Atwasat

ذريعة الأزلام

عمر أبو القاسم الككلي الإثنين 23 فبراير 2015, 10:55 صباحا
عمر أبو القاسم الككلي

في مسرحية «بياع الخواتم» للأخوين رحباني، يخترع مختار «الضيعة» المولع باختلاق حكايات ينسب فيها إلى نفسه أعمالاً بطولية فائقة، شخصية قاطع طريق مخيف اسمه «راجح»، ويحكي عن لقاءاته ومواجهاته معه وكيف يلوذ «راجح» بالفرار منه في كل مرة. يكتشف شابان خبيثان اللعبة فيشرعان في القيام بعمليات سطو وسرقة بحيث تتم نسبتها إلى «راجح».

صرت أتذكّر هذه الحكاية كلما ورد، على ناظري أو مسمعي، ذكر لـ«أزلام» نظام القذافي وجرائم عرقلة بناء دولة ليبيا بعد 17 فبراير 2011 التي تنسب إليهم.

نعم. يوجد «أزلام» وثمة عدد منهم أشرار ومجرمون لابد من مطاردتهم قانونيًا ومحاسبتهم قضائيًّا. لكنْ ثمة «أزلام» لم يرتكبوا جرمًا

ودائما أتساءل: ما علاقة «الأزلام» بعرقلة بناء جيش وطني وشرطة وطنية على أسس احترافية والسعي، بدلاً من ذلك، إلى بناء هاتين المؤسستين على أسس رؤية دينية محددة؟ ما علاقة الأزلام باغتيال عدد من ضباط الجيش من ذوي الكفاءة الذين قد يعتبرون أزلامًا للنظام الذي ينسب إليه هؤلاء الأزلام؟! ما علاقتهم باقتحام مقر أعلى هيئة سلطة في البلاد، هي المؤتمر الوطني العام المنتخب شعبيًا، أثناء انعقادها وحجز حرية المؤتمرين وإهانتهم ومحاولة إرغامهم على توقيع قانون فاشي معاد للحرية ومتعارض مع حقوق الإنسان؟ وقبل ذلك وبعده معادٍ لهم؟! ما علاقتهم باقتحام قناة فضائية وترويع العاملين فيها؟ ما علاقتهم باقتحام مكتب رئيس الوزراء ووزارتي العدل والخارجية؟ ما علاقتهم بخطف رئيس وزراء؟ ما علاقتهم بالسجون التابعة للجماعات المسلحة وبعمليات الاختطاف والتعذيب والقتل؟ ما علاقتهم ببيع بوخة قاتلة أودت بأرواح المئات وأضرت بأعداد كبيرة أخرى؟ ما علاقتهم بشن حرب ضروس بسبب أن قوى معينة (ليست من الأزلام بكل تأكيد) لم تنل حصة مُرْضية في مجلس نواب منتخب لا مطعن في نزاهة انتخابه؟ ما علاقتهم بتهديم الآثار وتفجير الأضرحة والقبور؟ ما علاقة الأزلام بالعمليات الانتحارية التي يذهب ضحيتها العشرات؟ ماعلاقة «الأزلام» بكل هذا والكثير سواه؟؟!!.

في نهاية المسرحية يتضح أن ثمة شخصًا بنفس الإسم وأنه جاء الضيعة كي يبيع الخواتم في «عيد العزابة» الذي يقام سنويًّا هناك ويتعارف فيه الشبان والفتيات وتعقد فيه اتفاقات زواج.

بالطبع نحن لا ننفي وجود «الأزلام» ولا نقول بأنهم مجرد بائعي خواتم من أجل الأفراح!. نعم. يوجد «أزلام» وثمة عدد منهم أشرار ومجرمون لابد من مطاردتهم قانونيًا ومحاسبتهم قضائيًّا. لكنْ ثمة «أزلام» لم يرتكبوا جرمًا وأعتقد أن همهم الآن هو الدخول في إطار الدولة الجديدة.

إلا أن هذه الدولة الجديدة، التي تحفظ حقوق المواطنة وتحترم حقوق الإنسان وتطبق العدالة، من الضروري أن تكون دولة ديموقراطية، وما يقوم به الآن غير «الأزلام» بذريعة وجود «الأزلام» لا يخلق سوى دولة استبداد من المؤكد أنها ستكون، لو قامت، أفدح استبدادًا من دولة معمر القذافي وأزلامه.