Atwasat

«نيويورك تايمز»: إسرائيل في مأزق استراتيجي بين إطلاق «الرهائن» وتدمير «حماس»

القاهرة - بوابة الوسط السبت 20 يناير 2024, 08:41 مساء
WTV_Frequency

ذكرت جريدة «نيويورك تايمز» أن التقدم المحدود الذي أحرزته إسرائيل في تفكيك «حماس» بعد أكثر من مائة يوم من الحرب في غزة، كان سبباً في إثارة الشكوك داخل القيادة العسكرية العليا حول جدوى تحقيق الأهداف الرئيسية في زمن الحرب في الأمد القريب المتمثلة في القضاء على حركة «حماس» وأيضاً تحرير الرهائن الإسرائيليين الذين ما زالوا في غزة.

وأكد الصحفيان رونين بيرجمان وباتريك كينجسلي اللذان أعدا التقرير بالجريدة الأميركية أن «إسرائيل» فرضت سيطرتها على جزء «أصغر» من غزة في هذه المرحلة من الحرب مما تصورته في الأصل في خطط المعركة منذ بداية الغزو، وقد دفعت هذه الوتيرة الأبطأ مما كان متوقعا، بعض القادة إلى التعبير سراً عن إحباطهم إزاء استراتيجية الحكومة المدنية في غزة، ودفعتهم إلى الاستنتاج بأن حرية أكثر من 100 «رهينة» إسرائيلي ما زالوا في غزة لا يمكن تأمينها إلا من خلال الوسائل الدبلوماسية وليس العسكرية.

ولتقييم حالة الحملة العسكرية الإسرائيلية، قام رونين بيرجمان وباتريك كينجسلي بمراجعة خطط المعركة الإسرائيلية السرية وتحدثا إلى العديد من كبار القادة العسكريين والمدنيين في إسرائيل.

هدفان غير متوافقان 
وأشارت الجريدة إلى أن الهدفين المزدوجين المتمثلين في تحرير الرهائن وتدمير «حماس» أصبحا الآن غير متوافقين، وفقاً لمقابلات أجريت مع أربعة من كبار القادة العسكريين، الذين تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هوياتهم لأنه لم يُسمح لهم بالتحدث علناً عن آرائهم الشخصية.

-  سيناتورة أميركية تدعو لربط المساعدات لـ«إسرائيل» بسعيها نحو السلام
-  بايدن يناقش مع نتانياهو التطورات في غزة
كشف تقرير أميركي مظاهر توتر حاد بين بايدن ونتانياهو
-  الاحتلال يركز عملياته في جنوب غزة وسط خلاف مع واشنطن حول قيام دولة فلسطينية

وهناك أيضاً صراع بين المدة التي ستحتاجها «إسرائيل» للقضاء على حماس بشكل كامل، وهي عملية شاقة تستغرق وقتاً طويلاً في معركتها من الأنفاق تحت الأرض، والضغط الذي يمارسه حلفاء إسرائيل لإنهاء الحرب بسرعة وسط تصاعد الوفيات بين المدنيين.

وقال الجنرالات كذلك إن المعركة الطويلة التي تهدف إلى تفكيك «حماس» بالكامل ستكلف على الأرجح حياة «الرهائن» الإسرائيليين المحتجزين في غزة منذ 7 أكتوبر، والذين تقدر إسرائيل عددهم بنحو 240 أسيرًا.

وأطلقت حماس أكثر من 100 رهينة في نوفمبر، لكنها قالت إنها لن تطلق الآخرين ما لم توافق إسرائيل على وقف العمليات القتالية بشكل كامل. ويعتقد أن معظم «الرهائن» المتبقين محتجزون لدى خلايا حماس التي تختبئ داخل الأنفاق المحصنة تحت الأرض التي تمتد لمئات الأميال تحت سطح غزة.

صدع داخل الحكومة الإسرائيلية 
يوم الخميس، كشف غادي آيزنكوت، قائد الجيش السابق الذي يخدم في حكومة الحرب، عن صدع داخل الحكومة عندما قال في مقابلة تلفزيونية إنه من «الوهم» الاعتقاد بأنه يمكن إنقاذ «الرهائن» أحياء من خلال العمليات العسكرية. وقال آيزنكوت: «إن الوضع في غزة يجعل أهداف الحرب لم تتحقق بعد»، مضيفاً: «بالنسبة لي، لا توجد معضلة، المهمة هي إنقاذ المدنيين قبل قتل العدو».

وبحسب «نيويورك تايمز» فقد أدى هذا المأزق الاستراتيجي إلى تفاقم إحباط الجيش من تردد القيادة المدنية الإسرائيلية، وفقًا للقادة الأربعة. وقال القادة إن غموض رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن خطة ما بعد الحرب في غزة كان على الأقل جزئيا مسؤولا عن المأزق الذي يواجهه الجيش في ساحة المعركة.

ولم يوضح نتنياهو بعد كيف سيتم حكم غزة بعد الحرب، وقال القادة إنه بدون رؤية طويلة المدى للقطاع، لن يتمكن الجيش الإسرائيلي من اتخاذ قرارات تكتيكية قصيرة المدى حول كيفية «الاستيلاء على أجزاء غزة التي لا تزال خارج نطاق السيطرة الإسرائيلية». كما أن «الاستيلاء على الجزء الجنوبي من غزة، والذي يقع على الحدود المصرية، سوف يتطلب تنسيقاً أكبر مع مصر». لكن ثلاثة من القادة قالوا إن «مصر غير راغبة في المشاركة دون ضمانات من إسرائيل بشأن خطة ما بعد الحرب».

وردا على طلب للتعليق، أرسلته جريدة «نيويورك تايمز» قال مكتب نتنياهو في بيان إن «رئيس الوزراء يقود الحرب على حماس بإنجازات غير مسبوقة وبطريقة حاسمة للغاية». وفي خطاب ألقاه يوم الخميس، وعد نتنياهو بتحقيق «النصر الكامل على حماس»، وكذلك إنقاذ الرهائن. بينما رفض الجيش الإسرائيلي الرد على تعليقات القادة.

 تآكل أي دعم متبقٍ من حلفاء إسرائيل
ويخشى الجنرالات من أن تؤدي الحملة الطويلة، دون خطة لما بعد الحرب، إلى تآكل أي دعم متبق من حلفاء إسرائيل، مما يحد من استعدادهم لتزويد ذخيرة إضافية.

وأوضحت الجريدة ان الزعماء الأجانب شعروا بالقلق من «عدد القتلى الذي سببته الحملة الإسرائيلية: فقد قُتل أكثر من 24000 من سكان غزة في الحرب، وفقًا للسلطات الصحية في القطاع، مما أثار اتهامات، نفتها إسرائيل بشدة، بارتكاب إبادة جماعية».

وأشار الكاتبان في تقريرهما إلى أن عائلات الرهائن «أصبحت أكثر وضوحا بشأن الحاجة إلى تحرير أقاربهم من خلال الدبلوماسية وليس القوة». ومنذ ذلك الحين أُعلن عن وفاة بعض الرهائن الذين تم احتجازهم في غزة.

وبحسب الجريدة أيضا فإن من بين أكثر من 100 رهينة «تم تحريرهم منذ بدء الغزو، تم تحرير واحد فقط في عملية إنقاذ»، وجرت مبادلة الآخرين جميعهم بسجناء ومعتقلين فلسطينيين خلال هدنة قصيرة في نوفمبر.

قتل ثلاثة رهائن إسرائيليين على يد جنودهم 
وأشار تقرير«نيويورك تايمز» إلى أن «ومن خلال تركيز جهوده على تدمير الأنفاق، يخاطر الجيش الإسرائيلي بارتكاب أخطاء يمكن أن تكلف حياة المزيد من المواطنين الإسرائيليين. وقُتل ثلاثة رهائن إسرائيليين على يد جنودهم في ديسمبر، على الرغم من تلويحهم بالعلم الأبيض وهتافهم بالعبرية».

وقال أندرياس كريج، خبير الحرب في جامعة «كينجز كوليدج» في لندن: «في الأساس، إنها حالة من الجمود»، وأضاف: «إنها ليست بيئة يمكنك من خلالها تحرير الرهائن». قال الدكتور كريج: «إذا ذهبت إلى الأنفاق وحاولت تحريرهم بالقوات الخاصة، أو أي شيء آخر، فسوف تقتلهم»، «إما أن تقتلهم بشكل مباشر أو غير مباشر، في أفخاخ مفخخة أو في تبادل لإطلاق النار».

البديل المتبقي هو تسوية دبلوماسية 
وبحسب الجريدة ف
قد «جرى تدمير العديد من الأنفاق، لكن إذا تُركت الأنفاق المتبقية سليمة، فإن حماس ستبقى غير مهزومة فعلياً، مما يقلل من احتمال قيام الجماعة بإطلاق الرهائن تحت أي ظرف من الظروف دون وقف كامل لإطلاق النار».

والبديل المتبقي هو تسوية دبلوماسية يمكن أن تشمل إطلاق الرهائن مقابل إطلاق آلاف الفلسطينيين الذين تعتقلهم إسرائيل، إلى جانب وقف الأعمال العدائية. ووفقا لثلاثة من القادة الذين قابلتهم جريدة «نيويورك تايمز»، فإن الطريق الدبلوماسي سيكون أسرع وسيلة لإعادة الإسرائيليين الذين ما زالوا في الأسر.

 البنية التحتية لحماس متطورة
بالنسبة للبعض في اليمين الإسرائيلي، فإن التقدم المحدود في الحرب هو نتيجة للقرار الأخير الذي اتخذته الحكومة، في أعقاب الضغوط من الولايات المتحدة وحلفاء آخرين، لإبطاء وتيرة الغزو. لكن القادة العسكريين يقولون إن حملتهم تعرقلت بسبب البنية التحتية لحماس التي كانت أكثر تطورا مما قيمه ضباط المخابرات الإسرائيلية في السابق.

قبل الغزو، اعتقد المسؤولون أن شبكة الأنفاق أسفل غزة يصل طولها إلى 100 ميل؛ وكان زعيم حماس في غزة، يحيى السنوار، قد ادعى في عام 2021 أنها أقرب إلى 300 ميل.

يعتقد المسؤولون العسكريون الآن أن هناك ما يصل إلى 450 ميلاً من الأنفاق تحت منطقة تبلغ مساحتها 25 ميلاً فقط في أطول نقطة فيها. وتحت خان يونس وحدها، تقدر إسرائيل أن هناك ما لا يقل عن 100 ميل من الممرات، موزعة على عدة مستويات. وفي مختلف أنحاء غزة هناك ما يقدر بنحو 5700 فتحة تؤدي إلى الشبكة، مما يجعل من الصعب للغاية فصل الشبكة عن السطح لدرجة أن الجيش توقف عن محاولة تدمير كل فتحة يجدها.

«تحديد موقع كل نفق وحفره يستغرق وقتًا طويلاً وخطيرًا»
وبحسب تقرير «نيويورك تايمز» فإن «تحديد موقع كل نفق وحفره يستغرق وقتًا طويلاً وخطيرًا. والعديد منها مفخخ»، وفق الجيش الإسرائيلي. وبمجرد دخوله، يفقد جندي كوماندوز إسرائيلي مدرب تدريباً عالياً معظم الميزة العسكرية التي يتمتع بها فوق الأرض. الأنفاق ضيقة، وغالبًا ما تكون واسعة بما يكفي للمرور في طابور واحد. وهذا يعني أن أي قتال داخلهم يتحول إلى قتال مباشر من شخص لواحد.

عشية العدوان الإسرائيلي، قدر الجيش أنه سيقيم «سيطرة عملياتية» على مدينة غزة وخان يونس ورفح، أكبر ثلاث مدن في غزة، بحلول أواخر ديسمبر، وفقا لوثيقة التخطيط العسكري التي استعرضتها جريدة «نيويورك تايمز».

ولكن بحلول منتصف شهر يناير، لم تكن إسرائيل قد بدأت بعد تقدمها نحو رفح، المدينة الواقعة في أقصى جنوب غزة، ولم تتمكن بعد من إجبار «حماس» على الخروج من كل جزء من مدينة خان يونس، وهي مدينة رئيسية أخرى في الجنوب.

 سحب ما يقرب من نصف القوات المتمركزة في شمال غزة
وبعد أن بدأ أن الجيش السيطرة على شمال غزة في نهاية العام الماضي، قال إن الحرب دخلت مرحلة جديدة أقل حدة. وسحب الجنرالات ما يقرب من نصف القوات المتمركزة في شمال غزة والبالغ عددها 50 ألف جندي في ذروة الحملة في ديسمبر، ومن المتوقع رحيل المزيد بحلول نهاية يناير.

وأدى ذلك، بحسب الجريدة، إلى «خلق فراغ في السلطة في الشمال، مما سمح لمقاتلي حماس والمسؤولين المدنيين بمحاولة إعادة تأكيد سلطتهم هناك، مما أثار قلق العديد من الإسرائيليين الذين كانوا يأملون في هزيمة حماس بالكامل في المنطقة».

وأطلق «نشطاء حماس» في شمال غزة يوم الثلاثاء وابلا من نحو 25 صاروخا داخل المجال الجوي الإسرائيلي، مما أثار غضب الإسرائيليين الذين كانوا يأملون أنه بعد أشهر من الحرب تم تدمير قدرات حماس على إطلاق الصواريخ.

 السنوار وضيف ومروان عيسى «طلقاء»
وذكر تقرير «التايمز» أنه  في الأيام الأخيرة، «عاد ضباط الشرطة ومسؤولو الرعاية الاجتماعية التابعون للحكومة التي تديرها حماس إلى الظهور من مخابئهم في مدينة غزة وبيت حانون، وهما مدينتان شمالي البلاد. وحاولوا الحفاظ على النظام اليومي واستعادة بعض خدمات الرعاية الاجتماعية»، وفقًا لمسؤول إسرائيلي كبير تحدث دون الكشف عن هويته لمناقشة مسألة حساسة. ولا يزال كبار قادة حماس في غزة، بما في ذلك السنوار، ومحمد ضيف، ومروان عيسى «طلقاء».

ونقلت الجريدة عن بعض الساسة الإسرائيليين إن «إسرائيل قادرة على هزيمة حماس بشكل أسرع، وإنقاذ الرهائن، من خلال استخدام المزيد من القوة. ويقولون إن المزيد من العدوان قد يجبر «حماس» على إطلاق المزيد من الرهائن دون وقف دائم لإطلاق النار». وقال داني دانون، أحد كبار المشرعين من حزب الليكود الحاكم الذي يتزعمه نتنياهو: «يجب أن نمارس المزيد من الضغوط»، «لقد ارتكبنا خطأ عندما غيرنا الطريقة التي كنا نعمل بها».

 المزيد من القوة لن يحقق الكثير.
لكن المحللين العسكريين يقولون إن المزيد من القوة لن يحقق الكثير. قال الدكتور كريج: «إنها حرب لا يمكن الفوز فيها». وأضاف «في معظم الأوقات عندما تكون في حرب لا يمكن الفوز فيها، تدرك ذلك في مرحلة ما وتنسحب»، «ولم يفعلوا».

بينما يقول نتنياهو إنه لا يزال من الممكن تحقيق جميع أهداف إسرائيل، ورفض فكرة وقف الحرب. وقال في كلمته يوم الخميس إن «وقف الحرب قبل تحقيق الأهداف سيبعث برسالة ضعف».

المزيد من بوابة الوسط

تعليقات

عناوين ذات صلة
قيادي بـ«فتح»: يجب استعادة الوحدة الوطنية فورًا وقطع كل العلاقات مع الاحتلال
قيادي بـ«فتح»: يجب استعادة الوحدة الوطنية فورًا وقطع كل العلاقات ...
أبو مازن: الولايات المتحدة الوحيدة القادرة على إيقاف الاجتياح الإسرائيلي لرفح
أبو مازن: الولايات المتحدة الوحيدة القادرة على إيقاف الاجتياح ...
«الصحة الفلسطينية»: ارتفاع ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى 34 ألفا و454 شهيدا
«الصحة الفلسطينية»: ارتفاع ضحايا العدوان الصهيوني على غزة إلى 34 ...
مسؤولو الخارجية الأميركية يقرون بانتهاك الاحتلال الإسرائيلي القوانين الدولية في غزة
مسؤولو الخارجية الأميركية يقرون بانتهاك الاحتلال الإسرائيلي ...
غدا.. وفد من حماس يزور القاهرة لمواصلة محادثات وقف إطلاق النار في غزة
غدا.. وفد من حماس يزور القاهرة لمواصلة محادثات وقف إطلاق النار في...
المزيد
الاكثر تفضيلا في هذا القسم