Atwasat

الهروب من الربيع!

عمر أبو القاسم الككلي الأحد 06 مارس 2016, 09:56 صباحا
عمر أبو القاسم الككلي

يرغب البشر في العيش في الموطن، أو الوطن. ونعني بالموطن مسقط رأس الشخص ومحل سكنى أسرته وقومه، أو محل سكنى قومه حتى لو لم يكن مسقط رأسه. أما الوطن فنعني به البلد أو الدولة. والإحساس بالانتماء الأخير حديث جدا وتربى في كنف تكون الدولة بالمفهوم السياسي المتطابق مع مقررات القانون الدولي.

فـ"الككلي" مثلا، كان انتماؤه الوجداني إلى قبيلته المعينة المحدودة، أو إلى منطقة ككلة وليس إلى ليبيا التي لم يكن لها وجود مؤطر داخل حدود مرسومة ولم تكن متعينة في دولة بمفهوم القانون الدولي.

وحالات الانتقال للعيش في غير الموطن والوطن كانت تقتضيها ظروف اقتصادية ومعيشية أو كوارث طبيعية وحالات غزو. أما حالات الانتقال الفردي للإقامة في وطن بعيد فتستلزمها عوامل تتعلق بالفرد أو به وبأسرته كمتطلبات العمل، أو الانشقاق عن الأسرة، وما إلى ذلك.

مع استقلال المستعمرات السابقة وتأسس أنظمة الحكم المحلية فيها، استمرت حالات مغادرة هذه الأوطان من قبل أعداد متزايدة من مواطنيها لأسباب الفقر والبحث عن لقمة العيش وبعضهم يهلك في الصحارى أو تبتلعه الأمواج و"يأكله المالح" قبل الوصول إلى "بر الأمان". أما إذا وصل إلى أحد البلدان الأوربية فيطمئن قلبه حتى لو عومل معاملة سيئة وحشر في معسكرات المهاجرين غير الشرعيين.

وكانت أعداد أخرى تهاجر لأسباب سياسية متعلقة بالقمع ومصادرة الحريات والحقوق العامة. وفي الأنظمة التي اتخذت بعض الإجراءات" الاشتراكية" هاجر منها عدد من رجال الأعمال وأصحاب الثروات.

في بعض دول "الربيع العربي" مثل ليبيا، تزايد الهروب من الربيع وصار الحصول على حق الإقامة في بلد غربي ثم نيل جنسيته حلم كثيرين.

في حديث على الخاص في الفيسبوك مع ابني الأصغر قاسم(14 سنة) المقيم في كندا، قال لي أن لديه خبرا سارا يريد أن يخبرني به. استفسرت منه عن ماهية هذا الخبر السار. فقال لي أنه صار يحق لهم التقدم بطلب الحصول على الجنسية الكندية هذه السنة!

قلت له:
ممتاز!
لكن تصور إلى أين أوصلونا يا ولدي! صرنا نفرح بنيل جنسية بلد أجنبي.

فرد عليَّ بأن حصوله على الجنسية الكندية يمكنه من السفر إلى دول عديدة دون تأشيرة وتتم معاملته في المطارات باحترام!
قلت له: نعم. صحيح.

أكد لي بأنهم (يعني نفسه وأخويه الأكبر منه وأمه) سيظلون ليبيين ويحبون ليبيا وأنهم في كل مكان يذهبون إليه يعلنون عن ليبيتهم بكامل الثقة.
لكن الحصول على الجنسية الكندية مفيد.

قال. نعم. مفيد جدا. أكدت على كلامه مضيفا:
بحصولكم على الجنسية الكندية يحق لكم دعوتي إلى المجيء إلى كندا باعتباركم مواطنين كنديين! وعدني أن يفعلوا ذلك في أقرب فرصة.

أنا الآن، بانتظار هذه الفرصة، على أمل الحصول على الجنسية الكندية بمقتضى "كندية" أبنائي وقضاء بقية حياتي بهدوء في كندا.