سادت حالة من الحزن أرجاء مصر عقب اغتيال النائب العام، المستشار هشام بركات، متأثرًا بجراحه، على خلفية استهداف موكبه صباح اليوم بمنطقة مصر الجديدة شرق العاصمة.

وتعتبر تلك أول عملية اغتيال لمسؤول كبير بالدولة المصريّة منذ تسعينات القرن الماضي، بعدما فشلت محاولة اغتيال وزير الداخلية السابق اللواء محمد إبراهيم العام الماضي.

خازندار القاهرة
وأعادت الحادثة إلى الأذهان واقعة اغتيال القاضي أحمد الخازندار في الثاني والعشرين من مارس العام 1948، بعد إدانة بعض شباب جماعة الإخوان بالاعتداء على جنود بريطانيين، والحكم عليهم بالأشغال الشاقة المؤبدة في الثاني والعشرين من نوفمبر العام 1947.

وبعد مرور بضعة عقود على مقتل الخازندار، لحقه ثلاثة من أبناء السلك القضائي، منتصف مايو الماضي، هم المستشار عبد المنعم عثمان والمستشار محمد مروان والمستشار مجدي مبروك، إثر هجوم مسلح استهدف سيارتهم بالعريش تبناه تنظيم «ولاية سيناء» التابع لتنظيم «داعش».

أشباح «ولاية سيناء»
وجاءت واقعة اغتيال النائب العام عقب ساعات من بثِّ تنظيم «ولاية سيناء» شريطًا مصوِّرًا لاغتيال خمسة قضاة في سيناء شهر مايو الماضي، وذلك بالتزامن مع عمليات إرهابية طالت دولتي الكويت وتونس، وأثارت الحادثة ردود فعل مندِّدة على نطاق واسع محليًّا ودوليًّا، أجمعت على ضرورة التكاتف لمواجهة الإرهاب.

أكبر عملية اغتيال لمسؤول مصري منذ إطاحة الرئيس الأسبق محمد مرسي، تفتح صفحة جديدة من المواجهة بين الدولة المصرية والمتشددين، في وقت أعلنت فيه السلطات المصرية أنَّها لن تتراجع في حربها ضد الإرهاب.

مَن المسؤول؟
وبينما يتهم البعض جماعة الإخوان بالوقوف وراء الحادث أعلنت الجماعة أن «القتل مرفوض، والواقع المصري الحالي تجاوز الجميع»، فيما يتهم البعض الآخر التقصير الأمني بأنَّه الفاعل الرئيسي وراء الحادث.
وتولى المستشار هشام بركات منصب النائب العام يوم 10 يوليو 2013 ضمن فترة كان مقررًا انتهاؤها العام 2020.

وبركات هو ثالث نائب عام في مصر منذ ثورة 25 يناير 2011، حيث أصدر الرئيس الأسبق محمد مرسي إعلانًا دستوريًّا عزل بمقتضاه المستشار عبد المجيد محمود، النائب العام الأسبق من منصبه، وتعيين المستشار طلعت إبراهيم بدلاً عنه. وفي يوليو 2013، قضت محكمة النقض المصرية ببطلان تعيين المستشار طلعت إبراهيم وعودة عبد المجيد محمود، قبل أن يستقيل من منصبه.

وأصدر مجلس القضاء الأعلى المصري، في الرابع عشر من يوليو 2013، قرارًا بتعيين المستشار هشام بركات -الذي كان يتولى منصب رئيس المكتب الفني لمحكمة استئناف القاهرة- نائبًا عامًا، وقام بأداء اليمين الدستورية أمام الرئيس آنذاك المستشار عدلي منصور.

بركات في مواجهة الإرهاب
اقترن اسم المستشار هشام بركات بعديد القضايا المتعلقة بالإرهاب، حيث شغل منصب رئيس المكتب الفني والمتابعة بمحكمة استئناف الإسماعيلية وقت نظر قضية محاكمة المتهمين في قضية أحداث استاد بورسعيد المعروفة إعلاميًّا بـ«مذبحة بورسعيد»، كما تولى أيضًا قضية هروب المساجين من سجن وادي النطرون، الذين كان من بينهم الرئيس الأسبق محمد مرسي.

وأصدر المستشار هشام بركات قرارًا بفض اعتصامي رابعة والنهضة مقري اعتصام مؤيدي الرئيس الأسبق محمد مرسي، كما أصدر قرارًا بإحالة مرسي وقيادات جماعة الإخوان إلى محكمة الجنايات بتهمة «التخابر مع منظمات أجنبية»، كما أصدر بركات قرارًا بالتحفظ على أموال عدد من قيادات الإخوان من بينهم المرشد العام للجماعة محمد بديع ونائباه خيرت الشاطر ومحمد رشاد بيومي والقيادي بالجماعة محمد عزت إبراهيم والمرشد السابق مهدي عاكف.

هشام بركات في سطور
هشام محمد زكي بركات مواليد 21 نوفمبر 1951، تخرج في كلية الحقوق بجامعة عين شمس العام 1973، بتقدير جيد جدًا، وعُـيِّن كمعاون نيابة في ديسمبر من العام نفسه. وتدرج في النيابة العامة وتنقل للعمل في عدة محافظات، ثم انتقل إلى مرحلة العمل القضائي بدءًا من المحاكم الابتدائية، ثم الاستئناف، التي تنقل فيها بين الدوائر المختلفة.

والنائب العام الذي قضى نحبه متزوج من وكيلة أول الجهاز المركزي للمحاسبات سابقًا، ولديهما ثلاثة أبناء، حيث تعمل ابنته الأولى بإحدى الشركات، ويعمل نجله مدير نيابة، فيما عيِّنت نجلته قاضية في محاكم الجنايات والجنح والنقض، قبل 19 يومًا فقط، بقرار جمهوري.