بدأ عشرات آلاف الحجاج، الجمعة، مغادرة مدينة مكة المكرمة، بعدما أتموا مناسك الحج في أجواء شديدة الحرارة، حيث شارك أكثر من 1.8 مليون حاج من 160 دولة هذا العام في موسم الحج، أحد أركان الإسلام الخمسة وأحد أكبر التجمعات الدينية في العالم، وهو أكبر موسم حج منذ تفشي جائحة «كوفيد-19» التي أجبرت السلطات السعودية على الحد من أعداد الحجاج لثلاث سنوات.

والجمعة، أتمّ عشرات الآلاف من الحجاج اليوم الثالث من شعيرة رمي الجمرات في منى، قبل أن يستقلوا حافلات نحو المسجد الحرام في مكة المكرمة، لأداء «طواف الوداع». وبينما كان ينتظر وسط آلاف الحجاج لإلقاء الجمرات في أجواء حارة وخانقة، قال السائق التونسي محمد البشير (47 عاما): «أنا سعيد للغاية لانتهائي من أداء الحج بسلامة»، قبل أن يصب الماء على زميليه، لتخفيف أثر الحرارة عليهما. وقد فاضت شوارع مكة بحافلات تقل آلاف الحجاج المغادرين، بينما ترجل آخرون تحت مظلات ملونة، للوقاية من الشمس والحرارة التي بلغت 44 درجة مئوية الجمعة.

شدة الحرارة شكّلت التحدي الأكبر
شهد الحج خلال السنوات السابقة حوادث مميتة، من بينها عمليات تدافع واحتجاجات مسلحة، لكنّ شدة الحرارة شكّلت التحدي الأكبر هذا العام، حيث أصيب أكثر من ألفي شخص بإجهاد حراري هذا العام حتى الآن، حسب ما أعلنت السلطات الصحية السعوديّة، بعدما بلغت درجات الحرارة 48 درجة مئوية خلال ذروة أداء المناسك الثلاثاء.

وقد يكون هذا الرقم أعلى بكثير، حيث لا يتوجه كل المصابين للمستشفيات والمراكز والفرق الطبية العديدة التي نشرتها السعودية في أرجاء الأماكن المقدسة لدى المسلمين. بينما بلغ عدد الوفيات بين الحجاج هذا العام 240 شخصا على الأقل، على ما أفاد مسؤولون في عدة بلدان دون أن يقدّموا أسبابا مباشرة لوقوع الوفيات أو يربطوها مباشرة بموجة الحر الشديد، ولم تُسجل أي حوادث تذكر هذا العام.

- ليبيون كبار السن سعداء بأداء فريضة الحج رغم شدة الحر
- الحجاج يرمون الجمرات في أول أيام التشريق (صور)

ومنذ العام 2017، يحلّ موسم الحج في أشهر أغسطس يوليو ويونيو، الأكثر حرا في السعودية ومنطقة الخليج، لذلك تمنع المملكة العمل في الهواء الطلق من الساعة 12 ظهرًا حتى الساعة الثالثة عصراً بدءا من 15 يونيو، ولمدة ثلاثة أشهر.

درجات الحرارة القصوى قد تصبح ظاهرة في الخليج
وحذر خبراء من أنّ درجات الحرارة القصوى في الصيف التي تصل إلى 50 درجة مئوية يمكن أنّ تصبح ظاهرة تتكرر في سائر فترات السنة في الخليج.

وفي 2021، حذّرت لجنة تابعة للأمم المتحدة معنية بالتغير المناخي من أنّ الخليج قد يصبح مكانا غير ملائم للحياة بحلول نهاية القرن الحالي بسبب شدة الحرارة. ويشكّل الحج مصدر دخل رئيسيا للمملكة، حيث تُقدّر إيرادات المناسك والعمرة والزيارات الدينيّة الأخرى على مدى العام بنحو 12 مليار دولار سنويًا.

وأعرب أصحاب الأعمال في مكّة عن سعادتهم بعودة الحجّ إلى طبيعته، وهو ما عوضّهم عن الخسائر الفادحة التي تكبّدونها خلال الأعوام الثلاثة الماضية. وقال البائع اليمني فيصل بسعادة في مكة: «عاد الحجاج وعادت الأرباح»، بينما كان متجره للهدايا التذكارية يعج بالزبائن بعد منتصف ليلة الخميس الجمعة.