتغير اسم الحكومة من المجلس التنفيذي إلى «والي برقة»، واستمر في منصبه حتى مايو 1952. بعد ذلك تولى وزارة المعارف في الحكومة الاتحادية. في سبتمبر 1953 عين رئيسا للديوان الملكي، ثم وزيرا للتعليم في حكومة محمود المنتصر، ورئيسا للحكومة لمدة شهرين، وهي أقصر حكومة في العهد الملكي. وسنة 1958 أصبح عميدا لبلدية بنغازي، ثم رئيسا لمؤسسة إعمار مدينة المرج من بعد الزلزال الذي ضربها سنة 1963.
عاش ورحل شخصية نزيهة وطنية وحجة في القانون، ويعشق اللغة العربية ويجيدها. حدثنا يوسف العالم، سكرتير بلدية بنغازي إبان توليه عمادتها، أنه كان يعشق الفن، مدللا بتصديه إلى المجلس البلدي، الذي طالب بإبعاده من منصبه، معللين أن عمله كفنان وعازف يقلل من هيبة منصبه، فقال لهم : «هذا فن وهو من ضروريات الحياة.. » . ولكنه يحتد سريعا من أي أخطاء، أو سلوك، خصوصا إذا كان في حق الوطن، وأخبرنا كيف أنه أمر سائق عربته بالوقوف ونزل سريعا مهرولا نحو مواطن جلف يقطع شجرة، وصفعه على فعله الشنيع، قائلا: «نحن نحتاج لسنوات لنرى شتلة تعانق السماء، فتقتلعها أنت في سويعات، هذه جريمة في حق بلادك!».
عاش حياته بعد تقاعده، بسيطا، يتسوق حاجياته من السوق، وسط ترحيب واحترام الناس به، ثم يتجه بقفته نحو حنطور وسيارة أجرة ويعود إلى بيته، في شارع أدريان بلت، إلى أن سقط النظام فغادر البيت المخصص له، بعيدا عن السوق.
توفاه الله يوم 14/1/1976 في بنغازي ووسد ثراها في اليوم نفسه.
- معظم المعلومات وبعض الصور من الذاكرة الوطنية المتقدة الوجيه سليمان مصطفى امنينه، اما حكايات الأستاذ يوسف العالم سمعتها شخصيا منه ووثقتها بمقالين في حينه.
تعليقات