بعد أن كرّس حياته لعلم الأحياء المجهرية، ثم لنشر العلوم، بدأ الأستاذ الفخري بجامعة «كونيتيكت» كينيث نول البالغ 66 عاماً، يضع نفسه مكان عالم الطبيعة تشارلز داروين (1809-1882)، بعدما اقترح عليه أحد زملائه تقليده خلال إحدى الفعاليات الجامعية.

ويقول نول «لقد أتقنتُ لهجتي البريطانية والمعارف المتوافرة لديّ عن تشارلز داروين، وكانت تلك البداية»، مقراً بأن لحيته الطويلة مزيفة، ويقول باسماً «زوجتي لم تكن لتتسامح مع ذلك»، وفقا لوكالة «فرانس برس».

بلحيته الرمادية الطويلة وقبعته وزيه القديم، وبطلّة شبيهة بمظهر الرجال الإنكليز في القرن التاسع عشر يحيي الباحث الأميركي المتقاعد المتخصص في علم الأحياء المجهرية، ذكرى داروين في جزر غالاباغوس، بعد ما يقرب من قرنين على إقامة عالم الطبيعة الإنكليزي في الأرخبيل الذي ألهم نظريته الشهيرة حول تطور الأجناس.

- 150 عاما على كتاب «نشأة الإنسان»
- بعد سرقتهما.. نداء من «كامبريدج» للعثور على دفتري ملاحظات داروين
- دراسة: الشمبانزي تستطيع التفكير في بدائل مثل الإنسان

يستكشف كينيث نول الأرخبيل الواقع قبالة ساحل الإكوادور من خلال تسجيل انطباعاته في دفتر صغير، بالطريقة نفسها التي اعتمدها ملهمه، ويهدف نول حالياً إلى نقل إرث الرجل الذي أحدث ثورة في علم الأحياء بعد زيارته عام 1835، وهو في السادسة والعشرين من عمره، لهذه المجموعة البركانية المكونة من 19 جزيرة كبيرة وعشرات الجزر الصخرية.

استعان داروين بملاحظاته عن النباتات والحيوانات الفريدة في المكان، لا سيما بمناقير العصافير الموجودة في الأرخبيل، لتطوير نظريته الشهيرة حول تكيف الأنواع مع بيئتها، ويقول البروفيسور السابق، الذي يتابع رحلة مؤلف كتاب «في أصل الأنواع» (1859)، ليس على السفينة العلمية «اتش ام اس بيغل»، بل عبر رحلة بسفينة سياحية «أعتقد أنه كان ليقدّر ما أحاول القيام به». 

نول يتقمص شخصية داروين
هذه التجربة «انغماسية للغاية»، وفق ما يؤكد الرجل الذي ينغمس في كتابات داروين كل عرض، سواء في مدرسة أو جامعة أو حتى كنيسة، لاستعادة جوهرها، ويذهب إلى حد استخدام الكلمات التي كان ليقولها عالم الطبيعة لو كان موجوداً.

ويضيف نول، خلال تنقله على الصخور البركانية بجوار حيوانات من أنوع غريبة تتميز بها المنطقة بينها الإيغوانا البحرية، إن هذه الرحلة «مهمة للغاية بالنسبة لي وتمنحني أساساً أكثر صلابة لفهم كل ما كتبه وما قاله الناس عنه».

في شوارع بويرتو أيورا، البلدة الرئيسية في جزيرة سانتا كروز، يقف سياح يرتدون ملابس السباحة والصنادل مع الرجل الذي أعاد إنتاج مكتب تشارلز داروين في قبو منزله.

ويستمع إليه آخرون في المكتبة الصغيرة بالجزيرة التي تضم محطة أبحاث تشارلز داروين، التابعة لمؤسسة تحمل الاسم نفسه تتولى منذ أكثر من 60 عاماً مسؤولية ضمان الحفاظ على هذا الكنز الطبيعي، المصنف على قائمة منظمة اليونسكو للتراث الطبيعي للإنسانية.